الصراع في العراق.. دراسة استراتيجية بقلم محمد سعود البنوان
زاوية الكتابكتب يوليو 13, 2014, 1:08 ص 1447 مشاهدات 0
ترجع جذور ما يحلو للبعض تسميته بالازمة العراقية الى فترة الثمانيات من القرن الماضي وتحديدا منذ بداية الحرب العراقة الايرانية وتداعياتها الاقليمية والجيوسياسية على منطقة الخليج العربي والشرق الاوسط ككل فخلال تلك الفترة يمكن القول ان تلك الحرب قد حولت الصراع الشيعي السني من صراع عقائدي منحصر في الخلافات بين الاصول والفروع في المسائل الدينية الى صراع عقائدي مسلح وعليه فان تاثيراتها قد امتدت لتشمل نطاقا جغرافيا اوسع من نطاق الاطراف المتصارعة لتشمل العالم العربي كله بل وحتى الاسلامي فضلا عن الاقليات المسلمة في البلدان الاخرى '' يظهر هذا جليا مع تطوع عدد من العراقيين الشيعة في صفوف الحرس الثوري الايراني ابان الحرب العراقية الايرانية ''
وكون ان تلك الحرب قد استنزفت الكثير من الطاقات البشرية والاقتصادية لكلا البلدين المتحاربين فان واقع المعركة بين الطرفين بقي على حاله اي ان مرحلة التوازن الاستراتيجي لم تتغير وهذا ما ولد نوعا ولو مؤقتا من الاستقرار على الجبهة ليتبع ذلك غزو الكويت ثم تحريرها وانتشار القوات الامريكية للمرة الاولى بنطاق واسع في بلدان الخليج العربي لتضاف اليها مرحلة الحصار ولتنتهي بغزو العراق وازالة حزب البعث عن سدة الحكم .
وهنا انكسر الطوق او لنقل تغيرت المعادلة التي كانت تحكم الصراع بين الطرفين فبينما كانت ايران تتعامل مع نظامين معاديين لها في افغانستان '' حكومة طالبان '' بطول حدود 936 كم وعلى طول حدود 1485كم مع حزب البعث في العراق اصبحت تتحكم عبر مندوبيها وعملائها بالعراق مستفيدة من اللعبة الديمقراطية بينما انحسر خطر مقاتلي طالبن بعد سقوط امارتهم وتحول جل اهتمامهم لقتال القوات الامريكية الغازية في افغانستان .
خلال هذه الفترة وتحديدا بداية فترة الغزو الامريكي للعراق عام 2003 وازاحة حكم الديكتاتورية القائمة على ارادة الشخص الواحد واستبدالها بنظام ديمقراطي تبع ذلك انشاء ما يسمى بمجلس الحكم في العراق منبثقا عن سلطة الائتلاف الموحد وشمل ذلك المجلس عددا من الاطياف الدينية والسياسية للطيف العراقي لم يكن هناك تدخل سياسي واضح لايران في اللعبة السياسية العراقية وان كانت بوادره قد ظهرت بهجرة افراد من حزب الدعوة بينهم نوري المالكي اضافة الى عدد من مراجع المذهب الشيعي محمد باقر الحكيم واخيه عبد العزيز الحكيم ممن كانوا في ايران وقتها خلال هذه الفترة بدات بوادر العمل العسكري المسلح للفصائل المقاتلة في العراق وكانت جلها متوجها في بداياته ناحية القوات الامريكية بدا تلك العمليات جماعة اسمها انصار الاسلام وهي جماعة سلفية كردية نشات من تحالف بين جماعتي جند الاسلام برئاسة ابو عبدالله الشافعي والحركة الاسلامية الكردستانية بقيادة نجم الدين فرج احمد المقلب بملا كريكار عام 2001 خاضت تلك الجماعة عددا من المعارك ضد احزاب علمانية كردية وتم قصف معسكراتها ابان الغزو الامريكي للعراق وكانت اولى الجماعات المسلحة تنفيذا لعمليات عسكرية ضد القوات الامريكية حيث ان تجهيزاتها وقدراتها سبقت جميع الفضائل تبع هذه الجماعة في التشكل الكثير من الفصائل وقد زاد عددها عن 103 فصائل غاب عدد منها وتفكك اخر وتراجع دور عدد اخر منها كما ان بعضها اندمج مع فصائل عسكرية اخرى وفي المحصلة كانت تلك الفصائل مختلفة ايدولوجيا وفكريا ومذهبيا فبعضها كانت مرجعيته سنية سلفية واضحة والبعض الاخر كان ينتمي الى مدرسة الاخوان المسلمين وبعضهم كان من الشيعة وعدد اخر كان من الصوفية النقشبندية والبعثيين وفي المحصلة بعد اكثر من 12 سنة من القتال لم تبق على الساحة بشكل مؤثر سوى ثلاث او اربع جماعات منها جماعة انصار الاسلام سالفة الذكر والدولة الاسلامية '' دولة العراق الاسلامية _ الدولة الاسلامية في العراق والشام سابقا '' وجيش الطريقة النقشبندية بقيادة عزت الدوري وهم صوفية تحت قيادة بعثية اضافة الى جيش المجاهدين .
