لن يسامح الله امة غيرها يصنع لها تاريخها... لعن الله ذلك التاريخ..جاسم بودي منتقدا ماجرى فى 11 سبتمبر لما جره ويلات على العرب والإسلام
زاوية الكتابكتب سبتمبر 12, 2008, منتصف الليل 537 مشاهدات 0
لعن الله ذلك التاريخ
كم هو صعب الاعتراف بأن مصير مئات ملايين البشر حددته في فترة ما مجموعة اسلامية متطرفة وادارة اميركية متطرفة... لانهم بلا ارادة ولا ادارة.
في ذلك اليوم، قبل سبع سنوات، هلل بعضنا لطائرتين تصطدمان بمبنيي برج التجارة العالمي في نيويورك. فرح كثيرون من ابناء جلدتنا بما اعتبروه «تنفيس قهر» رغم انهم كتبوا عكس ما أضمروا ونددوا في الفضائيات «بهذا العمل المشبوه» فيما هم يوزعون الحلويات في مجالسهم تبريكا. لم يعلم هؤلاء المهللون انهم سيكونون الضحايا اللاحقين للمجموعات المتطرفة او «العدو» المفترض لها.
وفي ذلك اليوم، قبل سبع سنوات، هلل بعضنا لاعلان الادارة الاميركية الحرب على الارهاب. فرح كثيرون بما اعتبروه «ولادة الشرق الاوسط الجديد الديموقراطي» رغم انهم كتبوا عكس ما أضمروا ونددوا في الفضائيات «بالاستعمار الجديد» فيما هم يوزعون الحلويات في مجالسهم تبريكا. لم يعلم هؤلاء المهللون انهم سيكونون الضحايا اللاحقين للادارة المتطرفة او «العدو» المفترض لها.
بين تقسيم الجماعات المتطرفة العالم الى فسطاط الكفر وفسطاط الايمان، وبين تقسيم ادارة جورج بوش العالم الى محور الخير ومحور الشر، سارت السنوات السبع العجاف بنا. ايقظتنا على خوف وارقدتنا على قلق وجعلتنا موظفين دائمين في دائرة احصاء الانفجارات والقنابل والضحايا والخسائر.
غابت معايير المقاومة والجهاد والنضال والكفاح من اجل التغيير. قلد المتطرفون الادارة الاميركية في خلطها بين الارهاب وتحرير الارض عندما خلطوا بين «المحتل» فوق دبابة والشرطي في الشارع والطفل في المدرسة والمرأة في السوق. صارت الفتاوى تتكاثر بتكاثر «امراء» المناطق وما على الذي زنر جسده بالمتفجرات سوى طاعة ولي الامر. «اذا قتل مدنيون ابرياء في عملية استهدفت المحتل فهم شهداء»، و«اذا دخل الشيعة في سلك الشرطة تحت سلطة الاحتلال فاستهدافهم يجوز»، و«اذا حمل اهالي الصحوة من السنة السلاح لحماية احيائهم فقتلهم مشروع»... صار امير المنطقة «الجهادي» هو الحاكم بأمره في المنطقة يقرر من يقتل ومن يقف في الطابور ومن يصبح قلقا وينام خائفا.
في الوجه الآخر للعملة، اصبح مسؤول المنطقة او القطاع العسكري الاميركي هو الحاكم بأمره في القطاع يقرر من يقتل (ولو اقتضى الامر ان يعتذر لاحقا) ومن يقف في الطابور ومن يصبح قلقا وينام خائفا. تفوقت «اميركا المحافظين» بالاخطاء على اي دولة في العالم بل على اي اميركا اخرى. رسمت معايير جديدة للعلاقات مع مليار و200 مليون انسان قائمة على ان الدين الاسلامي هو ما اظهره قراصنة غزوتي نيويورك وواشنطن، ولذلك لا بد من جملة «فتاوى تحررية» يصدرها البيت الابيض كي تنفذ، اهمها ان من يسعى الى تحرير ارضه ارهابي، ومن يتمسك بعقيدته نصف ارهابي، ومن ينتقد الغطرسة الاميركية والوحشية الاسرائيلية عدو للديموقراطية يغسل عقول الاجيال ويحضرها لعمل انتحاري، ومن يمارس العمل الخيري فانما يمول الارهاب، ومن يُرد ان يأخذ شهادة حسن سلوك كي يتلافى الفوضى الخلاقة فعليه طاعة ولي الامر الذي رفع شعار: «اما ان تكون معنا والا فانت ضدنا».
سبع سنوات سار بعضنا بقلبه او يده او لسانه مع المتطرفين، وسار بعضنا بقلبه او يده او لسانه مع الاميركيين، اما الغالبية التي فضلت الخط الثالث فلم تسلم من «النيران الصديقة» او «الشظايا الطائشة»، ولم تستطع الخروج من اسر 11 سبتمبر لانها عجزت عن التصدي للتطرف واعتبرته قضية الخارج من جهة، وعجزت اكثر عن اعتماد خيار ندي مع الخارج لاعتمادها الكبير عليه والتزامها فواتيره الصعبة من جهة اخرى. صارت الغالبية اقلية في اللعبة الجهنمية الدائرة على ارضنا وبقيت الاقلية المتطرفة في قلب الحدث واحيانا في قيادته، فيما الانظمة منقسمة ايضا الى فسطاطين: من يعمل على حماية نفسه عبر انهاك المشروع الاميركي او مهادنته، ومن يجمد كل المشاريع والخطط في ثلاجة الانتظار حتى تعبر الريح من فوق رأسه بأقل قدر من الخسائر. وفي الحالين نكبة لشارع وشعب ورأي عام ومجتمع مدني وحريات وديموقراطية وتنمية.
سبع سنوات والادارة الاميركية تلملم خططها وتعيد تقويمها، وادارة التطرف تلملم اشلاء انتحارييها وتعيد شحذ العقول والقلوب وتعبئة النفوس، والغالبية العظمى من العرب والمسلمين تلملم جراحها وتنتظر طرفا ما يملأ فراغ الادارة عندها لانها ما تعلمت ادارة امورها.
لن يسامح الله امة غيرها يصنع لها تاريخها... لعن الله ذلك التاريخ.
جاسم بودي
تعليقات