لم يبد مستقبل المنطقة غامضاً معقداً كما هو اليوم!.. هكذا يعتقد خليل حيدر

زاوية الكتاب

كتب 603 مشاهدات 0


الوطن

طرف الخيط  /  محاولة.. في قراءة البدائل

خليل علي حيدر

 

في الظروف السياسية الراهنة، معظم ما في السلة العربية «خيار مرّ»! وبدائل ربما أشد مرارة.. كما يراها كل طرف منا!
انظر الى الواقع، الأوضاع الحالية في «المنطقة»، وبخاصة العراق ودول الشام وبلدان مجلس التعاون الخليجية واليمن كيف يتحقق لنا الاستقرار في القادم من الأيام؟
ومن تفضل أن تكون له اليد العليا في المنطقة.. إن كان لا بد من الاختيار؟ من يعطيك الأمان المطلوب؟ ثمة احتمالات ومنها:
-1 بقاء الحال على ما هو عليه.
-2 أن تسقط هذه الأنظمة تحت ضربات الجماعات الاسلامية السياسية والجهادية، ويقام نظام أو أنظمة على «قواعد الشريعة الاسلامية»، التي قد يقيمها الاخوان او «داعش» او «القاعدة» او جماعة اسلامية أخرى.
-3 أن تهيمن الجامعة العربية ودول مجلس التعاون بمعجزة سياسية او من خلال تنسيق ما او اتحاد خليجي أو غير ذلك، وهذا مستبعد في المستقبل المنظور للأسف!
-4 التنسيق مع الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي وحلف الناتو.
-5 الجمهورية التركية و«حزب العدالة والتنمية» الاسلامي.
-6 الجمهورية الاسلامية الإيرانية؟ هل ستكون «فتوحات» و«مغازي» داعش، وتزايد مخاطره، لصالح دور ايراني أكثر قوة؟
-7 إسرائيل.
كيف ترتب هذه الخيارات والقوى، إن كان لا بد من ذلك؟
أ – إن بقاء الأوضاع كما هي في كل دول المنطقة مستبعد في ظل ما يجري، بخاصة في سورية والعراق واليمن، وكذلك على مستوى الصراعات السياسية والطائفية حتى في الدول التي تبدو مستقرة، كما ان قوى لا يستهان بها تعمل لانجاح تغييرات تتمناها، قد تكون مخيفة لنا ولكن لا بد من دراسة مخاطرها.
ب - اقامة أي «نظام اسلامي» وفق الشريعة، وسط هذه الجماعات والصراعات والاستقرار السياسي والامني والاقتصادي، فالصراعات بين الاسلاميين انفسهم لن تحسم ولن تنتهي، والنموذج المطلوب للدولة الاسلامية الحديث غائب ومثير للجدل، وحول سياساتها الداخلية والخارجية علامات استفهام. هدم الأوضاع القائمة أو التفريط فيها من أجل «نموذج شرعي» مجهول الحاضر والمستقبل مغامرة غير مأمونة العواقب.
حـ - لو كانت دولنا ونخبنا وثقافتنا الخليجية والعربية تسمح، فلربما كان الخيار الثالث أفضل البدائل. ولكن المصالح الآنية للاسف طاغية، والتطلعات متضاربة، والمخاوف المتبادلة حية. فمن المستبعد ان تنظر الدول الخليجية أو العربية أو الاقليمية لنفسها ولمن اصغر منها حجما وسكانا وثراء على نحو متساوٍ، كما عليه الحال في الاتحاد الاوروبي، واذا كانت الديموقراطية العربية والخليجية متعثرة على الصعيد الداخلي والوطني، فكيف تنجح على صعيد اتحادي؟