وخلال الفترة الاخيرة لم تبرز على الساحة سوى الدولة الاسلامية او ما يحلو للبعض تسميته بداعش فما هي تاثيرات وجود هذه الجماعة على الساحة العراقية وهل تشكل تهديدا شرعيا معتبرا وهل تمتلك مقومات قيام الدولة وما هي ارتباطتها الخارجية ان وجدت ..
نظرة تاريخية :_
الدولة الاسلامية في الحقيقة هي نتاج تجمع عدد من الفصائل المقاتلة في العراق ذات الفكر الواحد او ما يسميه البعض الايدولوجيا الواحدة فهي جماعة عسكرية ذات فكر سلفي جهادي تشكلت في البداية عبر ابو مصعب الزرقاوي عبر جماعة التوحيد والجهاد ثم تمت تسميتها بعد مبايعة الزرقاوي لأسامة بن لادن ب تنظيم قاعدة الجهاد في بلاد الرافدين وهو تنظيم استد تدريبه وتسليحه في بداية نشأته من جماعة أنصار الإسلام سالفة الذكر
خلالها برز تنظيمه على الساحة عبر الكثير من العمليات العسكرية الناجحة اضافة إلى قوته الدعائية عبر المسمى فكان تسمية تنظيمه بتنظيم القاعدة في بلاد الرافدين بمثابة ابراز للواقع السلفي الجهادي في منطقة جغرافية غير مؤهلة سياسيا لاستقباله فعلى عكس افغانستان كانت العراق تعتبر مركزا علمانيا بعثيا محاربا بشكل معين للتيار الديني الساعي للحصول على سدة الحكم وعليه لم يكن هناك انتشار بارز للتيار السلفي الجهادي بها سوى المناطق الشمالية غير المسيطر عليها من قبل الحكومة المركزية العراقية وهذه المناطق هي مناطق كردية من الاساس لذلك كان لوجود هذا التنظيم وتناميه اثر بالغ في تغيير مجرى الصراع العسكري في العراق لياخذ منحنا جديدا فبينما كانت بدايات المعركة ترتكز على صراع بين حكومة عربية علمانية بعثية ديكتاتورية وقوة غازية امريكية امبريالية تحول الصراع ليصبح صراعا بين تيار السلفية الجهادية وقوى امريكية صليبية غازيا وبهذا كسيت الحرب في العراق ثوبها الحقيقي والذي كان لا بد ان ترتديه الا وهو الحرب العقائدية تطور هذا التنظيم بعدها ليندمج مع ست تشكيلات مسلحة اخرى تحت مسمى مجلس شورى المجاهدين ثم تطور بعدها في 12-6-2006 ليكون حلف المطيبين وهو تجمع من جماعات مجاهدة من بينها كتائب من جند الفاتحين وجند الصحابة وانصار التوحيد والسنة واعداد غير معلومة من العشائر السنية .
