غلاء الأسعار..فك مفترس ينهش الجيوب

محليات وبرلمان

كل زيادة للرواتب يقابلها إرتفاع كبير للأسعار

387 مشاهدات 0


 موسم الغلاء يعلو لهيبه في دخول  شهر رمضان وسيستمر بصورة أقل .. و كأنها حالة إعلان من التجار ليتضح جشعهم رغم محاولات عديدة للقضاء عليها، والوضع مختلف هذه المرة، فالأسعار مرتفعة منذ بداية العام الجاري، خصوصا بعد زيادة الرواتب، وفي هذا الشهر الفضيل شعر الناس جميعا بأن هناك زيادة بالأسعار غير طبيعية، وأن الضمائر التي لابد أن تراعي ظروف المواطنين والمقيمين وتحترم هذا الشهر، فضلت عدم الانصياع لأي مؤثرات تحدث حولها، فاستمرت بكل الوسائل إلى رفع أسعار المنتجات والسلع الكثيرة التي تعرض في الأسواق، وللأسف أنه لا يوجد حل رادع ضد من يحاول استغلال هذا الشهر الفضيل، والاستمرار برفع الأسعار.
 فهل نحن مجبورين على الانجراف وراء تيار الأسعار الذي يحيط بنا، والذي افتعله التجار بنا مع كل زيادة تأتي لجيوبنا، واستمروا بعمليات رفع الأسعار دون مراعاة لوضع المواطن ذو الدخل الموسط والمنخفض، وأيضا عدم مناسبة هذه الأسعار لما هو معروض لها، وكأنها عملية نصب وخداع يصمت عنها الفرد، فأما أن يقبلها أو يحاول البحث عن بدائل أخرى.
 وهناك  دعايات تسويقية كثيرة ترغب بجذب المشترين بأي طريقة كانت، وتجد  أن التخفيضات شملت بعض المنتجات، إلا أن هناك منتجات ازداد سعرها و كأن الأمر عملية حسابية لخداع المستهلك، فتجد سلعة يرتفع سعرها بينما أخرى يقل سعرها من نفس الشركة، والأدهى من ذلك أن نجد نفس المنتج بعدة أماكن متنوعةولكن بأسعار مختلفة، وهذا الأمر اعتاد المشتري أن يراه كثيرا، ولا نعرف لماذا الاختلاف بهذه الأسعار من مكان لآخر، علما بأن مسئولية تفاوت الأسعار تتحملها الجمعية والسوق أيضا.
 جيوب المواطنون هذا الشهر تتعرض للعصر كما أن إمكانياتهم يضيق عليها الحال، وأصبحت عيناه متجهة لعدة جهات مختلفة مجبر للسير على أغلب طرقها، فتجده يجهز العدة للاستعداد للعام الدراسي كما أن رمضان لابد أن تمتلئ موائده بمختلف الأطعمة، وتكثر ميزانية الألبسة التي اختلفت عليها الأجواء، فمنها للمدارس وأخرى لاستقبال لباس العيد ومن ثم دخول فصل الشتاء، و جاء إكتتاب شركة الإتصلات الثالثة الذي طال انتظار الناس له  ليكمل آخر قطاف العصر لهذا المواطن، لتكتمل مصرفاته جميعها بهذا الشهر، متضامنة مع الأحداث المهمة التي استقبلت فيها  المواطنين و لأن الخير كما يقال ' يهل ' بوقت واحد، كما أن الضغوطات المادية تأتي أيضا معها.
 بات الناس  لا يعرفون  ما هي الحلول المناسبة التي يجب أن يحاربوا  بها الهجوم القوي الذي جاء بشهر واحد، فتجده يختار أهون الشرين فيقوم ببيع بطاقته المدنية، وآخر يفضل البحث عن الخصومات التي تخدع عينيه في الأسواق و لم تغير شيئا من حاله، وآخر يكتفي بتقليل الطلبات التي اعتاد أن يكرم العطاء فيها و خاصة بهذا الشهر، ويأتي بعضهم للتوجه لأخذ القروض أو الاستعانة بصديق و هي 'الفيزا ماستر'. 
بعض الناس التي التقت بهم كان لهم رأي حول موضوع غلاء الأسعار.

 

ولقد علق عبد اللطيف عيسى على الموضوع حيث قال 'ان غلاء الأسعار طال كل شيء بالمجتمع، وما أن تأتي زيادة على الراتب ابتدأ التجار باستغلالها، ولم تغير هذه الزيادة من الوضع الذي نعيشه بل على العكس، فأحيانا تكون هي أحد المسببات للدفع بالمنتجات وغيرها من السلع بأن ترتفع، واستغرب من هذا التصرف من التجار الذين لا يبالون بالأسر التي دخلها متوسط أو دخلهم المادي ضعيف، وكل همهم جمع المال بصورة أكبر، ولابد من مجلس الأمة دراسة هذا الوضع وإيجاد قوانين وحلول تجاه مشكلة غلاء الأسعار، للحد منها و منع البعض من استغلالها.