د – تقول مؤشرات كثيرة ان الولايات المتحدة لم تعد مستميتة في وضع هذه المنطقة على سلم اولوياتها. فمفاجآتها الشرق الاوسطية كثيرة، وازماتها متكررة متوالية، وروحية الاستبداد والتسلط فيها لا تنضب، وثقافتها القومية والدينية معقدة ومؤثرة في حياتها المعاصرة. ولم تعد الولايات المتحدة بحاجة ماسة الى البترول، والى القواعد العسكرية، ولا حتى الى حماية اسرائيل. وربما ان قررت امريكا اعطاء الاولوية لمناطق اخرى في اسيا أو امريكا الجنوبية أو حتى القطب الشمالي عندما تذوب ثلوجه ويتحول الى ممرات بحرية بين امريكا وروسيا واوروبا، فقد نجد انفسنا هنا في بلدان الخليج العربي والدول العربية في ورطة كبيرة.
وكما قال الشاعر العربي ذو الرؤية الاستراتيجية:
ربّ يومٍ بكيتُ منه فلما
صرتُ في غيره بكيتُ عليه
هـ - هل يمكن الاعتماد استراتيجيا على الجمهورية التركية في منطقتنا الخليجية والعربية؟ طبعا لا يمكن، مهما بدا هذا البديل مقنعاً وجميلاً في بعض جوانبه. فأولويات المصلحة الوطنية التركية الآن متجهة صوب الاتحاد الاوروبي، ولتركيا مشاكل مع سورية ومصر والعراق، كما ان الاسلاميين الاتراك لا يفهمون تعصب وانغلاق الاسلاميين العرب والخليجيين وتشددهم المذهبي الذي يترجم تنظيم «داعش» بعض ملامحه. واذا كانت تركيا بصدد تحديث مؤسساتها وتلطيف سحنتها الدينية والثقافية في الغرب، والارتقاء باقتصادها، واذا كنا نأخذ بالاعتبار كذلك ان تركيا دولة غير نفطية وبحاجة الى علاقات حسن جوار و«حسن تبادل مصالح» مع ايران، ومراعاة مصالحها الاقتصادية في البلدان الخليجية في الوقت نفسه، وتهدئة السعودية مهما تردت علاقات تركيا مع مصر.. فسنرى لكل هذه الاعتبارات ان البديل التركي ليس بالسلاسة التي يتصورها بخاصة من يتخوف من تفاقم النفوذ الايراني، أو ينظر الى القضية من الزاوية المذهبية والطائفية.
و – أضاعت ايران على نفسها الكثير من فرص التقارب وحيازة مكانة خليجية وعربية متميزة، وذلك لاتباعها جملة سياسات ادت الى مضاعفة عزلتها، رغم استعداد العديد من دول المنطقة لتطوير علاقاتها مع ايران، ورغم وجود فرص استثمار ضخمة في ايران للخليجيين، مقابل اسواق واسعة للبضائع الايرانية في الخليج والعالم العربي.
ولا يستطيع أي محلل ان يفسر لمَ فعلت ايران بنفسها كل هذا، وما استفادت من مثل هذه السياسات، ولم لم تقم بأي مراجعة لها بعد مرور اكثر من ثلاثين عاما على الثورة. وهكذا، تعاني اليوم ايران، ازاء المنطقة الخليجية والعربية من جملة حواجز قومية ومذهبية وسياسية تمنع ازدهار أي علاقة طبيعية بين ايران ودول المنطقة.
كم من ملايين الدولارات تخسرها ايران كل يوم ثمنا لمثل هذه السياسات؟ كم من فرص العمل وارتقاء معيشة المواطنين تضيع على الشعب الايراني؟
ز – نصل في النهاية الى اسرائيل التي لا يُتوقع ان تقيم معها دول المنطقة علاقات طبيعية دون ان تحل القضية الفلسطينية، ولهذا يبقى النقاش حول دورها مُعلّقاً. غير اننا بحاجة لأن ندرس جوانب من سياساتها ونجاحاتها الاقتصادية والعلمية وغير ذلك، وهذا حديث آخر.
والآن، ما الخيار وما العمل؟ لم يبد مستقبل المنطقة غامضا معقدا.. كما هو اليوم!

تصويب
جاء في مقال «أصولية جاناتا».. الهندوسية أن عدد الهندوس 282 مليون نسمة، والرقم الصحيح، بدلاً عن هذا الخطأ المطبعي، 822 مليوناً.. مع اعتذارنا للقراء الكرام.

الوطن

تعليقات

اكتب تعليقك