سيناريو معيشة مواطن خليجي

عربي و دولي

جاهزية دول مجلس التعاون للازمة الإيرانية/ الغربية

833 مشاهدات 0


يقول سعيد: تسلمت كيسين من الأرز قبل أربعة أشهر وخلال هذه الفترة أحضر إلى مركز التوزيع واصلي الفجر هنا وأظل حتى الساعة الواحدة ظهرا وأعود بدون فائدة. ويقول مواطن آخر: أنا أراجع المنفذ من أسبوعين تقريبا وأتي للتزود بالأرز والدقيق وفي كل مره أتي وأعود بدون فائدة والكمية المتوفرة في المخازن توزع للمستفيدين وحاملي بطاقات المعونات الاجتماعية وآخر مره راجعت فيها أعطوني موعدا حتى شهر سبتمبر القادم بعد أن تسلمت قبل شهر 2 كيس فقط من الأرز، مع العلم أنهما لا يكفيان لمدة 15 يوما فقط.

ويقول خالد: الرقابة علي الأسواق والأسعار تتراجع وكل تجار أو محلات أو سوق يضع قائمة الأسعار علي مزاجه الشخصي ، وكذلك الأسماك والحليب والأرز نجده هنا بسعر وفي مكان آخر بسعر مختلف، وهكذا بقية السلع والمواد الغذائية، وهذا يدل ايضا علي انه لا توجد رقابة أو حملات تفتيشية من إدارة حماية المستهلك التي نأمل ان يفعل دورها من خلال الرقابة وتوقيع الجزاءات علي المخالفين علي ان تشمل الرقابة علي كل شيء ابتداء من السلع والمواد الغذائية وحتي مواد البناء والملابس.
ويقول سامي ل الأسعار المرتفعة لبعض المنتجات التي اعتدنا عليها تجبرنا أحيانا لشرائها حتى لو ارتفعت، كما أن هذا الشهر جاءت علينا أعباء كثيرة في وقت واحد، وهو دخول شهر رمضان المبارك والاستعداد له و أيضا قدوم المدارس و العيد و القرقيعان و غيرها من المناسبات التي تكدست بشهر واحد، مما جعلنا مضغوطين بشدة بسب هذا الأمر.


http://alaan.cc/client/pagedetails.asp?nid=19608&cid=30


سعيد وخالد  وسامي من مواطني أغنى ثلاث دول في منظومة دول مجلس التعاون ومعاناتهما أعلاه يتحدثون عنها عام 2008م وليست قراءة في أوراق من أحداث 'سنة البطاقة' التي عاشها آبائهم أثناء الحرب العالمية الثانية 1939-1945م حين انقطعت المواد الغذائية والملابس عن الخليج وقامت الحكومات بتوزيع البطاقات التموينية على الناس لتوزيع التمر والمواد الغذائية وحتى الملابس بالحصص ،بعد أن ارتفعت  الأسعار بشكل مخيف وصل إلى600 % استغله بعض ضعاف النفوس من التجار مما أدى إلى حدوث مجاعات في  البراري والقرى النائية التي كان يتم فيها دفن 6 جنازات في اليوم الواحد.

أولاً لابد من الإقرار إن اقترابنا من الموضوع لم يتم كمختصين في اقتصاد الأزمات أو أي نوع من الخبرة الأكاديمية في هذا المجال ، بل هي مقاربة عملية لمواطن خليجي مثل 'سامي' كانت أدواته البسيطة  لخلق الأزمة القادمة هي افتراض أن شهر رمضان والقرقيعان وموسم العودة للمدارس وعيد الفطر المبارك هي العبء المادي الذي يشبه الأزمة المتوقعة لو ضربنا الكلفة الاقتصادية لذلك العبء  4-5 مرات فقط لنراقب آلية عمل الحكومات لحل الازمة الاقتصادية.

أبرز التحديات  التي لاحظناها في تجربتنا البسيطة هي ارتفاع في الأسعار بشكل عام، ومن التوابع الاقتصادية للازمة الناجمة لاحظنا الاستغلال والجشع والغش التجاري والسوق السوداء والتقليد والاحتكار والإغراق بالغذاء الفاسد .وفي غياب الرقابة المحكمة والإهمال سوف يكون غذاء بسيطي الحال مثل سعيد وخالد وسامي بيد تجار التجزئة من الأسيويين والإيرانيين .

