لم يُخلق الدمع لامرئ عبثا…؟!! بقلم عبدالكريم دوخي

زاوية الكتاب

كتب 1576 مشاهدات 0


يقول الشاعر:

لم يُخلق الدمع لامرئٍ عبثا…

الله أدرى بلوعة الحزنِ…!!.

الدمعة مخلوق عجيب في تكوينه ووحدوية صورته مع  اختلاف دوافعه وغاياته…!

(فالدمعة)…كالأسير النبيل…؟! تؤذيه بحبسك إياه…؟! فإذا أطلقت سراحه أراحك من همٍّ كبير…!!!


وأصدق دمعة سقطت من عين إنسان…

هي التي يدفعها الخوف من الله عز وجل…!!

وأكذب دمعة هي التي يستدعيها نفاق الجماهير والتي يذرفها الطواغيت أمام الكامرات…!!

وللدمعة في الشعر العربي بشقيه الفصيح والشعبي مكانة سامية؛ فهي رمز الإباء وهي رمز الرحمة، وهي دليل الوجد و دليل السعادة، وهي الملجأ بعد الله لاستفراغ مكنونات النفس البشرية،…

وتعاطي الناس مع الدمعة من حيث السماح لها بتجاوز مآقي العين مختلف، فالبعض لا يكتفي بالسماح لها بالنزول فقط بل يزيد على ذلك بسؤالها الإستمرار وعدم السماح لها بالتوقف كما قالت صفية بنت عبدالمطلب عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم:

يا عينُ جُودي بدمعٍ منكِ مُنحَدِرِ…

ولا تملي وابكي سـيد البشَـرِ…!

وسارت على خطاها الشاعرة نورة الحوشان بقولها:

يا عين هلي صافي الدمع هليه…

وان ليا انتهى صافيه هاتي سريبه…!

فالدمعة عند هؤلاء ومن وافقهم لا تعدو كونها وسيلة للتعبير عن عظم الفاجعة وطريقة لمواساة القلب دون الإلتفات إلى ردّة فعل الآخرين؛ فهي  عندهم دليل على رحمة القلب ورقة المشاعر ولا يأبهون لمن يرى بأن إظهارها أمام الناس ضعف وخور.

وهناك أناس نحو منحى آخر يبرز هذا الإتجاه في في سلوك الأمير الشاعر أبي فراس الحمداني الذي جسّد إباء العربي الذي لم يلن لهول المصائب…بقصيدة لا نظير لها في الشعر العربي قاطبة، وهي رائعته:

أراك عصي الدمع شيمتك الصبرُ .... أما للهوى نهي عليك ولا أمرُ

فهذا المذهب-إن صح التعبير-…

يرى أن الدمعة ليست عار بذاتها، ولكن إظهارها أمام الملأ هو العار، لما في ذلك من تمكين الشامت وإحزان المحب، فالقلوب التي لا تدمع عيونها قلوب جامدة خالية من الإحساس!! كيف لا؟؟ وسيد البشر عليه الصلاة والسلام عندما سئل عن دمعته قال:إنها رحمة…!!!

فمذهب أبي فراس ليس ضد الدمعه إطلاقًا، ولكنها ضد إظهارها أمام الملأ، والدليل قوله في قصيدته:

بلى أنا مشتاق وعندي لوعة…

ولكن مثلي لا يذاع له سرُّ…!

إذا الليل أضواني بسطت يد الهوى…

وأذللت دمعًا من خلائقه الكبرُ…!

 والحقيقة أن مسلك أبي فراس ومن وافقه هو الأفضل؛ لأنه جمع بين الحسنيين الإباء والرحمة، فهو لم يظهر الأسى والإنكسار أمام الآخرين، ولم يكابر على المشاعر والنفس البشرية…!!!

عبدالكريم دوخي الشمري

الآن - رأي: عبدالكريم دوخي الشمري

تعليقات

اكتب تعليقك