تونس: انطلاق الحج اليهودي لكنيس 'الغريبة'

بدأت الجمعة في جزيرة جربة جنوب شرقي تونس، ووسط إجراءات أمنية مشددة، مراسم الحج اليهودي السنوي إلى كنيس 'الغريبة' أقدم معبد يهودي في إفريقيا.

وعلى الطرق المؤدية إلى كنيس الغريبة، انتشرت أعداد كبيرة من قوات الجيش والأمن وأقيمت حواجز أمنية لتفتيش السيارات، ومع انتصاف النهار، شرع عشرات اليهود في التوافد على الكنيس لأداء مراسم الحج.

ويبدأ الحج إلى كنيس الغريبة في اليوم الثالث والثلاثين من الفصح اليهودي، ويأتي هذا العام يومي الجمعة والأحد، على أن يتوقف السبت باعتباره يوم العطلة الأسبوعية في الديانة اليهودية.

ومن المتوقع ارتفاع عدد الحجيج هذا العام مقارنة بالسنوات الاخيرة، بسبب الهدوء النسبي الذي تعيشه تونس منذ استقالة الحكومة التي كانت تقودها حركة النهضة الإسلامية وحلول حكومة غير متحزية بدلا منها.

وتوقع رئيس كنيس الغريبة بيريز الطرابلسي أن يبلغ عدد اليهود المشاركين في حج هذا العام 2000 بينهم 250 إسرائيليا.

وقال الطرابلسي إن اليهود يحجون إلى الغريبة منذ حوالي 200 عام لإقامة شعائر واحتفالات 'الهيلولة'، التي تتمثل في إقامة صلوات وإشعال شموع داخل الكنيس والحصول على 'بركة' حاخاماته وذبح قرابين، والغناء في أجواء من الفرح.

ويحظى كنيس الغريبة بمكانة خاصة عند اليهود، ويعتقدون أن واحدة من أقدم نسخ التوراة في العالم، مخبأة في الكنيس الذي استُخدِمت في بنائه قطع حجارة من هيكل سليمان الأول.

وتقول لافتة معلقة داخل الكنيس ومكتوبة بأربع لغات (العربية والإنجليزية والفرنسية والألمانية): 'يرجع عهد هذا المقام العتيق والمقدس المعروف بالغريبة إلى عام 586 قبل الحساب الإفرنجي أي منذ خراب الهيكل الأول لسليمان، تحت سلطة نبوخذ نصر ملك بابل، وقد وقع ترميمه عبر العصور'.

وفي 11 أبريل 2002 تعرض الكنيس لهجوم انتحاري بواسطة شاحنة محمّلة بالغاز، نفذه تونسي مقيم بفرنسا وتبناه تنظيم القاعدة، وقتل في الهجوم 21 شخصا (14 سائحا ألمانيا و5 تونسيين وفرنسيان) بالإضافة إلى المهاجم.

ولا تقيم تونس أي علاقات مع إسرائيل، وفي 9 من مايو الجاري عقد البرلمان جلسة عامة تمت خلالها مساءلة وزيري السياحة والأمن بعد اتهامهما بـ'التطبيع' مع إسرائيل، وتسهيل دخول إسرائيليين إلى تونس، وطالبوا بإقالة الوزيريْن.

وأقر الوزير المكلف بالأمن رضا صفر خلال جلسة المساءلة أنه أصدر في 11 أبريل 2014 مذكرة مكتوبة طالب فيها مصالح الحدود التونسية بمنح 'رخص مرور' لثلاث فئات من حاملي جواز السفر الإسرائيلي، هم فلسطينيي 48 الذين يشاركون في مؤتمرات دولية بتونس، وحجيج كنيس الغريبة، وسياح سفن سياحية عالمية ترسو لبضع ساعات في موانئ تونسية.

ويعيش في تونس نحو 1500 يهودي يقيم أغلبهم في جزيرة جربة وتونس العاصمة، وقبل استقلالها عن فرنسا سنة 1956، كان يعيش في تونس 100 ألف يهودي، غادر أغلبهم البلاد بعد الاستقلال نحو أوروبا وإسرائيل.

وأدى تدهور الأوضاع الأمنية في تونس عقب الثورة التي أطاحت نظام الرئيس زين العابدين بن علي مطلع 2011، إلى تراجع كبير في عدد حجيج الغريبة.