الفرق بين المسلم الغربي والمسلم العربي!.. بقلم خليل حيدر

زاوية الكتاب

كتب 1104 مشاهدات 0


الوطن

طرف الخيط  /  المسلم الغربي.. والمسلم العربي

خليل علي حيدر

 

ثمة اليوم عدد هائل من المسلمين في دول الغرب، من المهاجرين اليها ومن المعتنقين للاسلام من الغربيين، قدر عددهم في اوروبا الغربية والشرقية عام 2007 بنحو خمسين مليونا، الى جانب ملايين اخرى في امريكا واستراليا وغيرها من دول الغرب.
وربما هناك «اسلام من نوع خاص»، لم تتبلور حتى الآن كل جوانبه السياسية والفقهية والثقافية، بسبب ضغوط وتأثير العالم الاسلامي، واستمرار الهجرة من البلدان الاسلامية الى اوروبا، وكذلك ربما لان قيادة هذه الجمعيات والمنظمات الاسلامية – الاوروبية لاتزال بيد الاخوان المسلمين والسلفيين، والاسلام السياسي السني والشيعي.
يقول د.أحمد جاب الله، نائب رئيس اتحاد المنظمات الاسلامية في اوروبا، والذي يضم اكثر من 250 منظمة، في مقابلة له بمجلة «العالمية» التي تصدر في الكويت، انه «تطرأ في المجتمعات غير الاسلامية قضايا قد لا تكون بنفس الشكل الذي تطرح عليه في العالم الاسلامي»، ويذكر د.جاب الله في تلك المقابلة، ان عدد المساجد والمصليات في منطقة باريس وحدها 1800، كما يحضر المؤتمر السنوي للاتحاد اكثر من 120 الف شخص، حيث «يعتبر اضخم مؤتمر في الغرب عموما» (العالمية، اكتوبر 2007، ص47-46).
وقد يتساءل المرء اليوم، وقد اصبح الاسلام والمسلمون، اعتدالا وتطرفا، تسامحا وارهابا، جزءاً من الواقع الغربي في مدنه ومدارسه ومؤسساته: مَنْ اصدق اسلاما: مسلمو العالم العربي واسلاميوه، ام الاوروبيون والامريكيون الداخلون في الاسلام؟
هل «المسلم الصادق الحقيقي»؟، كما يشار اليه ويشاد به دائما، هو من ولد فوجد نفسه في عائلة مسلمة من هذا المذهب او ذاك، فسار في درب اهله ومجتمعه، وآمن بما يؤمنون دون سؤال او نقاش، ام ان «المسلم الحقيقي»، هو الأوروبي المسيحي أو اليهودي، وربما الآسيوي البوذي والهندوسي، الذي ولد كذلك في وسط ديانة اهله، وتبنى عقيدة مجتمعه بعض الوقت ثم اختار الاسلام.. وحسن اسلامه!
أي الاسلاميين اقرب الى روح العصر: اسلام المليار ونصف المليار من مسلمي العالم الاسلامي، الاسلام الموروث، الذي يتعصب له المسلمون، وتتبناه دساتير الدول الاسلامية، وتطبق اشد العقوبات بحق من ينتقل لغيره، او حتى يثير بعض الاسئلة عنه، او ربما يؤلف بعض الكتب «المحرمة»، والمقالات «المغضوب عليها».
ام اسلام الانجليز والالمان، والامريكان واليابانيين والكوريين والبرازيليين والاستراليين والكنديين، الذين يطالعون الكتب الاسلامية المترجمة الى لغاتهم، ويتناقشون بحرية حول كل ما يعترضون عليه وما يرونه يستحق النقاش والاعتراف، دون ان يثورعليهم رجل دين او تهددهم المحاكم او ينبذهم المجتمع؟ لماذا يبقى ايمان المسلم وتسليمه بعقيدته، محروسا بحراب القانون والتشريع والضغط الاجتماعي، بنيما يتمتع المسلم الاوروبي والامريكي، من الرجال والنساء والشيب والشبان، بكل هذه الحرية في قراءة الكتب الاسلامية ومن يرد عليها، ومن يدافع عن العقيدة والشريعة ومن يطرح حولها الاسئلة ويثير النقاط؟
