عن ذكرى الغزو وصك غفران صدام!.. تكتب فاطمة الشايجي

زاوية الكتاب

كتب 817 مشاهدات 0


الشاهد

لا تقربوا.. أم مضاوي

د. فاطمة الشايجي

 

ذكرى الغزو أليمة لمن لديه إحساس وولاء فقط. هي مشاعر تعتصرنا، ودموع تنهمر من أعيننا، وآهات تفرزها صدورنا. عن نفسي، كلما شاهدت أغلب من أتابعهم في تويتر قد كتبوا «اللي مضيع ذهب بسوق الذهب يلقاه، واللي مفارق محب يمكن سنة وينساه، بس اللي مضيع وطن.. وين الوطن يلقاه؟»، تذكرت صوت أخي الأسير الشهيد بدر، فقد كان يتغنى بها كثيرًا. وأذكر أنني قلت له يوما: «لنفترض أنه قد حدث مكروه للكويت، هل ستضحي بنفسك من أجلها؟». لم يجبني بدر واستمر في غنائه.  أمانة ليس لأنه أخي، ولكن كان صوته شجيًّا. وحدث المكروه في 2/8/1990 ونحن خارج الكويت، وفجأة وجدنا بدر عائدا إليها وهو ابن الحادية والعشرين.  فلم تكن بالنسبة له مجرد أغنية يتغنى بها، كانت حقيقة.

لن أنسى كيف خطط ليعود إلى الكويت، فوالدتي -رحمها الله- حاولت أن تمنعه كأي أم تخاف على أبنائها. ولكن الكويت رزقت برجال ونساء كان ولاؤهم أقوى من أي عاطفة أخرى. لن أسرد قصة أحداث الانتظار والخوف والهلع في هذه الفترة المشؤومة ، عليه وعلى الكويت، أو فرحتنا بالتحرير على أمل لقائه بعد أن تم أسره. ولن أكتب عن تناقص ذلك الأمل إلى أن أتى لنا خبر «اعتباره شهيدًا» .لا أزال أتذكر كل شيء عن بدر، كل حركة، وموقف، وكلمة، وفعل! هي ذكريات مؤلمة جدًا. اللهم ارحم شهداءنا يارب, لكننا نتألم أكثر عندما يظهر لنا من لا يقدر هذه المشاعر، ولا يحترمها، بل يتعمد البعض منهم استفزازنا! نجدهم يترحمون على الطاغية صدام حسين، وبصفة خاصة في ذكرى الغزو العراقي الصدامي.

حزني وألمي في الذكرى الرابعة والعشرين للغزو العراقي الصدامي دفعاني للكتابة في حسابي بتويتر: «من يترحم على صدام على أساس أنه نطق بالشهادتين لحظة إعدامه، نقول لهم  الله يحشركم معاه. اللهم تقبل منا يارب العالمين.» لا أعتقد أنني لعنت أو أسأت لأحد، فإن رأيتم أحقيته بالشهادة أو الجنة ، فلكم مثلها. ولا أرى مانعًا من أن أرفع يدي إلى الخالق وأردد دائما: «الله ينتقم منه، والله لا يحلله، والله لا يغفر له» .

لذا حدث نقاش في تويتر؛ فبعض محبيه فهموا أنني ألعن صداماً،
أو قد يكون أحد المشاركين في النقاش لعنه، وهو رد فعل طبيعي لما صدر منه من ظلم وغدر، فشاركتنا
أم مضاوي  مغردة من السعودية وقالت: لا يجوز لعن مسلم ووضعت لنا حديث الرسول صلى الله عليه وسلم: «‏ليس المؤمن بالطعان
ولا اللعان ولا الفاحش ولا البذيء» رواه الترمذي.  وأنا أؤيدها، فاللعن ليس من صفات المؤمن، ولكني أختلف معها في أمرين: أولهما، أنها اتبعت نظام من يأخذ نصف الآية «ولا تقربوا الصلاة» وتوقفت، وثانيهما، أنها أكدت أكثر من مرة خلال نقاشها أن اللعن لا يجوز، وأنا اعتقد بأمرين إما أنها لم تقرأ حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، عن أبي الدرداء قال: قال رسول الله « إن العبد إذا لعن شيئاً صعدت اللعنة إلى السماء، فتغلق أبواب السماء دونها، ثم تهبط إلى الأرض، فتغلق أبوابها دونها، ثم تأخذ يميناً وشمالاً، فإن لم تجد مساغا رجعت إلى الذي لعن فإن كان أهلاً، وإلا رجعت إلى قائلها» رواه أبو داود وحسنه الألباني لغيره،  أو أنها - والله أعلم - تعلم بهذا الحديث، ولكنها تجد أن صدام حسين شخص ليس أهلا لهذه اللعنة، ولا يستحقها لأنه لم يرتكب ذنباً من وجهة نظرها، فهي ترى أنه كان يدافع عن السنة بقتل الشيعة. والأدهى والأمر، أنها قامت باللعن بعدها.  أي إسلام هذا الذي يصنف ويقتل البشر؟ أي إسلام هذا الذي يتخذ أصحابه طاغية رمزًا لهم ويعتبرونه حامي حماهم؟ أي إسلام هذا الذي يأخذ أصحابه ما يتوافق مع أهدافهم من القرآن والسنة وبناء عليه يوزعون صكوك الغفران والرحمة على من يريدون؟

في النهاية، من كان يرفض اللعنة على صدام ، لو كانوا على ثقة بأنه كان رجلاً عادلاً لما دافعوا عنه، وتركوا اللعنة تعود على قائلها وتجنبوا عناء الرد، وليحشرنا الله جميعًا مع من نحب.

الشاهد

تعليقات

اكتب تعليقك