الحراك الحالي مستحق!.. هذا ما تراه منى العياف
زاوية الكتابكتب يوليو 8, 2014, 11 م 707 مشاهدات 0
الوطن
طوفة عروق / مواجهة الفساد والمفسدين.. قضية مستحقة لا تضيعوها..!
منى العياف
لا أحد ينكر حق الشعوب في التعبير عن أرادتها والتاريخ قديمه وحديثه ومعاصره، سطر لنا الكثير من القصص والروايات عن المظاهرات والثورات التي قامت وأندلعت في أرجاء العالم المختلفة، واستطاعت ان تغير التاريخ وتكتب صفحات أخرى فيه.. وهناك ثورات كانت من أجل العيش الكريم، وطلباً للحرية والعدالة والكرامة، والتصدي للطغيان، أغلب أهداف الثورات لا تخرج عن هذا الثالوث من الاحتياجات الانسانية.
هذا بينما يرى علماء الدين رأياً آخر في هذه المسيرات والمظاهرات اذ يرون انها ليست طريقاً للاصلاح بل هي طريق الى الفوضى والشغب وان المتظاهرين قد يسلكوا مسالك العنف، بل ان من العلماء من يراها ثورات «مفسدة» الى غير ذلك من التوصيفات، كما اننا نجد علماء من هؤلاء يفتون بأن المظاهرات التي تقام تضامناً مع اخواننا في فلسطين واجبة ومستحقة وأنها وسيلة تعبير عن الرأي.. وقد اختلف أهل العلم حول هذا التفسير بين مجيز ومانع.
٭٭٭
ولكن صفحات التاريخ تروي الكثير من الأحداث عن المظاهرات والمسيرات والتي تحولت الى ثورات وغيرت ملامح الدول التي اندلعت فيها، مثل الثورة الانجليزية التي اندلعت كانت متمحورة بين دينية سياسية، وبين العدالة الاجتماعية.. والثورتان الأمريكية والفرنسية وهما من اوائل الثورات الليبرالية في التاريخ وقوامهما كان صراعاً بين طبقتين متمثلتين في الشعب وطبقة النبلاء، طبقة منعمة بالامتيازات ومعفاة من الضرائب وطبقة الشعب (من الفقراء المعدمين).. ثم يفرد التاريخ صفحاته للثورات العربية ومنها الثورة الشعبية في مصر والتي تزعمها أحمد عرابي، وكان هدفها أرساء دولة نيابية دستورية، والثورة المهدية في السودان، ثم الثورات الأخرى والتي حدثت في دمشق مطالبة بالاستقلال عن الدولة العثمانية، والثورة العربية في مكة ثم الثورة في الحجاز والثورة الروسية البلشفية والتي قامت بزعامة لينين.. والتي ألغت الملكية الخاصة للأراضي وألغت حق الوراثة والغاء جميع الألقاب واستبدالها بلقب المواطن، وتم منع التعليم الديني بالمدراس.
٭٭٭
أيضاً هنا ثورة فلسطين، والثورة الصينية وثورات شرق أوروبا (سقوط الشيوعية) وثورة يوليو 52 في مصر، والثورة الجزائرية واليمنية والثورة الاسلامية في ايران التي حولت ايران من نظام ملكي تحت حكم الشاه محمد رضا بهلوي، لتصبح جمهورية اسلامية، وانتهت هذه الثورات ولم يندلع غيرها الى وقتنا هذا حيث شهدنا أخيرا ثورات الربيع العربي وكان آخرها ثورة 6/30، حيث تم خلع رئيس مصر المنتخب!.
ما قصدته من هذا السرد التاريخي هو ان الشعوب الحية دائماً هي من تصنع تاريخها وأن هذه الثورات قد تؤدي بالفعل الى الانتقال من حالة الجمود والحكم الفردي الى دولة المؤسسات، وتداول السلطة، فهي تختلف من دولة الى أخرى وقد تفضي الى اقامة حكم ديكتاتوري كما حدث أيضاً في كثير من الدول.
لذلك لا ضرر من ان يقوم الفرد بالتعبير عن نفسه وارادته واحلامه وان يغير واقعه ولذلك يجب ان يقرأ التاريخ جيداً لكي يستفيد الحاكم والمحكوم.