 


 كما قال نواف الشمري 'غلاء الأسعار طال الكثير من الأشياء التي تحيط بنا، ولابد من معاقبة أي منتج يتغير سعره بصورة مرتفعة جدا بعدم شرائها، و بهذه الحالة سيجبر التاجر على أن يعيد التفكير مرة أخرى ويخفض سعرها حتى يتجنب الخسائر في حالة عدم شرائنا لها، و لابد من جهة رقابية قوية تهابها الجهات التي تبيع أي منتج يشعر المواطن أنه استغل بها، كما لابد أن ينشر وعي للمواطن المستهلك، حتى يعرف حقوقه و متى يلجأ للجهة الرقابية، ويشعر من قام بتلك الأشياء أن لديه وعي بما يجري و يمكنه محاسبة من يحاول استغلاله.
 
سامي محمد يقول 'الأسعار المرتفعة لبعض المنتجات التي اعتدنا عليها تجبرنا أحيانا لشرائها حتى لو ارتفعت، كما أن هذا الشهر جاءت علينا أعباء كثيرة في وقت واحد، وهو دخول شهر رمضان المبارك والاستعداد له و أيضا قدوم المدارس و العيد و القرقيعان و غيرها من المناسبات التي تكدست بشهر واحد، مما جعلنا مضغوطين بشدة بسب هذا الأمر، ونتمنى ايجاد حلول مناسبة لمواجهة قضية ارتفاع الأسعار، وتحسين الخدمات التي تقدم للمواطن، وهذا ما نرجوه من مجلس الأمة من خلال تعاون السلطتين مع بعض، والبحث فيما هو مناسب لحل قضايا المجتمع الكويتي.
 
غلاء الأسعار قضية تلامس الجميع دون إستثناء، ووضع الحلول لها أمر ليس بالعسير، ولكنه يحتاج لجرأة بإتخاذ القرار وتطبيقه على الجميع دون تفرقة، ولعل التنسيق بين وزارة التجارة مع بقية الوزارات سياعد كثيرا على مواجهة المشكلة، بالإضافة لتعاون السلطة التنفيذية مع السلطة التشريعة باستصدار القرارات ومراقبتها وتطبيقها على أرض الواقع، ومراقبة الأسواق والأسعار والتجار ومحاسبتهم على الزيادات وتفعيل هيئة حماية المستهلك ونشر الوعي الاستهلاكي في المجتمع، ومتابعة دعم الحكومة للسلع واللتزام بتوزيعها، وتخفيض الجمارك على البضائع المستوردة، سيساهم بشكل كبير على تحديد قيمة السلعة منذ دخولها إلى البلاد، وبالتالي لن تكون هناك حجة للتاجر بإفتعال الزيادات الغير مبررة.
أضف إلى ذلك تطبيق فكرة الشراء الجماعي للسلع الاستهلاكية، وتوحيد أسعارها في الجمعيات التعاونية، والشراء الجماعي أيضا ما بين دول مجلس التعاون الخليجي ومابين التجار في البلدان المنتجة، وعملية تثقيف المجتمع، والتخلي عن النمط الاستهلاكي المتأثر بالدعايات التجارية لقوله جل جلاله {وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا} [الإسراء: 29]. وقال تعالى: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ} [الأعراف: 31].
كما جاء في الأثر أن الناس في زمن الخليفة عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - جاءوا إليه وقالوا:
نشتكي إليك غلاء اللحم فسعره لنا، فقال:أرخصوه أنتم؟
فقالوا:نحن نشتكي غلاء السعر واللحم عند الجزارين ونحن أصحاب الحاجة فتقول:أرخصوه أنتم؟ فقالوا:وهل نملكه حتى نرخصه؟ وكيف نرخصه وهو ليس في أيدينا؟ فقال قولته الرائعة:أتركوه لهم.
بل أن علي بن أبي طالب _ كرم الله وجهه - يطرح بين أيدينا نظرية أخرى في مكافحة الغلاء وهي، إرخاص السلعة عبر إستبدالها بسلعة أخرى، فعن رزين بن الأعرج مولى لآل العباس قال:غلا علينا الزبيب بمكة فكتبنا إلى علي بن أبى طالب رضي الله عنه بالكوفة، أن الزبيب قد غلا علينا، فكتب أن أرخصوه بالتمر) أي استبدلوه بشراء التمر، الذي كان متوفرا في الحجاز، وأسعاره رخيصة، فيقل الطلب على الزبيب فيرخص. وإن لم يرخص فالتمر خير بديل.
والقاصي والداني يعرف ما حصل للبضائع الدانمركية عندما قاطعها الناس واستبدلوها بسلع أخرى، كيف تهاوت أسعارها بشكل كبير حتى وصلت إلى النصف تقريبا، إن استبدال ثقافة الاستهلاك بثقافة الادخار فالمتوسط العالمي للادخار يبلغ 21%، ويرتفع إلى 39% في بلدان شرق آسيا، فيما يبلغ المعدل ذروته في الصين مسجلاً 47%، فإن المعدل لا يتعدى في الدول العربية الغنية بالنفط 18% على الرغم من تمتعها بمستوى دخل جيد، وينخفض المعدل ليسجل 17% في مصر.

الآن - تقرير : نورا ناصر

تعليقات

اكتب تعليقك