ولماذا نرى فقهاء المسلمين وشيوخ الدين الاسلامي في الغرب يوسعون الصدور ويتقبلون المعارضة والنقد واصعب الاسئلة، بل ويستجيبون بالافتاء وبكل المرونة الفقهية ، ويحاولون جهدهم الوصول الى المؤمن المسلم، والمسيحي قريب العهد بالاسلام، والاستاذ الجامعي المتردد، والزوجة التي تتصارع مع اهلها وهي تحاول تغيير دينها، ولا نرى اثرا من معظم هذا في الدول الاسلامية؟! لماذا نقول ونؤمن بان الاسلام اقوى الاديان، واكثرها توافقا مع العقل والغريزة، واشدها التصاقا بحرية العقيدة، «ومن شاء فليؤمن من شاء فليكفر»، وسيلقى الاثنان جزاءهما، ولكننا في الوقت نفسه، ورغم ترديد كل هذه التأكيدات، لا نرى بأسا في اصدار فتاوى التكفير وفي الملاحقة والسجن بل ومصادرة الحقوق القانونية الانسانية.. والحرمان والاعدام؟
لماذا لا ندخل مرحلة جديدة نعطي فيها لديننا حرية النزال ضد الاديان الاخرى، والدفاع عن النفس، واثبات القدرة على الصمود والاقناع؟ لماذا يتمتع اتباع كل الاديان الاخرى، التي نعتبرها منحرفة وباطلة ومنسوخة، بكل هذه الحريات، والتي تشمل انتقال العديد بل والكثير من اتباعها الى الاسلام، بل والتحول الى دعاة ومجاهدين ومقاتلين وانتحاريين، بينما لا نملك نصف هذه الجرأة والثقة بالنفس وبقدرة الدين واتباعه على حسن الاختيار؟
لماذا يقوم اسلام من يدخل الدين من الاوروبيين وغيرهم على استخدام الافكار المعاصرة والاحصائيات والتحليل الديني العميق، بينما تعجز كتبنا الدينية الدعوية ومؤلفاتنا الفقهية عن دخول العصر ومخاطبة عقول الناس ومناقشة القضايا الدينية بحرية وجرأة وكفاءة مماثلة؟ أين إذن الذين يتحدثون عن «الإسلام الحضاري»؟ يدافع معظم من يدافع عن سياسة الصمت والتجاهل هذه، بحجة «درء الفتنة وعدم فتح الثغرات وصد رياح التشكيك». ولكن قلة من المسلمين والإسلاميين يدركون حقاً أنهم في الواقع يخسرون المعركة عاما بعد عام رغم كل المظاهر المعاكسة، ولا يمكن للإسلام أن يكون «دين الغد» كما يقولون، ما لم يكن قوياً بذاته في دياره، عصريا داخل العالم الإسلامي بأفكاره ووسائل إقناعه وانتشاره، متماشيا بشكل كامل مع المبادئ والقوانين الدولية التي وقعت دولنا عليها، والتي نحتفل بيوم صدورها كل عام، ونعلن دوما احترامنا لها و«تطابقها مع مبادئ الشريعة الإسلامية».
إن العديد من دساتير العالم الإسلامي تؤكد احترامها للأديان وقدسيتها، والدستور الكويتي ينص صراحة على أن «حرية الاعتقاد مطلقة» - المادة 35. وتقول المادة 18 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان إن «لكل شخص الحق في حرية التفكير والضمير والدين، ويشمل هذا الحق حرية تغيير ديانته أو عقيدته، وحرية الإعراب عنهما بالتعليم والممارسة وإقامة الشعائر ومراعاتها، سواء أكان بمفرده أو مع الجماعة، وأمام ملأ أم على حدة».
إن البلدان المتقدمة في أوروبا وأمريكا وآسيا تحترم مواد دستورها وهذه المادة من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
ولكن ما المسافة التي لا تزال تفصل بلدان العالم العربي والإسلامي عنها؟

الوطن

تعليقات

اكتب تعليقك