عبدالعزيز الدويسان يكتب.. من لا شيء إلى كل شيء

( الطريق لا تقطعه في خطوة واحدة كبيرة ، ولكن تقطعه دائما في خطوات صغيرة كثيرة ) ، '  بيتر ايه ' .

في أوائل شهر مايو من عام 1945 تستسلم ألمانيا للدول الحلفاء ، البلد مهدم .. بنية تحتية مدمرة .. معنويات الألمان منهارة .. القتلى بالآلاف .. ملايين اللاجئين .. اصابات وجرحى بأعداد رهيبة .. نقص بالعتاد .. الطعام .. الشباب ، مشهد يصعب تخيله لكيفية إعادة بناء دولة ! ، صعوبة ايجاد حل ومنهم من قرر الانتحار لأنهم سيموتون من الجوع او العطش أو التعذيب ، وأمل يخرج من الألم وبدأ يطرح التساؤل ' لقد كنا قبل الهزيمة دولة عظمى ، فما المانع أن تقوم مرة اخرى ونحاول من جديد ؟ '

فالنجاح يأتي على مراحل ووضع أهداف وخطط لتحقيقها ، فالمرحلة الأولى إعادة البناء من ( 1945 _ 1955 ) رفعوا شعار ' لا تفقدوا الأمل أبدا .. نحن شعب قوي ' ، الأمل والعمل شعارهم وخلال هذه المرحلة احرز الألمان لقب المونديال للمرة الأولى عام 1954 جعل العالم ينظر لهم بإعجاب وذهول وقوة الإرادة .

المرحلة الثانية ( 1955 _ 1965 ) مرحلة التصنيع : استوردوا الأيدي العاملة ويقدر عددهم بالملايين وكانوا يكتبون داخل كل مصنع هذا الشعار ' الجدية _ الانضباط _ الحرص على العمل ' زاد الانتاج بالهمة العالية وقفزت معدلات عالية بمؤشرات التنمية .

مرحلة الثالثة (1965 _ 1975 ) مرحلة تعميق الشعور الوطني : البدء بتشغيل المصانع وأصبح هناك رجال اعمال وأصحاب مصانع ، قامت الحكومة بتكليف كل منهم بتدريب الشباب وإيجاد فرص عمل لهم وللقضاء على البطالة ومزيد من العمل وتعميق روح الانتماء للبلد .

وبعد 1975 أين تجد ألمانيا ؟ أحد أكبر وأقوى الاقتصادات العالمية ،  وصرح وزير المالية الألماني ' أن موازنة 2015 يسعى لأن تكون بلا ديون لأول مرة من أكثر من 40 عام ستكون بمنزلة حجر أساس في السياسة المالية ، تتميز بالقطاعات العلمية وحداثة الابتكار ، السياحة العالمية بسبب عراقة التاريخ وحيوية الحاضر ،  لا ننسى الشعار الشهير' صنع في ألمانيا ' يرتبط بالابتكار والابداع والتميز ، التعليم العالي أكثر من 100 جامعة وأكثر من 170 معهد تخصصي ، وسمعتها الطبية وتواجد أشهر واكفأ الأطباء ، الثقافة بتنوع المتاحف الفنية والتاريخية والتقنية والمعمارية والأدبية ويصل عددها إلى 6 آلالاف ، في المجال الرياضي البوندسليغا أحد أقوى الدوريات العالمية ويمتاز بأكثر معدلات الحضور الجماهيري ، وتوجت أخيرا بالنجمة الرابعة للمونديال وكان حضور من أعلى المستويات في البلاد لتشجيع المنتخب بتواجد الرئيس الألماني يواخيم جاوك والمستشارة انجيلا ميركل .

ألمانيا قدمت مثال للنهضة بعد السقوط ومن الانهيار والانكسار ومثال حي لشعوب العالم لمن يريد النهوض في بلاده والتقدم والتنمية .