لم يدم ها الحلف اكثر من 4 اشهر وشيئا حتى اعلن بعدها عن قيام دولة العراق الاسلامية في 15-10-2006 وكان هذا بعد وفاة الزرقاوي في غارة امريكية في منطقة هبهب في ديالى في يونيو من العام نفسه وتولى القيادة من بعده ابو عمر البغدادي '' حامد عبد العزيز الزاوي '' *3 الذي قتل سنة 2010 خلال هذه الفترة انتقل التنظيم من مرحلة الجماعة المسلحة الى مرحلة الدولة وكان هذا بارزا في العراق بشكل لافت ربما لا يدركه الكثيرون فقد اعلن محارب عبدالله الجبوري المتحدث الاول باسمهم التشكيلة الوزارية الاولى للدولة الاسلامية وكان من الافت وجود وزير للنفط واخر للثروة السمكية ووزيرا للعلاقات العامة والصحة كذلك مما يدل عى ان اتنظيم كان بعيد النظر في مسالة تكوين الدولة فبعد انشاء الصحوات التي ساهم رئيس الوزارء السابق اياد علاوي بانشائها وانحسار التنظيم عن كثير من المناطق التي كان يسيطر عليها في محافظة الانبار اكبر االمحافظات العراقية فضلا عن انحساره شرقا من ديالى التي كانت مركزا جيدا لنشاطه استطاع التنظيم العودة مجدداعبر الانحياز الى صحراء الانبار ومنها اتخذها كقواعد عمليات كما ان خلاياه استطاعت القيام بعدد كبير من التفجيرات والهجمات المنسقة والقوية وتحديدا ضد وزارات ومقار حكومية عراقية منها وزارة المالية '' التي استهدفت مرتين '' اضافة الى وزارة والدفاع كما ان عمليات الاغتيال التي طالت الكثير من المسؤولين المحليين لم تكن غائبة عن فترة الصراع الممتدة منذ اعلانها الى حين تمددها في سوريا ومساهمتها في تشكيل جبهة النصرة بقيادة ابو محمد الجولاني بعد ثلاث اشهر من الحراك الشعبي هناك .
خلال هذه الفترة برز على الساحة السورية الفكر السلفي الجهادي بشكل مترامي حيث لم يكن منحصرا فقط في وجود جبهة النصرة المنبثقة من دولة لعراق الاسلامية وانما شهدت الساحة السورية انشاء عدد من الكتائب المتشابه فكريا مع تنظيم القاعدة والدولة الاسلامية حيث انشات الكتيبة الخضراء وجيش الصحابة وطالبان الاسلامية السورية كما قدم عدد من المجاهدين الشيشانيين وانضموا الى صفوف عدد من الجماعات المقاتلة بنفس الفكر الجهادي وهذا الامر بطبيعة الحال ادى الى نوع من التقارب بين تلك الكتائب حتى شهدت الفترة الاخيرة بيعة وانضمام عدد من افراد تلك الكتائب بالكامل الى صفوف الدولة الاسلامية بينما تشرذمت بقية الكتائب الاخرى ذات التوجهات الوطنية واصبح الكثير منها قليل الفاعلية .
وفي 9-4-2013 فاجا ابو بكر البغدادي الجميع عبر رسالة صوتية باعلان دولة العراق والشام الاسلامية مؤكدا ضمنا ان جبهة النصرة واميرها ابو محمد الجولاني يتبعون تنظيميا لقيادة التنظيم في العراق وان الجولاني نفسه كاتن احد جنود دولة العراق الاسلامية قبل ان يتم ارفاده مع مجموعة من المقاتلين الى سوريا لتشكيل جبهة النصرة وفي اليوم التالي مباشرة اكد الجولاني عبر رسالة صوتية له مسالة كونه احد جنود الدولة الاسلامية وشكر البغدادي على ما قدمه لجماعته في سوريا ولكنه في المقابل رفض الانضمام للدولة الاسلامية معتبرا انه لا يستطيع الانفراد بالراي دون الكتائب الاخرى المقاتلة في الساحة السورية .
