لا بد من صنعا وإن طال السفر
عربي و دوليفهل يصل اليمن لمجلس التعاون ؟
سبتمبر 4, 2008, منتصف الليل 761 مشاهدات 0
خطوة ناجحة أخرى خطتها للجنة الفنية الخليجية اليمنية المشتركة حين أعتمد المجلس الوزاري لدول المجلس التعاون في جلسته يوم 2 سبتمبر 2008م في جدة محضر الاجتماع السابع للجنة والمتضمن الاحتياجات التنموية للخطة الخمسية من 2011 إلى 2015م. كما كانت هناك خطوتين أخريين من قبل المجلس لهما أهمية خاصة لم تبديا على المستوى الشعبي ، وهي موافقة المجلس على انضمام الجهاز المركزي والرقابة والمحاسبة اليمني إلى أجهزة الرقابة والمحاسبة بدول المجلس والأخرى هي الموافقة على انضمام مكتب براءة الاختراع اليمني ، حيث تصب كلها في مجرى تأهيل اليمن للاندماج في مجلس التعاون لدول الخليج العربية.
ولعل أول ما يلاحظه المراقب لقضية انضمام اليمن لمجلس التعاون هو غياب البعد الشعبي لهذه القضية، وإدارة الملف في قاعات الأمانة العامة لمجلس التعاون أو في الاجتماعات الوزارية أو ضمن جدول أعمال القادة . ولعل من المفيد إعادة استعراض أهم النقاط التي سبق أن تطرقنا لها حيال هذا الملف لكونها مثال لما قد يبرز في المستقبل من رغبة دول أخرى في الانضمام للمجلس .
خلال القمة السابعة عشرة لقادة دول مجلس التعاون الخليجي التي عقدت بالعاصمة القطرية الدوحة في ديسمبر1996م قوبل أول طلب رسمي تتقدم به اليمن للانضمام إلي المجلس بالرفض. وفي القمة الثانية والعشرين في العاصمة العمانية مسقط في ديسمبر2001م وافق قادة دول المجلس الست علي مشاركة اليمن في أربع مؤسسات تابعة للمجلس هي مكاتب وزراء الصحة, والعمل, والتربية إضافة إلي دورة كأس الخليج لكرة القدم كخطوة مبدئية علي طريق الانضمام الكامل, وتم التوقيع علي هذه الاتفاقية بصنعاء في أكتوبر2002م. ثم صدر عن القمة الثامنة والعشرين لدول مجلس التعاون الخليجي التي عقدت بالدوحة في ديسمبر 2008م فقرة مهمة في البيان الختامي وهي الخاصة بالتمهيد لليمن للانضمام إلي المجلس، والتي أكد فيها استمرار دعمه الكامل للجمهورية اليمنية في جهودها للتأهل للانضمام للمجلس.
يواجه اليمن العديد من المعضلات التي تحول دون التحاقها بالركب الخليجي إلا أنه يملك في الوقت نفسه العديد من الأسباب التي تؤهله لدخول المجلس .
لا يتجزأ اليمن جغرافياً وتاريخياً عن الجزيرة والخليج العربي، و هو مكمل لها و بوابتها نحو أفريقيا، ويشكل عمقا استراتيجيا لا غنى عنه للمنطقة. وقد اتخذت اليمن عدة خطوات سعيا للانضمام إلي مجلس التعاون منها تسوية خلافاتها الحدودية مع السعودية وسلطنة عمان,كما لم تسجل تباينات كبيرة في المواقف داخل الجامعة العربية . وتسير اليمن بخطوات هامة من أجل تحقيق رغبة قادة الطرفين في إرساء العلاقات بين اليمن ومجلس التعاون على أسس متينة، وتقوية أواصر التضامن و التعاون الاقتصادي بينهما وبما يحقق المصالح المشتركة للجانبين، وفي سعيها لتأهيل اليمن اقتصادياً خطت اليمن خطوات جادة في ردم الثغرات التي كانت في طريق التقارب الاقتصادي. بل أن الخليجيين أنفسهم صاروا أكثر حماسة من اليمنيين في مسألة التسريع بانضمام اليمن إلى مجلس التعاون، فهناك ما ينسب إلى أمير دولة قطر في تأكيده دعم انضمام اليمن الكامل لمجلس التعاون الخليجي، وهناك مبادرة سعودية قدمها الملك عبدالله تدعو لانضمام اليمن الكامل لمجلس التعاون.
لكن اليمن بكل الايجابيات التي سبق ذكرها مازال يحتاج الى القيام بالعديد من الخطوات الإصلاحية التي سوف تذلل معوقات انضمامه لمجلس التعاون الخليجي .
