نقل المواجهة بين موسكو وواشنطن إلى الخليج العربي
عربي و دوليسياسة الشيء بالشيء quid pro quo الروسية مع الولايات المتحدة
سبتمبر 8, 2008, منتصف الليل 1425 مشاهدات 0
مع ارتفاع حرارة شهر أغسطس2008م نقلت وكالات الأنباء خبرين يفصل بينهما عشرون يوما ، الأول هو حرب القوقاز بين روسيا وجورجيا والتي اندلعت في 8 من أغسطس 2008م ،أما الخبر الثاني فهو تقديم دولة الإمارات العربية للأمم المتحدة في يوم الجمعة 29 أغسطس 2008 احتجاجا شديد اللهجة على إقامة إيران مكتبين بجزيرة أبو موسى في الخليج العربي .
و كحرب الأيام الستة بين العرب وإسرائيل 1967م يبدوا أن حرب الأيام الخمسة في القوقاز بين روسيا وجورجيا ستحدث تبعات شديدة الوطء على الخليج العربي. لقد تمت كلا الحربين بناء على الفكر العسكري الألماني النازي المعروفة بالحرب الخاطفة رغم فقدان عنصر المفاجأة في حرب القوقاز، إلا أن الفكرة الأساسية التي اعتمدت عليها روسيا من إستراتيجية الحرب الخاطفة Blitzkrieg هي الضرب بعنف وبسرعة بهدف شل حركة الخصم ومنعه من القيام بأي هجوم مضاد مما يؤدي لانهيار معنويات الجنود وهذا ما تم بالفعل في 'تسخينفالي' في' أوسيتيا الجنوبية'.
لقد كان من تداعيات حرب القوقاز ثلاث استفزازات أميركية أثارت حنق روسيا ،الأول هو وصول نائب الرئيس الأميركي ديك تشيني إلى جورجيا الأسبوع الماضي ، وكأنه جاء ليقول لهم أنتم منفذ نفط شركاتنا الوحيد من وسط أسيا إلى العالم ولن نترككم لقمة سائغة للروس . أما الثاني فهو رسو السفن الأميركية في الموانئ الجورجية بوتي Poti وبتومي Batumi وخصوصا سفينة ماونت وتني USS Mount Whitney والتي هي سفينة القيادة للأسطول السادس في البحر الأبيض المتوسط وسفينة القيادة للقوة الضاربة لحلف شمال الأطلسي .أما الاستفزاز الثالث فكان في وصول وفد من حلف الناتو لتقدير الأضرار التي لحقت بجورجيا رغم أنها لم تنضم للحلف بعد، وهي إجراءات أغاضت روسيا ودفعتها إلى القيام بإجراءات مضادة على قياس الشيء بالشيء quid pro quo.
لقدقامت روسيا -رغم أن دخان بارود حرب القوقاز لازال في الجو- بإرسال حاملة الطائرات الأميرال كوزينتسف Admiral Kuznetsov لكي تحرس أسطول محمل بالسلاح الذي طالما أرادته دمشق ليعينها في توازن التسلح مع إسرائيل ليقوي موقفها التفاوضي في المحادثات الغير مباشرة مع إسرائيل من خلال تركيا كما سبق وان أشرنا لذلك في أنظر :http://alaan.cc/client/pagedetails.asp?nid=18421&cid=46
أما الإجراء الكيدي الثاني لروسيا فكان في التوصل إلى تفاهم إيراني/ روسي حول إقامة قاعدة روسية في أذربيجان الإيرانية على بحر قزوين. لكن ما يقلقنا في الخليج العربي هو المحادثات التي جرت بين موسكو وطهران لإقامة قاعدة بحرية روسية في أحدى الجزر التي تحتلها إيران Iranian-held island' ' كما ذكرت أحد المصادر الاستخبارية، وإذا نظرنا للأمر بعين فاحصة فليس هناك إلا جزيرة أبو موسى التي تحتلها إيران منذ 1971م، مما يفسر ما بثه تلفزيون جمهورية إيران الإسلامية الرسمي حين أذاع خبرا مفاده' أن السلطات الإيرانية أقامت على جزيرة أبو موسى مكتبين أحدهما للإنقاذ البحري والآخر لتسجيل السفن والملاحين'، وهما إجراءان قامت بهما إيران لكي تظهر للروس أنها تملك السيادة على الجزر، رغم مجافاة ذلك للحقيقة ، حيث إن 'مذكرة التفاهم المبرمة في تشرين الثاني (نوفمبر) 1971 لا تزال سارية المفعول وان بنودها لم تسند لإيران السيادة على الجزيرة أو على أي قطاع منها كما أنها لم تخول إيران اتخاذ أي تدابير أمنية على الجزيرة.
أخيرا قد لا يتعدى وصول السفن الأميركية للمياه الجورجيه إظهار التواجد الأميركي أو ما يسمى show the flag لتطمئن جورجيا بجدوى الانضمام لحلف الناتو ، لكنه ليس بحجم ولا أثر بناء قاعدة روسية في الخليج العربي على جزر إماراتية مغتصبة من قبل إيران. كما أنه مؤشر خطير على تغير ميزان القوى في المنطقة، وهو تهديد يخل بهيمنة الولايات المتحدة على المنطقة وبحمايتها للمصالح الغربية .
لقد قاتلت بريطانيا العظمى بكل ما تملك لإبعاد الروس عن المياه الدافئة للخليج العربي في القرنين التاسع عشر والعشرين ونجحت في ذلك رغم التقرب الروسي من فارس خلال فترات السلم بين القياصرة في موسكو والقاجار في طهران. ورغم توقيع صدام حسين لاتفاقية الصداقة والتعاون 1972م مع روسيا إلا إن الولايات المتحدة حالت دون وصول السوفييت للعراق .
وقد يكون وصول الروس للخليج العربي من أسباب عودة الاستقرار للمنطقة، لعودة التوازنات في العلاقات الدولية، مما جعل إيران أكثر تقبلا لفكرة عدم استفراد الولايات المتحدة بها في ظل تلك التوازنات، وما يتبع ذلك من عدم حاجتها للاسلحة غير التقليدية. لكن المرفوض حتما هو أن تكون الجزر العربية المحتلة هي نافذة الروس للمنطقة .
.
فايز الفارسي - الدوحة
تعليقات