عن مُصيبة المُستلِب والمُشخصن للديمقراطية!.. يكتب خالد الجنفاوي

زاوية الكتاب

كتب 787 مشاهدات 0


السياسة

حوارات  /  ثقافة الاستلاب وشخصنة الديمقراطية

د. خالد عايد الجنفاوي

 

تسبب عقلية وثقافة الاستلاب, وهي انشطار شعور الانسان بوجوده الحسي والذهني, وما هو عليه في الواقع نوعاً من الخضوع المستمر لنوازعه الشخصية, اذ تستهوي ضحية الاستلاب المماحكة, واللف, والدوران حول النفس والانفجارات العاطفية المفاجئة, وشخصنة اختلاف الرأي, هكذا الأمر عندما تجري شخصنة الديمقراطية, فبدلاً من نقد أداء الآخر وعمله, يصار الى فبركة وتشويه آليات الديمقراطية وجعلها قنوات مصطنعة تُستعمل موقتاً لطرح النزعات الشخصانية السلبية للغاية بهدف إهانة الطرف الآخر, والتقليل من قيمته الانسانية, بحجة الديمقراطية! أعتقد, أنه يصعب على من لا يمارس أصلاً أي تصرف ديمقراطي في حياته اليومية أن يصبح بين ليلة وضحاها بطلاً ديمقراطياً, فمن دون وجود قناعة ذاتية بإنسانية الطرف الآخر أو إيمان بمشروعية ثقافة الاختلاف وحرية الآخر في التعبير عن رأيه لن تتكرس الديمقراطية البناءة. الاستلاب يشير كذلك إلى حس الاستغراب المُصطنع بين الفرد ومجتمعه, فحين يفشل أحدهم في التزام مسؤوليات وواجبات المواطنة الصالحة في مجتمعه, يميل عادة إلى شخصنة ظروف حياته اليومية, فيتهم الآخر بما هو فيه من فشل, مع أنه هو الشخص نفسه وليس أحداً غيره من تسبب في فشله الشخصي. من يمارس شخصنة الديمقراطية ويستخدم آلياتها ووسائلها للقضاء على أنداده المتخيلين, وليس لتكريس حرية الرأي والتعبير المسؤولة في المجتمع, لن تترسخ في عقله وقلبه وسلوكياته وتصرفاته الديمقراطية الحقيقية. تشير ثقافة الاستلاب كذلك إلى عجز أحدهم عن رؤية بدائل أخرى غير الطرح الشخصاني, فمن يعاني الاستلاب يشعر أنه لا يتوافر لديه خيار آخر سوى المواجهة العنيفة مع المختلفين عنه, فهو يخاف التعددية ويكره الرأي الآخر, ويتضايق بشدة من قدرة الاخرين على مواجهته بالحجج والبراهين المنطقية. إضافة إلى ذلك, يصعب تخيل أن يمارس أحدهم ديمقراطية بناءة وهو في قرارة نفسه يعرف أنه شخص يكره الابداع والتنوع الفكري, ويدرك في نفسه أنه آخر شخص على سطح هذا الكوكب الذي يمكن له قبول الرأي الآخر! ضحية ثقافة ضيق الافق والاستلاب الشخصاني لا يحاول فقط شخصنة الممارسة الديمقراطية, بل يحاول قدر ما يستطيع أن يصبح وصياً أخلاقياً وذهنياً وثقافياً على الناس. تتمثل مصيبة المستلب والمُشخصن للديمقراطية في أنه لا يؤمن فعلاً بالمبادئ الديمقراطية التي ينادي بها, فمن خرج في البداية من رحم التقوقع القبلي, والطائفي, والفئوي, يصعب عليه قبول ما هو مختلف عنه.

السياسة

تعليقات

اكتب تعليقك