وهنا لم تشهد الساحة اي مناوشات حقيقية بين التنظيمين بل ان المواقع الالكترونية نشرت صورا لمقاتلين من كلا الطرفين يتناولون العشاء مع بعضهم البعض كما شهدت ارض المعارك مشاركتهما جنبا الى جنب في العمليات العسكرية ومنها تحرير مطار منغ اضافة الى معركة حلب ولكن الامور انقلبت في شهر يناير من العام 2014 حيث اشتبك جيش المجاهدين اضافة لى عدد اخر من فصائل الجيش الحر من جهة مع الدولة الاسلامية في العراق والشام من جهة اخرى امتدت هذه المعارك لتصل من حلب وريفها الى الرقة والحسكة وريف ادلب ودير الزور استطاع خلاله التنظيم ادارة المعركة بنوع من الاحترافية فتخلى عن مواقعه في كل من ادلب والاذقية واتجه شرقا ليكون اقرب الى خطوط امداده في العراق فاستطاع السيطرة بالكامل على مدينة الرقة ثم استطاع العودة الى ريف حلب الشمالي وسيطر على الباب وجرابلس ومنبج كما كان له تواجد في مناطق الريف الشرقي الحلبي كما استطاع السيطرة على معظم ريف دير الزور مؤخرا ودون الدخول في الخلاف الذي جرى بين قيادة التنظيم في العراق وايمن الظواهري والخلافات التي طفت للسطح مع كلمات المتحدث الرسمي للدولة الاسلامية ابو محمد العدناني والتي اعلن بها ضمنيا ان تنظيم القاعدة في افغانستان يحصل على امدادات من الاراضي الايرانية وان هذا ما يمنع الدولة الاسلامية من استهداف الكيان الايراني '' دون تاكيد ذلك من مصدر مستقل '' وما جرى من محاولات للصلح عبر تحكيم الشريعة الاسلامية الغراء والاتفاق حول المضمون والاختلاف حول شكل المحكمة فبينما يرغب مناوئوا الدولة بوجود محكمة مستقلة ترغب الدولة الاسلامية بان تكون المحكمة محكمة مشتركة يوجد بها ثلاث قضاة واحد من كل طرف وثالث مرجح ان اختلفوا فان هذه المرحلة التي سبقت اعلان الخلافة الاسلامية كانت مفصلية واستطاع خلالها تنظيم الدولة الانتقال من مرحلة الدفاع الاستراتيجي الى مرحلة التوازن الاستراتيجي ثم الهجوم الاستراتيجي ليسقط اكثر مكن 45% من الاراضي والعراقية كما استطاع ان يدمج الشطرين الشامي والعراقي عبر السيطرة على ريف دير الزور على الحدود العراقية واستطاع الثبات في عاصمته الافتراضية الرقة والتمدد في الحسكة والتواجد في حلب مكونا كيانا جغرافيا قابلا للحياة ..
تاثيرات وجود الجماعة على الساحة العراقية :_
خلال الفترة المنصرمة من التاريخ السياسي العراقي وتحديدا منذ سقوط حزب البعث واستبداله بحكومة ديمقراطية لم يكن هناك اي خلافات طائفية بارزة على الساحة العراقية وكانت الفترة الممتدة من سنة 2003 الى 2005 مرحلة صدام مسلح بارز بين قوى سنية وشيعية ضد المحتل الامريكي ففي الانباركانت معركتي الفلوجة عام 2003 الاولى شهر ابريل من العام نفسه والثانية في شهر نوفمبر ابرز صدام مسلح بين الفصائل السنية المقاتلة والجيش الامريكي بينما كانت معركة مدينة الصدر وحصارها الحدث الابرز في المواجهات الشيعية الامريكية حينها تدخلت ايران بشكل ملحوظ حيث اعلن مسؤول امريكي رفيع ان بلاده لا يمكن ان تغض الطرف عن التدخل الايراني في العراق ونشر هذا الامر في جريدة الشرق الاوسط بتاريخ 30-9-2005 '' يذكر ان هناك عددا من الدلائل التي تشير الى تدخل الايرانيين بدعم جماعات مسلحة شيعية حيث استخدمت قذائف rbj 29 الروسية الصنع من قبل حزب الله العراقي في مهاجمة دبابة ابرامز امريكية في البصرة كما استخدمت في اغسطس من عام 2007 ضد الية بريطانية في منطقة العمارة يذكر ان هذا القاذف الكتفي المضاد للدروع والذي يعرف باسم vampire اي مصاص الدماء لا توجد معلومات عن وجوده في تسرانة الجيش العراقي السابق مما قد يدل انه ليس من بقايا ذلك الجيش التي غنمتها الفصائل المسلحة بينما يعتبر تسليحا رئيسيا من قبل حزب الله اللبناني المدعوم من ايران ويتواجد في تسرانة الجيش الايراني ..
حينها كان تطور الدولة الاسلامية وتاثيراتها على الساحة مستمرا بل كانت احد الاطراف شديدة الخطورة على كل من الحكومة العراقية والقوات المحتلة على حد السواء مما جعل العمل على انشاء مجالس الصحوات وهي مجموعة من العشائر وبعض الكتائب المسلحة تم شرائها بالاموال والمناصب لقتال تنظيم القاعدة يجري على قدم الوساق .
