صالح الشايجي يكتب: بالحب يحيا الإنسان وبالكره يموت!
زاوية الكتابكتب يوليو 13, 2014, 11:08 م 442 مشاهدات 0
الأنباء
بلا قناع / أمنا الحياة
صالح الشايجي
تهذيب النفوس يكون بتليينها وترقيقها وترقيتها من خلال زرع مفاهيم وقيم إنسانية جاذبة لا منفرة، مقربة لا مبعّدة، تبدأ من الصغر ومن المهد لتنزرع في قلوب أصحابها حتى اللحد.
والجمال في الحياة أكثر من القبح، والخير فيها أكثر من الشر، وإنّي لأكاد أقول إنه لا قبح في الحياة إلّا من صنع الإنسان، ولا شر فيها إلّا ما صنع هو. والكبار مسؤولون عن صغارهم حتى يكبروا، والكبار تشمل بالدرجة الأولى الوالدين ثم بقية الأهل من إخوة وأخوات ثم تتسع الدائرة لتضم الأقارب والأصدقاء والمدرسة والمجتمع.
تربية الفرد الصغير إذن مسؤولية اجتماعية أو مجتمعية كاملة يتشارك فيها الجميع، لذلك فإن الطفل في الدول المتحضرة لا يترك طوع بنان والديه يزجرانه أو ينهرانه أو يضربانه، فقد بات في عهدة الدولة منذ أطلق صرخته الأولى التي استقبل بها الحياة، وللوالدين حق محدد لا مطلق في تنشئة أبنائهما، لأنهم هناك ينظرون إلى الطفل على أنه ابن الدولة وابن المجتمع وبالتالي فهو عنصر عام لا خاص، فخيره للمجتمع كله وشره وبال على المجتمع كله.
وأذكر أننا في كويت الخمسينيات كنا قريبين من هذه الحالة المثالية، حيث إن الدولة كانت شريكا أو شبه شريك للأهل في تربية الأبناء، فكانت تتعهد الأطفال بزرع قيم جمالية في نفوسهم تساعد على تهذيبها وتدفع إلى توعية مداركهم على قيم الخير والجمال في الحياة من خلال تجميل الحياة أمامهم سواء بالمعنى المادي أو المعنوي، فكان الجمال والنظافة والأخلاق الحسنة هي القوائم التي تقوم عليها المناهج الدراسية في مختلف موادها، وكانت المدرسة مختبرا لاكتشاف المواهب الرياضية والفنية والأدبية.
ولا أذكر أننا في صغرنا ونحن نتلقى دروسنا أنْ قرأنا ما يثير في نفوسنا الكراهية أو البغض ضد الآخر المختلف عنا في اللون أو الدين أو العرق، فلم تنشأ نفوسنا على كراهية أحد ولا تحقير أحد ولا حتى الإحساس بالاختلاف عن الآخر.
كنا نجاور الهندي «السيخي» والباكستاني المسلم والآخر المسيحي في الفصل أو في الحي، ولم يتولد في نفوسنا شعور بالضدية أو الاختلاف معهم وما كانت الفروق تعرف طريقها إلى نفوسنا، ولم ينشئنا أهلنا على كراهيتهم أو حتى الإشارة إلى درجة من درجات الاختلاف سواء في الدين أو العرق أو المذهب، وكنا نظنّ أننا أبناء وطن واحد ودين واحد ومذهب واحد.
كنّا أبناء الحياة، وكنا فرحين مرحين جادين منتجين مقبلين على أمّنا الحياة بسعادة.
بالحب يحيا الإنسان وبالكره يموت.
تعليقات