أحمد عيسى يعتقد أن كتلة الشعبي تدبر أمرا ما، ربما يكون نواة لاستجواب رئيس مجلس الوزراء، للضغط عليه وإحراجه أمام النظام وتعطيل الدستور

زاوية الكتاب

كتب 684 مشاهدات 0




مخطط الشعبي لتعطيل الدستور
أحمد عيسى
 
متابعتي لكتلة العمل الشعبي منذ تأسست تمر بمد وجزر، فرموزها عند التأسيس وأسماء المنتمين إليها، لا تتيح مجالا للتشكيك بحرصهم على الكويت، أو غيرتهم على المال العام، كونهما الهدفين الأسميين اللذين يسعى لتأصيلهما المنتمين لـ «الشعبي» الكتلة النيابية، أو «الشعبي» التيار في الشارع السياسي.

اليوم، كتلة العمل الشعبي حملت مجددا لواء الدفاع عن المال العام، بتبنيها مسؤولية الهجوم على وزير النفط محمد العليم، بداعي مخالفات شابت قرار مؤسسة البترول إرساء العطاءات على الشركات التي ستنفذ المصفاة الرابعة، ما أدى إلى إحالة الملف بأكمله لديوان المحاسبة، كونه الجهة الرقابية المعنية بالإشراف على العمليات المالية للدولة، لمزيد من الشفافية.

لكن، في الوقت نفسه لا يجب التغاضي عن أن الكتلة استبقت الموسم النيابي المقبل بإطلاق مجساتها ناحية وزير المالية والهيئة العامة للاستثمار من خلال النائب مسلم البراك، والتربية بأسئلة الدكتور حسن جوهر، والتصعيد ضد وزير التجارة أحمد باقر على خلفية قرارات محاربة الغلاء، مثلما صعدّت على الوزير العليم ببيانيها اللذين تناولا الشأن النفطي، الأمر الذي يؤكد أن الكتلة «تدبر أمرا ما»، ربما يكون نواة لاستجواب رئيس مجلس الوزراء، للضغط عليه وإحراجه أمام النظام، ولرفع السقف على النواب، من منطلق «إن لم تكن معي فأنت ضدي»، مستفيدين من سوء الأداء الحكومي، والسخط الشعبي تجاه تعاطي الحكومة مع ملفي الانتخابات الفرعية وإزالة الدواوين.

مخطط «الشعبي» رغم أن ظاهره تحسين مستوى الأداء السياسي، والانطلاق من قاعدة إن أردت الإصلاح فلتبدأ من الأعلى، فإنه ربما يقود البلاد إلى الهاوية، فهو سيعطي المسوغ لأعداء الديمقراطية تطبيق مخططهم القديم، بتعطيل العمل بالدستور، لتكون بعدها السيناريوهات جميعها قابلة للتطبيق، بدءا من تنقيح الدستور الذي يملك النظام الآن أنصارا يحملون لواءه، مرورا بتعطيل الحريات العامة، وانتهاء برفع الرقابة عن المال العام، ما يعني فصولا جديدة من التجاوزات والفساد المالي والإداري.

أعلم تماما أن في «الشعبي» رجالا يحسنون قراءة السياسة، ويعلمون دهاليزها جيدا، لكن الكويت تمر الآن بأضعف حالاتها، فهناك سوء إدارة وفساد مالي في مؤسسات الدولة، وهناك مواطنون لم يعودوا متحمسين للديمقراطية، بل يعتبرونها سببا لتدهور حالنا مقارنة بأقراننا الخليجيين، ويخدم هذا التوجه، تنامي الزحف النيابي على سلطات المسؤولين الحكوميين، واستشراء الاستقطاب الطائفي المقيت، والتهيج الإقليمي، واحتمالات تفاقم الوضع الأمني في المنطقة، مع تزايد وتيرة العمليات الإرهابية، وقرب توقيع العراق اتفاقية أمنية ستقلل من التواجد الأميركي على أراضيه، ومضي طهران في تنفيذ مشروعها النووي، واستمرار حدة التصعيد الإيراني- الأميركي- الخليجي، واقتراب موعد الانتخابات الرئاسية الأميركية في نوفمبر، والحديث عن تراجع لأسعار النفط بعد وصولها لمستويات قياسية.

هذه المعطيات جميعها تدور حولنا، ونحن لانزال نعاني تردي الحال، الأمر الذي يعطي فرصة سانحة لمناوئي الديمقراطية، لتحريك مشروعهم القديم بوأد الدستور، وتسويق فكرة أن «مجلس الأمة لم يجلب لنا إلا الخراب»، تمهيدا لإعلان الكويت شركة مقفلة، يحظى فيها بعضهم بامتيازات الكل، لكنها هذه المرة ستكون بذريعة «الشعبي»، الذي يبدو أنه ينفذ مخططهم من دون قصد منه، هذا طبعا إن لم يكن التجمع يتحرك وفقا لمبدأ «علّي وعلى أعدائي» كحجة لتحويل الأنظار بعيدا عن الانتقاد الذي طال الكتلة ونوابها في الآونة الأخيرة.
 

 

الجريدة

تعليقات

اكتب تعليقك