وفي عام 2006 وتحديدا في 22- فبراير تم تفجير قبة ضريح العسكريين في سامراء وهي من الاماكن ذات القداسة في المذهب الشيعي كون هذا التفجير نوعا من الغليان المكبوت لدى كثير من الاطراف الشيعية وبعض الغوغاء وجرت مظاهرة مباشرة بعدها امام الضريحين المهدمين استغلت ايران ذلك الامر في تاجيج الصراع الطائفي في العراق مما سهل عليها مزيدا من التدخل في الشؤون السياسية العراقية واستطاعت دعم نوري المالكي للحصول على سدة رئاسة الوزراء في مايو من العام 2006 اي بعد تفجير الضريحين بثلاث اشهر تقريبا وكون ان المالكي كان مقربا لايران حيث كانت ملجئا له بعد سوريا من بعد حظر حزب الدعوة الذي ينتمي اليه في العراق واصادار احكام الاعدام بحق عدد من منتسبيه فانه كان حجر الرهان في تاجيج الصراع الطائفي حيث استعان بباقر صولاغ كوزير للمالية وهو الذي اصدر اوامر بفضل اعداد من المظفين السنة واستبدالهم بالشيعة كما ان المالكي نفسه اقال عددا من القيادات العسكرية السنية واستبدلها بقيادات شيعية حسب ما اعلنه موقع vox '' ويذكر ان كونالديزا رايس ذكرت في مذكراتها انها نبهته لذلك فرد عليها بانه لا يطيق السنة ولا يثق بهم '' ولم يتوقف الامر عند هذا فقد كانت احكام الاعدام تعطى للسنة دون الشيعة كما ان عمليات اغتصاب وتعذيب وقتل على الهوية كانت قد انتشرت في عهده مستهدفة طائفة محددة هذا غير الاقصاء السياسي فبعد ازمة رئاسة الوزراء الاخيرة والخلاف الذي جرى بينه وبين القائمة العراقية بزعامة طارق الهاشمي ذكر المالكي ما مضمونه ان مكان القائمة العراقية المناوئة له سياسيا في الحكومة محفوظ بعد اختياره لسدة رئاسة الوزراء ولكن نهايتها كانت دون ذلك حيث اعلن عن اصدار 4 احكام بالاعدام لطارق الهاشمي مما جعل الاخير يهرب بجلده الى كردستان ومنها الى تركيا ثم السعودية بينما اعتقل 200 من اتباع رافع العيساوي وزير المالية المحسوب على القائمة العراقية مما جعله يستجدي التعاون مع المالكي مهددا بعودة تنظيم القاعدة'' الدولة الاسلامية '' الى الواجهة بعد انحسار الدور السياسي واستمرت حالت التهميش السياسي للطائفة السنية حيث كانت معظم عمليات التنمية تعطى للمناطق الشيعية في الجنوب دون السنية فيالانبار وغيرها بل ان احدى مولدات الكهرباء تم نقلها من الانبار الى كربلاء في سابقة تدل على مدى طائفية الرجل في الحكم استمرت هذه الحالة الى يحن قيام الثورة السورية وما تبعها من امتدا هذه الثوة الى الكيان الجغراقي العراقي في الانبار تحديدا اكبر محافظات العراق ذات الاغلبية السنية حينها برزتللساحة مجزرة الحويجة التي راح ضحيتها حوالي 200 من المتظاهرين السنة والتي قامت بها قوات امنية تابعة لحكومة المالكي هنا قامت مظاهرات كبيرة سميت بجمعة حرق المطالب مما دل على ان السنة المهمشين في واقع الحكومة العراقية قد اختاروا المواجهة المسلحة استغلت الدولة الاسلامية هذا الامر وعادت الى الفلوجة بعد حوالي عشر سنوات من انسحابها منها وسيطرت عليها في يناير من العام الجاري وساتطاعت خلال الفترة الممتدة ان تفشل حوالي 35 هجوما عسكريا للقوات الامنية لاستعادت المدينة وكانت الصدمة الاكبر ه ما حصل مؤخرا من قدرة التنظيم في غضون ثلاث اسابيع على اسقاط 45% تقيربا من الاراضي العراقية وكانت الانبار التي سقطت غالبيتها باستثناء ثلاث مدن اضافة الى نينوى مركزا مهما للتنظيم استطاع استعادته ورغم الانباء التي كانت تتحدث عن وجود دور للمجالس عسكرية وقوات تابعة للجيش السباق في هذه المعركة وغيرها الا ان الواقع والذي امكده عدد من المهتمين بالشان العراقي كالدكتور طه الدليمي اضافة الى بعض المحللين كموسى العمر اكدت ان الثقل الاكبر كان للدولة الاسلامية في عمليات تحرير المناطق والمحافظات '' يذكر ان مواقع التواصل الاجتماعي وبعضها تابع للتنظيم اثبتوا بالصور عمليات اقتحامهم لمحافظة نينوى والموصل تحديدا كما بثوا صورا وفيديوهات لمناطق في تكريت وبيجي وديالى تثبت تواجد مقاتلي الدولة فيها '' .