يأتي الجانب الاقتصادي على قائمة الفروقات التي تم رصدها كمعوقات لانضمام اليمن للمجلس ، فالمستوى الاقتصادي لليمن متدن قياسا لمستوى دول الخليج ، فكيف يمكن تقريب الفارق في متوسط دخل الفرد الذي يتراوح متوسط دخل الفرد بين 20 30 ألف دولار في دول المجلس بينما متوسط دخل الفرد في اليمن لا يتجاوز 500 دولار أمريكي، كما أن هناك تضخم في السياسة النقدية لليمن يبلغ 10بالمائة كل عام، ما يؤثر على سعر الصرف للريال اليمني، و اليمن تعاني من التآكل في القاعدة الضريبية والانخفاض في دخل البترول، منذ عام 1999، كما أن معدل العجز السنوي في الميزانية يفوق 5بالمائة ، والاقتصاد اليمني يمر في الوقت الحالي بتحديات جمة، ووضعه صعب ويزداد صعوبة، وذلك من خلال تراجع المؤشرات الاقتصادية، على الرغم من غنى اليمن بمواردها .كما أن من بين المشكلات التي يعانيها اليمن ارتفاع معدلات البطالة والأمية والفقر واستشراء الفساد المالي والإداري وغياب التأهيل للعمالة اليمنية الماهرة.
في المجال الأمني، هناك انتشار مروع للسلاح على نطاق واسع ولجوء من قبل البعض لتحدي هيبة الدولة وسيادة القانون. وهناك ضعف من قبل الدولة في مواجهة خطر الإرهاب والخلايا النائمة و القاعدة والحوثيين وغيرهم ، كما أن هناك عجز عن التصدي لعمليات تهريب السلاح والمتفجرات والمخدرات والتي تغذي بدورها الأنشطة الإرهابية. وهناك مشاكل التسلل والهجرة غير الشرعية التي يعاني منها اليمن بحكم موقعه الجغرافي وقربه من دول القرن الإفريقي.
ومن المحاذير والمخاوف الأخرى غياب استقلالية القضاء وغياب الصحافة الحرة والإعلام المستقل داخل اليمن ، وهناك مخاوف من مشكلات الاجتماعية في مجال القات وتعليم النساء، وأرث طويل من الحروب والصراعات الداخلية. كما يختلف النظام السياسي اليمني عن أنظمة دول مجلس التعاون. وقد ترك موقف اليمن من الغزو العراقي لدولة الكويت انكسارا في النفوس وتوتراً في العلاقة على مختلف الأصعدة بين دول المجلس والجمهورية اليمنية وما تبعها من اتهامات وتداعيات لاحقة نتيجة للحرب الأهلية التي حدثت في اليمن صيف 1994 بين شركاء الوحدة.
إن اليمن بسكانه الـ 22211743 نسمة وجيشه الذي يضم 66700رجل
لا يمكن إلا أن يكون ذخرا استراتيجيا رغم المعوقات السابق ذكرها ، فاليمن يقوم حاليا بتنفيذ ما اتفق عليه مع المجلس حول تأهيل اقتصادها وفق برنامج استثماري حتى العام 2015م بتكلفة إجمالية تصل إلى 48 مليار دولار، وإذا تعذر عليها ذلك فعلى دول الخليج أن تساعدها لتحقيق التنمية المستدامة من خلال مشروع مارشال خليجي كالذي قامت به الولايات المتحدة لإعادة إعمار أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية ، او كقيام الاتحاد الأوروبي بإعادة تأهيل الدول الاوروبية الاشتراكية في مطلع التسعينات . أما فيما يخص اختلاف النظام السياسي فإن دول مجلس التعاون نفسه بينها من الفروقات السياسية ونظم الحكم والمجالس المعينة والمنتخبة القدر الكبير ، كما ان دول المجلس واليمن تدعيان أن نظام الحكم فيهما ديمقراطي وعليه فالديمقراطية عند تحققها ستصبح هي القاعدة المشتركة بين الطرفين بغض النظر عن هيكل المؤسسة كما هو حاصل في الديمقراطية الملكية في بريطانيا وهولندا والنرويج وأسبانيا والديمقراطية الجمهورية كفرنسا وإيطاليا وألمانيا- وهي جميعا دول أعضاء في المجموعة الأوروبية.
إن أسوأ ما يمكن أن نتصوره أن تلعب دول مجلس التعاون دور أوروبا في إذلالها لتركيا منذ عام 1963م وتغييرها مطالب التأهيل كلما اقتربت تركيا من بوابة نادي الأغنياء .
تعليقات