التسول .. مسلسل حلقاته تعاد في كل عام بشهر رمضان

محليات وبرلمان

هل سنرى متسولوا هذا الشهر الفضيل قد ابتكروا طرق جديدة للتسول !؟

713 مشاهدات 0


التسول ظاهرة لا تخفى على العديد من الناس وهي موجودة منذ القدم ورغم رغد الحياة، إلا أننا نراها تزيد ولا تختفي ولم تقل حدتها على الأقل, و بشهر رمضان يكثر المتسولون لدرجة أنك قد تحفظ وجه المتسول من كثرة رؤيتك له, ويساعدهم بذلك تجار الإقامات ممن يقومون بتسهيل دخولهم للبلاد بما يعرف بكروت الزيارة وخاصة النساء مقابل مبالغ طائلة، فتجد بعضهم يقوم بتقسيم أماكن التسول فيما بينهم، وآخرون يكثرون ساعات العمل، بغية بتعويض ما أنفقه نظير دخوله للبلاد لأنها فرصة لهم، وخاصة أن الناس يخرجون للأسواق بكثرة في هذا الشهر لشراء مستلزمات شهر رمضان و أيضا للتجهيز لعيد الفطر.
 
المتسولون في الكويت استطاعوا بجدارة أن يتنوعوا بطرق التسول، ولكن لم يبدعوا فيها، وكذلك تمكنوا من الابتعاد عن أعين رجال الأمن، إلا أنهم استطاعوا أن يظهروا لك فجأة أمام عينك بعبارات كثيرة تهز المشاعر، فلا تملك الا ان تضع يدك في جيبك بحثا عما تعطيه لهذا المتسول، الذي لا نعرف قصته وما هي ظروفه ولماذا أجبر على التسول!؟
 نحن على يقين أن بعضهم قد دفعت به ظروفه كي يتجول بحثا عن عما يلقاه في الطرق، وآخرين للأسف جعلوها مهنة لهم طوال العام، ويكثر نشاطهم بهذا الشهر الفضيل لعلمهم برغبة الناس لفعل الخير ونيل الثواب به ، مما يدفع بالأغلبية من الناس التعاطف معهم، وبعض المتسولون استطاعوا بدهاء فهم طبيعة الناس، وتمكنوا من مراقبة حركات الناس ومعرفة من هو الذي يدفع ومن الذي ينهرهم وركزوا جيدا على الأكثر عطاء، وتعلموا إيجاد الأماكن الأكثر تدفقا من الناس، وهي طبعا الأسواق والجمعيات التعاونية, والتي بكل شك لا يأتيها الناس إلا هم محملين بالمال للشراء.
 
وفي شهر رمضان ستجدهم أينما ذهبت حتى وأنت تقف بسيارتك عند إشارات المرور,  لترى بعض العمالة ممن يزاول مهنته وهي تنظيف الشارع وفي نفس الوقت يتسول، وآخرين يقومون بتجميع علب ( المشروبات الغازية ) عند المطاعم ينتظرك أن تنتهي من طعامك لترمي بالعلب الحديدية,  ومنها ينظر لك بنظرة حزن وألم بإنتظار إشارة منك كي يأتي مسرعا، وهو على يقين أنك لم تستدعيه إلا وأنت راغب بإعطائه الشيء البسيط ، هذه بعض صور المتسولين في مجتمعنا وهي صور اعتدنا عليها كل عام، وسنراها بكثرة في شهر رمضان المبارك.
بعض المتسولون لدينا امتلكوا التلاعب بمشاعرنا، لكن لم يستطيعوا أن يبهرونا بطرق أخرى تغنيهم عن المذلة أوالتعرض للإهانات. ولم يفعلوا كبعض الأشخاص في الدول الأجنبية، والذين لم يحصلوا على وظائف و رفضوا البطالة والتسول، فتفننوا بوسائل تجبرك أن  تصفق لهم حيث يقوم بعضهم بالعزف على إحدى الآلات الموسيقية, وآخر يقوم ببعض الحركات البهلوانية الصعبة, وآخر يرسم على وجهك البسمة،  ويأتون بكل ما يمتع ناظرك بكل ما هو جديد وغريب، ويفترشون أرض الشوارع كمكان عمل لهم،  وكل ماعليك أن تفعله بعد رؤية تلك المواهب، أن تسمعه تصفيق نقودك تحت قدميه, ولايجبرك على الدفع ولا يلاحقك، ولكنك أنت الذي تقف وتشاهد الفن الذي يقدمه لك، وهنا من الاحترام لهذا الإنسان الذي لم  يمد يده لك أن ينال شيئا بسيطا، ولا تستغرب أن تعلم أن بعضهم لديهم شهادات متنوعة لكنه فضل أن يبحث عن طريقة تغنيه عن البطالة، و الابتعاد عن التسول بطريقة ايجابية, وهنا يتضح كيف يفكر العاطل هناك لدى الدول الغربية، ولكن هل تعتقد ان تغيرت طرق المتسول في مجتمعنا و قام أحد 'البنغالية' مثلا بعمل حركات بهلوانية في أحد الشوارع المحيطة بأسواقنا، فسيجد تعاطفا من المارة أم سيلفت انتباه رجال الأمن لاعتقاله، فربما ذكاء المتسول قد يجنيه التعب والتسفير لبلاده، لذلك يظل حاله على ما هو عليه حتى يتقبل المجتمع بوجود متسولون بصورة جديدة غير التي اعتدنا عليها، وفي شهر رمضان استعدوا لتجهيز نقودكم, لأنكم لن تفاجئوا بهم أمامكم وحولكم,  لأننا بالفعل أعتدنا  عليهم  في كل عام.

 


 

الآن - تقرير: نورا ناصر

تعليقات

اكتب تعليقك