من بعد هذا اصدر العدناني كلمة صوتية عنونها بآية من كتاب الله تعالى ' ما أصابك من حسنة فمن الله ' هدد فيها المالكي وازدراه واستهزا به ووعده بالزحف الى كربلاء والنجف وكون ان تلك المدينتين مقدستين لدى الشيعة فقد استغلت ايران ذلك بتهديدا بالتدخل صاروخيا على اعتبار انها تعتبر البعد الاستراتيجي للاحزاب والكيانات الشيعية اضافة الى انها تعتبر نفسها المرجع الديني الرئيس لعموم الشيعة خصوصا في المحافظات الجنوبية وهذا الامر كان يعني بطبيعة الحال تاجيج الصراع البيني بين كل من الشيعة والسنة وربما ظهر الامر جليا بعد هذا في رفض المالكي قيام اي حكومة على خلاف الدستور '' بمعنى رفضه للتعاون مع التيارات السياسية المحسوبة على العرب السنة ' كما اعلن عن فتح باب التطوع بشكل موسع ومخيف خصوصا للمليشيات الشيعية في الجنوب على الرغم من ان بعضها على خلاف سياسي واضح معه وتحديدا التيار الصدري الذي شكل ما اسماه بسرايا السلام في المقابل وقف احد المراجع الشيعية موقفا مغايرا وهو اية الله محمود حسن الصرخي حيث حمل المالكي مسؤولية ما يحدث من ازمة '' قامت القوات العراقية بعد ذلك بمهاجمة مقار الصرخي وقتلت عددا من اتباعه في كربلاء '' .
من بعد ذلك توسعت الدولة الاسلامية غربا واستطاعت هزيمة مجلس شورى المجاهدين* المكون من عدة فصائل في دير الزور كما استطاعت السيطرة على المقر الرئيس لجبهة النصرة وهي مدينة الشحيل اضافة الى غالبية الريف الشرقي والغربي لدير الزور مما جعل قيادة الجيش الحر تعترف بسقوط المحافظة والتي تعد ثاني اكبر محافظة في سوريا بيد التنظيم ثم بدات الجولة بمحاولة السيطرة على مدينة كوباني '' عين العرب '' وهي احد مراكز القوى الكردية واشتبكت في معارك متعدد مع كل من ال ybg * وال pkk استطاعت خلال السيطرة على عدد من القرى .
وفي المحصلة ففان وجود الدولة الاسلامية كتنظيم فاعل وكدولة بمعنى الدولة كان له تاثير بالغ على الساحة العراقية من عدة نواحي :_
1- استطاع التنظيم ان يمل الفراغ الناشئ عن ضعف السياسيين العراقيين السنة وخصوصا في القائمة العراقية فبعد ان تم تهميش القائمة سياسيا ثم الاستمرار في التضييق على السنة كمكون من مكونات الشعب العراقي لم يجد السنة من يعيد لهم هيبتهم على الساحة سوى الحل العسكري وكون كثير من التنظيمات العسكرية السنية السابقة قد توقفت عن القتال بعد الانسحاب الامريكي من العراق 2010 بل وحتى قبل ذلك التاريخ وتراجع مردود بعضها فان التنظيم الوحيد الذي كان له تاثير فاعل عسكريا خلال السنوات الاربع السابقة كان تنظيم الدولة الاسلامية في العراق والشام
2- الخلفية الاجتماعية العراقية تحترم الطرف القوي وكون ان الاكراد يمتلكون قوات عسكرية خاصة بهم في اقليمهم وهم البيشمركة كانوا بعيديدن نسبيا عن اي محاولات تضييق واسعة رغم انهم محسوبون على الطائفة السنية كما ان الشيعة كانوا يمتلكون معظم مقاليد الحكم وعدد مقبول من المليشيات المسلحة في الجنوب لم يكن السنة يمتلكون قدرات عسكرية تنظيمية مما جعلهم عرضة للاقصاء فكان التنظيم يمثابة المنقذ لحالة انكسار التوازن الاستراتيجي بين السنة العرب والاكردا والشيعة على حد سواء