٭٭٭
لو انتقلنا الى دولة الكويت.. الى وطننا الغالي هذا.. لنرى تاريخ ثوراته على ضوء احتجاجاته المعاصرة.. ماذا يقول التاريخ؟ ان الشعب الكويتي شعب حيوي يريد تغيير واقعه وانه استخدم جميع الوسائل للتعبير عن رأيه منذ القدم، ولكن دائماً تبقى الحالة الخاصة التي تجمع أسرة الحكم بمكونات الشعب ولذلك دائماً الأمور مهما اشتدت وتصاعدت فان هناك خطوطاً حمراء (جبلنا) على عدم تجاوزها نابعة من حب واحترام هذه الأسرة الكريمة والتي عهدناها على مدار القرون السابقة وهي تقف على مسافة واحدة من كل مكونات الشعب الكويتي، ولقد شهدنا خلال السنوات السابقة حراكاً اختلفت أسبابه من مطالبة بعودة البرلمان، بعد ان علق لأكثر من عامين الى مطالبات بحق المرأة السياسي الى مطالبات بتغيير الدوائر من 25 دائرة الى 5 دوائر الى المطالبة بتغيير رئيس الوزراء آنذاك لسبب استنفاذه لكل الفرص، ومن ثم بدأت مظاهرات أخرى للمطالبة بعودة الأصوات الأربعة، وهنا سأتوقف قليلاً لأقول أنه عندما بدأت هذه المظاهرات تأخذ اشكالاً وأساليب تتسم بالعنف غير المبرر من قبل الداعين والمؤثرين في مسارها فان جموع الكويتيين رفضوا ذلك، لأن هذه الأساليب مرفوضة، فلا يجوز ان نغير واقعنا بالعنف، لأننا لا نعاني كما يعاني الآخرون من أزمة غذاء وحرية وكرامة ولهذا كنا نقف أمام الفوضى والعنف ولم يكن قد حل آنذاك وقت استحقاق مثل هذه القضايا عبر هذه الطرق والوسائل العنيفة لأن لدينا طرقاً دستورية كفيلة بان تغير مساره وتحقق هذه المطالبات.
٭٭٭
نحن اليوم نعيش اجواء تشبه اجواء مظاهرات تلك الأيام ونحمد الله اننا في قرارة أنفسنا جميعاً لا نريد ان تتحول الاحتجاجات الى ثورات، لأننا ارتضينا بحكم آل الصباح، ولكن نحن نريد ان نغير واقعنا السياسي والاقتصادي بان يتم اختيار قيادات توضع على رأس الهرم التنفيذي ممن لديهم كفاءات وقدرات ومن يستحقون بالفعل ان يقودوا البلد وأن يجعلوا المواطن يشعر بانه جزء من هذا الوطن، عندما يطبق القانون على الجميع سواسية وعندما يتم اختيار الشخص المناسب في المكان المناسب، وعندما تكون هذه القيادات رقيبة حقاً على أموال الدولة، وعندما نواجه الفساد والمفسدين وعندما ننهض بالبلاد.. ولهذا فانني أعتقد ان الحراك الحالي مستحق لأننا نحتاج ان نغير من واقعنا.. لذلك عندما أشتعل المشهد السياسي بعد حبس «مسلم البراك»، وبعد التعسف الذي واجهه ورأيناه جميعاً، حزنا كثيراً لأن من أشعل الحراك لم يكن يفقه ان هناك غضباً كامناً تحت الأرض جراء الفساد، وأن قضايا الفساد التي صدمت الناس وأصبحت حديثهم، وسبل تعامل الحكومة مع هذه القضايا، وقضايا أخرى مع برلمان أشبه ما يكون بادارة رقابية تابعة للحكومة، كان هو الشرارة التي تفجرت في الشارع ولكن عندما يتحول هذا الحراك الى «تكسير» و«قطع» طرق و«احراق» و«تبادل العنف»، هنا نقول لا.. من الخطأ ان يكون هذا هو الطريق للتعبير عن قضية الساعة وهي مواجهة الفساد والمفسدين فهي قضية مستحقة والجميع سينضم الى الحراك ولكن دون اخلال بالنظام العام وبالترخيص لهذه المسيرات او حصرها في ساحة الارادة، فقد سبق وان تحققت بعض المطالب ولكن عندما تضافرت جميع الجهود عليها لكن من دون ان نوقع ضرراً على وطننا الصغير.
٭٭٭
الحقيقية انني تفاجأت بخطاب بعض النواب السابقين من يطلق عليهم (نواب الأغلبية).. كان خطابهم الذي طرحوه ينم عن عقل راجح وخطاب موزون، وهو ما كنا نحتاج اليه وأن يكون كذلك، فلا تضيعوا قضية بحجم «بلاغ الكويت» وما يحمله من قضايا كارثية بحراك تدخلون به مع الدولة في صدام او احتكاك.. فلا مجال للفوضى او الخروج عن القانون اذا أردتم ان تتحقق الغايات.. فهذا البلد يجمعنا جميعاً فهو حاضرنا ومستقبل أبنائنا ولن نسمح بتدميره وبل سنقف صفاً معكم لو كانت القضية حرباً على الفساد والمفسدين!!.
.. والعبرة لمن يتعظ!!.
تعليقات