لو تحول الحدث السابق على الأزمة من تمرين إلى حدث حقيقي لدخلنا في حسابات أخرى ،حيث سنتحمل كلفة الحرب  ليس علينا فقط بل على الدول المجاورة، وعلى نحو خاص العراق التي قد نضطر إلى استقبال اللاجئين منها ، وسيشرع باب تهريب الغذاء والأفراد على مصراعيه. وبما أننا نتحكم  في أكبر احتياطي نفطي في العالم،فسوف يتكفل الغرب بحمايتنا من الصواريخ بناء على الاتفاقيات الأمنية -مع أن هذا الأمر قد أصبح مشكوك فيه بعد  كشف النائب الكويتي والعسكري السابق ناصر الدويلة أ ن هذه الاتفاقيات لا تتضمن فقرة صريحة بالدفاع عن دول الخليج  بل تتضمن تعاون امني في مجال تبادل المعلومات و التدريب و تسهيلات في المواني والمطارات_ وهنا نصل إلى حقيقة مرة وهي أن  الخزينة الأميركية لن تتحمل أي من مصاريف أضرار الحرب كما فعلت بريطانيا في الحرب العالمية الأولى نتيجة الحصار الاقتصادي ، أو الإجراءات التي نفذها تشارلز بلغريف الذي عمل مستشارا لشيخ البحرين بين عامي 1925 و 1957  وحمت البحرين من المجاعة .

لقد كفانا أولي الأمر عناء البحث عن الإجراءات التي سيقومون بها لحل أزمتنا الاقتصادي البسيطة الناجمة عن  ضغوط شهر رمضان وموسم العودة للمدارس وعيد الفطر المبارك  فقد كان هناك اجتماع مشترك  جمع هذا العام مسئولي الأمانة العامة لمجلس التعاون واتحاد الغرف التجارية الخليجية حيث تم تقديم طلب في الاجتماع للأمانة العامة لمجلس التعاون لإعداد دراسة حول ارتفاع الأسعار في الأسواق الخليجية واقتراح آليات لاحتوائها.
فعرفنا من دراستهم  أن كلفة المعيشة في الخليج ارتفعت بنسبة 24% خلا عام واحد ، وعرفت أيضا إن ارتفاع الأسعار عائد إلي موجة الغلاء العالمية التي طالت جميع السلع من بلد المنشأ، أو كما قال  رئيس غرفة تجارة وصناعة الكويت إن ارتفاع الأسعار في الدول الخليجية يعود إلي عوامل خارجية.وفي ذلك إقرار لمسئول خليجي كبير في ان رفع العناء عن كاهل مواطنيها خارج عن سيطرتها .

 فكيف لو طبقت إحدى إجراءات الحرب وهي التعبئة العامة حيث  تسخر كل موارد الدولة للمجهود الحربي، كيف لو طبقت على بلد خليجي وموارده خارج سيطرة صانع القرار فيه ؟


ولأن الشيء بالشيء يذكر فقد يقال إن دول مجلس التعاون قد اجتازت الحرب العراقية الإيرانية دون تبعات وخيمة على مستوى المواطن العادي ، بل إن الرفاه الذي تعيشه دبي حاليا  كان بذرته تحولها إلى ميناء لإيران خلال الحرب ،وكانت الكويت منفذ تجاري للعراق ، وفيما سبق صحة لكن العالم في حينه كان قد نجح في عزل الحرب العراقية الإيرانية لمدة خمس سنوات بنجاح دون أن يكون لها تبعات على الاقتصاد العالم حتى بدأت حرب الناقلات 1986م ،ولم يكن إغلاق هرمز في أولويات أجندة إيران حتى حرمها العراق من تصدير نفطها . كما إن إيران لم تتبنى إستراتيجية نقل الحرب إلى ارض ثالثة كما هي حاليا بسبب الجوار الجغرافي مع العراق ، أما الآن فلن تتردد في خلق جبهة لحرب الغرب خارج أراضيها ، وبالتأكيد لن تكون تلك الأرض غير الكويت أو دولة خليجية أخرى.

سوف ينجح سامي بعون من الله في التعامل مع أزماتنا الاقتصادية الصغيرة في العودة للمدارس وقد بقي من رمضان الكريم نصفه وسوف نتدبر مصاريف العيد السعيد رغم ارتفاع الأسعار ، لكن  كلمات المواطن الخليجي سعيد حين  قال 'أصلي الفجر هنا وأظل حتى الساعة الواحدة ظهرا وأعود بدون فائدة' مازال صداها يدق بعنف،ويزيدها وقعا تصوره في صف طويل وكأنه أمام مكتب وكالة لغوث اللاجئين في دارفور وهو مواطن لأغنى بلد على وجه الأرض حيث يعيش ذلك الوطن في زمن الوفرة المالية والطفرة النفطية الثانية .

 


 

فايز الفارسي - الدوحة

تعليقات

اكتب تعليقك