الفساد وما أدراكم ما الفساد ؟ بقلم فواز البحر

زاوية الكتاب

كتب فواز البحر 1280 مشاهدات 0

فواز البحر

(عندما تعمل نخب الدولة في بيئة المؤسسات الضعيفة وقدر محدود من المنافسة السياسية وتوسع في الفرص الاقتصادية فإن المجال يصبح مفتوحاً للفساد والإفلات من العقاب في هذه الحالة نكون امام متلازمة 'المسؤولون الحكوميون' حيث يمسكون هم والشخصيات السياسية واقربائهم واخوانهم بكل الاوراق)

هكذا يشرح مايكل جونستون الدوله الغارقه في اكلاف الفساد , في كتابه المتميز ' متلازمات الفساد '

دخل مايكل جنستون في اعماق الفكر الفاسد واستطاع بجداره تفكيك عملية ( دائرة الفساد ) وكيف تطورت وكيف اصبحت ويعتبر هذا الكتاب مرشد لكل برلماني ( امريكي – اوروبي) لكي يفهم قواعد ومنظومة الفساد , وكما يقول المؤلف :

' لقد ظهرت الادلة الجديدة والنظريات المطورة خلال الخمس عشر سنة الماضية ان الفساد على وجه الاجمال يؤخر ويشوه التنمية السياسية والاقتصادية ' .

واخذت الدراسة الميدانية والبحوث التي قام بها مايكل جنستون على عديد من الدول الولايات المتحدة , اليابان, والمانيا , وايطاليا , وكوريا الجنوبية , والصين ,, وغيرهم

ويعتبر مايكل استاذ كرسي تشارلز دانا للعلوم السياسية ورئيس قسم العلوم الاجتماعية في جامعة كولغيت .

طبعا هنا نقف امام مدرستين في التحليل والذي اجاد فيها المؤلف وابدع ، المدرسة السياسية ومعطياتها و اخذ الجانب العلم الاجتماعي وابعاده .. وهذا ما سهل على القارئ فهم عمق وخطورة المؤسسات الفساد ..

فهو يتكلم عن مشكلة اقتصادية ومن ثم يدخل بها بالمشهد السياسي ويعود بها على الفرد ومدى قبوله فيها .. ونادر ما نجد مؤلف متمكن بسلاسة الشرح لمشكلة اقتصادية معقدة ..

فهذا الكتاب لا يحتاج منك ان تكون متخصص في علوم الاقتصاد او في علوم السياسية .. فالكل يستطيع فهمه من غير ( تعالي ) المؤلف على القارئ .

فمثلا حين نشاهده كيف يشرح الاسواق النفوذ اختصرها في عبارة واقعية ومحددة حين قال : ' يدور الفساد في أسواق النفوذ حول استعمال الثروة سعيا لتحقيق النفوذ داخل المؤسسات السياسية ' وهنا كان يتكلم عن دور التجار في تغير القرارات السياسية لصالح مجموعة متنفذة ..

ودخل ايضا اعمق من هذا حين تكلم عن دور المؤسسة القضائية في اندونيسيا حين قال : ' في عام 1995 قدر احد قضاة المحكمة العليا المتقاعدين بان نصف القضاة الإندونيسيين يمكن ان يتلاعبو بالمحاكمات مقابل ثمن معين ' .

فهو يتكلم عن سلطة سياسية متفردة و فساد قضاء و هيمنة تجارية تلقائيا تكون هذه الدولة هشة في التنمية وعدم استقرار سياسي واقتصادي وحتى تصل لدرجة تكون فيها مؤسسة الدولة فعليا ( لاقيمة ولا هيبة للقانون) فيها .

وامامنا ثلاث فقرات يشرح فيهم اهمية قوة المؤسسات :

(تتجلى الروابط بين الإصلاح والعدالة بوضوح أكبر في هذه المتلازمة التي تعتبر الورطة الاساسية فيها 'الحصانة الرسمية' والمؤسسات تعاني من ضعف شديد والمشاركة العامة في الحياة السياسية ضعيفة أو موجهة من الأعلى )

(عندما اوضح اكثر من أي وقت مضى وجود حاجة الى مؤسسات قوية وقادرة على النهوض بأعبائها التي تعتبر عامة بكل ما تحمله تلك المعنى , وبناء تلك المؤسسات ليست عملية بسيطة وستواجه مقاومة عنيفة )

(التفكير في الفساد كمشكلة تنفيذ قوانين يمثل فكرًا ضيقًا، بل ينبغي التفكير في بناء 'المؤسسات' كعملية متكاملة من القاعدة حتى القمة)

انصح في هذا قراءه هذا الكتاب وخصوصا في هذه المرحله الحرجة والصعبة التي تمر بها الكويت والعديد من بلدان الوطن العربي.

الآن - رأي: فواز البحر

تعليقات

اكتب تعليقك