3- الفشل الحكومي الكبيرفي توفير الامن الخدمات اضافة الى الطائفية في تقسيم المشاريع التنموية ساهم في زيادة حالة الغليان الشعبي فكان وجود تنظيم الدولة ومساهمته بعد سيطرته في اعانة الفقراء وتوفير الامن المنشود قد رفع من اسهمه كثيرا على الساحة العراقية
4- فساد القضاء العراقي ووضعيته اضافة الى انحيازه الفاضح للحكومة العراقية ضد خصومها ساهم في انعدام ثقة الشارع العراقي به وفي المقابل كان انشاء ما يقرب من 8 محاكم شرعية في مدينة الموصل بمثابة الحلك للكثيرين كون ان احكام الشريعة الاسلامية تعتبر واضحة وعادلة قياسا بالاحكام التي كانت تصدرها المحاكم العراقية في عهد المالكي والتي كان كثير منها يتصادم مع نصوص الدستور او يتوافق معه احيانا مكونة حالة من الظلم البين الذي لا لبس فيه
رؤية التنظيم لتكوين الدولة اقتصاديا:
يعرف البعض الدول بانها شعب وقيادة وارض '' نطاق جغرافي' هذه العوامل الثلاثة تتفاعل مع بعضها مكونة كيانا يمكن التعامل معه سياسيا ولكن الحقيقة ان الموارد الاقتصادية ايضا تعتبر جزءا هاما من اجزاء تكوين الدول الحقيقية وربما ان هذا ما ادركه قادة التنظيم ضمن رؤيتهمان الحصول على موارد اقتصادية كافية سيساهم في تحقيق نوع من الاكتفاء الذاتي Self-sufficiency*4 وسيساعدهم في الصمود ضد اي محاولة للتضييق عليهم اقتصاديا ان اتموا السيطرة على كامل النطاق الجغرافي الذي يريدونه وهنا ارتكزوا في عملياتهم على السيطرة على عدد من حقول النفط في كل من سوريا والعراق محدثين نقلة نوعية في الصراع الجاري رغم انهم استطاعوا ذلك سابقا حيث اتموا السيطرة على كامل ريف دير الزور ليحققوا بذلك امرين
الاول استراتيجي : فقد استطاعوا ربط خطوط امدادهم القادمة من العراق بسوريا عبر السيطرة على جزء من الارض ملاصفقة للحدود السورية وهذا سساهم في نقل المقاتلين والمعدات '' خصوصا المغتنمة من الجيش العراقي '' لسوريا والعكس كذلك ' تلاصق محافظتي الانبار ودير الزور سيساهم في توفير بعد استراتيجي لكلا الشطرين مستقبلا ان استمرت سيطرة التنظيم عليهما '' .
الثاني اقتصادي : حيث استطاعوا بالسيطرة على حقول النفط السورية في دير الزور من توفير مصدر ثابت للدخل لتمويل عملياتهم كما انهم استخدموه كمادة خدمية بعد توفيره لكثير من المحتاجين ضمن نطاق سيطرتهم وهذا ساهم في زيادة شعبية التنظيم لدى الاوساط الشعبية في دير الزور مما قوى حاضنتهم الشعبية .
وبنظرة اشمل للواقع الاقتصادي في المحافظة التي تعتبر ثاني اكبر المحافظات السورية ذكر موقع مسار الاعلامي للتقارير والدراسات الاستراتيجية في 26-3-2013 القدرات الانتاجية للحقول في دير الزور
1- حقل العمر: ويعتبر أكبر حقل نفطي في دير الزور، كما توجد فيه عنفات غاز تولد الكهرباء للحقول النفطية المحيطة وتزود المدن والقرى المحيطة بالكهرباء، ومن ضمنها مدينة الميادين. وكان هذا الحقل ينتج قرابة 30 ألف برميل من النفط قبل الأحداث الراهنة.
2- حقل التنك: يعد هذا الحقل أكثر الحقول النفطية في دير الزور إنتاجية، ومن أجودها نوعية، حيث يصنف النفط المستخرج في هذا الحقل على أنه 'نفط خفيف'. ويتم تحويل إنتاج 'التنك' كله إلى حقل 'العمر'، ثم إلى حقل 'التيم'
3- حقل الورد: هذا الحقل توقف عن العمل قبل اندلاع الثورة بسبب التجهيزات التي كانت تجري فيه
4- حقل التيم: ويضم كل خطوط إمداد النفط الموجودة بدير الزور.
