مثلث معاناة حكومة الرئيس جورج بوش

عربي و دولي

جورجيا-كوريا-إيران

1032 مشاهدات 0



 

 
 
خلال الأسبوعين  الماضيين منيت حكومة الرئيس الأميركي جورج بوش بإخفاقين موجعين قد تكون نتائجهما مؤلمة لنا في منطقة الخليج العربي. وقد ارتبطت هذه الإخفاقات بالموقف الأميركي الغير مدروس في مكانين بعيدين عن بعضهما يشكلان اثنتين من زوايا الكارثة المقبلة. وقد استوحينا مثلث المعاناة من مثلث الشر الذي أطلقه الرئيس جورج بوش نفسه.  
 الزاوية الأولى هي نزاع أوستيا بين جمهورية روسيا وجمهورية جورجيا، و الزاوية الثانية هي كوريا الشمالية، أما زاوية الإخفاق الباقية فسوف تتشكل في  إيران، وسيأتي  تكونها نتيجة لما حصل مؤخرا في الزاويتين السابقتين، وليس كما يعتقد البعض استمرارا  لإخفاق  السياسة الأميركية حيال المشروع النووي الإيراني.
 
الإخفاق الأول كان متوقعا من  حكومة بوش التي لا زال يسيطر عليها المحافظين الجدد المسكونين بفلسفة القوة وطروحات صامويل هننغتون وزميله صاحب كتاب 'نهاية التاريخ ' فرانسيس فوكوياما الذي ينهي فيه تاريخ الجهد البشري لكون المحافظين الجدد قد حققوا حلم الإنسانية ولم يعد هناك لحكم الشعوب أسلوب أفضل من ' حكم جورج بوش' حتى يرث الله الأرض ومن عليها .
ففي قرار أخرق من وجهة النظر العسكرية أطلقت الولايات المتحدة وجورجيا في يوم  15 يوليو 2008م تمرينا عسكريا مشتركا في جنوب القوقاز. حيث أوهمت فلسفة القوة صانع القرار السياسي في واشنطن بضرورة أجراء تلك المناورات التي سوف تسهل مشروع الدرع الصاروخي في بولندا، وتساعد في تليين موقف موسكو الرافض لانضمام جورجيا لحلف الناتو، ولوقف  تشجيعها أوسيتيا الجنوبية ومنطقة أبخازيا بالانفصال عن جورجيا . وقد استند المحافظون الجدد  في تحليلهم الخاطئ على أن الدب الروسي يغط من ضعفه في بيات شتوي طويل حتى في حرارة يوليو . لكن  الدب الروسي هب حسبما ذكرت مصادر عسكرية وقام  حوالي 8000 رجل و700 عربة مسلحة و30 مروحية بإجراء تمرين عسكري  في المنطقة المجاورة لمنطقة التمرين الأميركي-الجورجي، متزامنا معه في خطوة تدعو للإعجاب، للسرعة التي تم فيها حشد القوات وإجراء مناورة بهذه الضخامة . إن من الأعراف العسكرية أن تقوم الدول باستنفار قواتها بسرية تامة عندما تجري إحدى جاراتها مناورة عسكرية، حتى لا تتحول من مناورة إلى مباغته وهجوم كاسح، لكن تأكيدات واشنطن الجوفاء رغم التمرينات الروسية شجعت جورجيا بعد انتهاء المناورة إلى قيام القوات الجورجية يومي الأول والثاني من أغسطس بقصف أوسيتيا الجنوبية  حيث لقي 6 أشخاص مصرعهم وأصيب 15 آخرين خلال هذا القصف. لقد كان الدب الروسي في عنفوانه وبكامل لياقته فانقض على القوات الجورجية الغازية ومزقها في لطمة مؤلمة للولايات المتحدة وإسرائيل التي كانت تدرب وتسلح الجيش الجورجي ، حيث لم يبق إلا  التعهد الأميركي 'بعد خراب  جورجيا' بمساندتها في وحدة أراضيها وسيادتها.              
زاوية المعاناة الثانية لم يمض عليها 48 ساعة حين كتابة هذا التقرير، حيث أعلنت كوريا الشمالية أنها علقت تفكيك منشآتها النووية احتجاجا على رفض واشنطن شطبها من قائمة الدول المتهمة برعاية الإرهاب، حيث  أن عمليات التفكيك  قد علقت منذ 14 أغسطس الجاري والسلطات تفكر في إعادة تفعيل مفاعل بيونغبيون النووي الذي أوقف العمل به في يوليو 2007. لأن غطرسة القوة التي يسير عليها المحافظون الجدد حول الرئيس جورج بوش قد أوهمتهم بالقدرة على عدم الالتزام بحصتهم في الصفقة ورفع كوريا الشمالية من القائمة السوداء التي أنهكها من جراء الحصار الدولي .            
زاوية المعاناة الثالثة سوف تتشكل من جراء انتقال اهتمام حلفاء أمريكا الغربيين من إيران إلى القوقاز وكوريا الشمالية، وعليه سوف يسقط في يد المحافظين الجدد المدفوعين بنوازع صهيونية. فكيف تتراجع إيران كهدف أول إلى آخر القائمة، في الوقت الذي يدق فيه الديمقراطيين بأطروحاتهم السلمية المناهضة للحرب أبواب واشنطن .
وقد تلاشت الخيارات -والحالة كهذه- أمام  حكومة جورج بوش، ولم يتبق لها إلا الاستعجال في استصدار قرار الضوء الأخضر لإسرائيل بضرب طهران قبل أن ينطفئ آخر ضوء للمحافظين الجدد في واشنطن.
فايز الفارسي - الدوحة

تعليقات

اكتب تعليقك