5- حقل الجفرا: يعمل هذا الحقل بطاقة إنتاجية يومية تقارب 25 ألف برميل. إنتاجه من الخام الثقيل والخفيف، ويوجد فيه محطة نقل الغاز الطبيعي
6- 6- معمل غاز الطابية جزيرة: وهو يغذي المنشآت بالغاز لتشغيل المحطات الحرارية، ويضخ مادة الكوندسات (بنزين خفيف الأوكتان) للمحطات النفطية وهذه المادة تحسن الصفات الانسيابية للنفط الخام، ويسمى هذا المعمل أيضاُ (كونكو) con-co)، وهو حقل الغاز الوحيد.
يذكر ان التنظيم يسيطر على جميع تلك الحقول باستثناء حقل الورد وهو حقل غير عملي باعتبار توقفه .
وبهذا يمكن القول ان الدولة الاسلامية تسيطر على انتباج يفوق ال 30 الف برميل يوميا ان افترضنا ضعف الناتج جراء المعارك التي قد جرت يذكر ان التنظيط بدا ببيع الغاز باسعار رمزية للخدمات المرافقة له كما وفر البنزين بشكل مجاني في بعض المواقع في المحافظة
اما في العراق فقد ات التنظيم السيطرة على مساحة واسعة من الانبار'' اكبر المحافظات العراقية '' وبذلك وضع يده على ما يقرب من 53 تريليون متر مكعب من الغاز'' لم تستغل الى الان '' كما استطاع السيطرة على اكبر حقل غاز في المنصورية في ديالى شرق العراق الذي يحوي 5 تريليون متر مكعب كما امتدت سيطرته للحصول على شيء من نفط كردستان اضافة الى محافظة صلاح الدين حيث سيطروا على حقل عجيل النفطي احد اكبر الحقول الشمالية في العراق وقد اعلن مسؤول عراقي في 3-7-2013 ان '' داعش '' بدات عمليات بيع النفط من هذا الحقل الذي يعد احد احد اكبر حقول الغاز والنفط في الشمال بطاقة انتاجية تصل الى 20 الف برميل يوميا طبقا لاحصائية نشرتها
Kirkuk now في 30-4-2012
كما كان للتنظيم سيطرة غير منتظمة على مصفاة بيجي اكبر مصفاة للنفط في العراق فضلا ان تمدده في ديالى قد يجعل حقول النفط '' نفط خانة ''ضمن نطاق سيطرته ان استمر في التقدم يذكر ان سيرطة التنظيم على مصفاة بيجي لفترة معينة قد سبب ازمة للوقد في كردستان مما جعل عددا من الاكراد يصبون جام غضبهم على الحكومة الكردية
هذه السيطرة تجعل التنظيم قادرا على توفير مشتقات البنزين والغاز لحاضنته الشعبية كما انه سيكون قادرا على توفير ما يحتاجه التنظيم لعملياته العسكرية خصوصا بعد ان استطاع الحصول على كم وافر من الاسلحة والاليات التي تركها الجيش العراقي في محافظة نينوى اضافة الى ما استطاع الحصول عليه من القائم وبيجي وراوة وعانة وديالى كما ان السيرطة على هذه الحقول سيحرم الحكومة المركزية العراقية من اهم مصدر اقتصادي ورغم ان اكثر من 59% من احتياطي النفط العراقي يتكرز في المحافظات الجنوبية وتحديدا في محافظة البصرة حيث يوجد ما يزيد عن 15 حقلا من اجمالي 27 حقلا نفطيا عاملا في العراق نقلا عن سيدي احمد ولد سالم في دراسة '' حقول النفط العراقي '' نشرت في الجزيرة .
فان مصفاة بيجي تمد اكثر من 11 محافظة بالمنتجات النفطية وكون السيطرة عليها غير ثابتة فان توقفها عن العمل او القتال حولها سيؤدي الى حدوث ازمة في المحروقات بطبيعة الحال قد تؤدي الى تردي وضع حكومة المالكي اكثر .
وفي المحصلة فان الواقع الاقتصادي للتنظيم ان استمر سيكون مزدهرا ان استمر في احكام سيطرته على تلك المراكز الحيوية من حقول النفط .
تعليقات