مجلس 'السوابق' والتجار!.. بقلم سالم الشطي

زاوية الكتاب

كتب 1078 مشاهدات 0


الراي

فيض الخاطر  /  'إمصخت'

سالم الشطي

 

«بقية عمر المؤمن لا ثمن لها، يدرك بها ما فات ويحيي ما أمات» –علي بن أبي طالب رضي الله عنه.

***

دور الانعقاد الحالي لمجلس الأمة انفرد عن غيره بكثير من الأمور أبرزها الرئاسة والنواب، ومنها أنه مجلس «السوابق»، فبعد سابقة حذف محاور الاستجواب الذي قدمه النائب رياض العدساني لرئيس مجلس الوزراء قبل أشهر، تأتي سابقة شطب الاستجواب المقدم لرئيس مجلس الوزراء أول من أمس ورفعه من جدول أعمال المجلس! بل وصل الأمر بالنواب أنهم أصبحوا ملكيين أكثر من الملك، ومدافعين عن الحكومة في كل قراراتها أكثر من الحكومة نفسها!

تغير النفس الشعبي للنواب الذي برز مع بداية هذا المجلس عندما كانوا يتبنون القضايا الشعبية وأحدثوا ضجة إعلامية، وزوبعة في فنجان، وبقدرة قادر عندما صدر حكم المحكمة الدستورية بسلامة الإجراءات الانتخابية وسلامة انعقاد هذا المجلس تحول الكثير منهم إلى خندق الحكومة، وتناسى الشعب، ووصل الأمر إلى أن أغلق البعض هواتفهم النقالة، ووضعوا بعض السكرتارية - أحياناً يكونون من الوافدين- في دواوينهم يستقبلون المعاملات بدلا عنهم!

بدا جلياً الآن أن المجلس الحالي هو مجلس التجار بتحالفهم مع الحكومة، فلا أذكر قانوناً لصالح التجار إلا وتم إقراره بالمداولتين ورفعه للحكومة، في حين تتأخر القوانين التي تهم الشعب المغلوب على أمره، وحتى القوانين التي بها روح المحافظة على القيم والأصالة والتعاليم الإسلامية نجدها تتأخر هذا طبعاً إلى أن يتم رفضها في اللجنة المختصة وتأخيرها بتعمد!

أرجع إلى سابقة شطب الاستجواب الأخير، التي لم يسبق أن حصلت بهذه الطريقة وهذه الكيفية وهذه «الجرأة»، فالأصول الدستورية أن يتم تحويلها للجنة المختصة لدراسة مدى دستوريته وهي لجنة الشؤون التشريعية، أو يمكن تقديم طلب تحويله للمحكمة الدستورية مثلا!

أما التهرب الحكومي من المواجهة بهذه الطريقة، وتنفيذ النواب للرغبة الحكومية بأداء تمثيلي سيئ، فاقد للمصداقية، فلا يليق بمن حمّله الشعب الأمانة والمسؤولية في التشريع والرقابة، وبصراحة «السالفة امصخت»، وأصبحنا مـتأكدين أن المجلس الحالي بغالبيته أصبح إدارة تتبع مجلس الوزراء، ولا ترد له طلباً، وكما قال الشاعر:

لقد هزُلَت حتى بدا من هزالها..

كلاها وحتى سامها كل مفلس.

أوافق أن بعض بنود الاستجواب غير دستورية، ولكن ما هكذا يكون التعامل مع الأداة الرقابية، طريقة فجة أفرغتها محتواها وقيمتها، 39 نائباً وافقوا على شطب استجواب سمو رئيس الوزراء، في حين لم يوافق 10 وامتنع 3، ورفض التصويت 3 أيضاً لعدم دستورية هذا الطلب –بنظرهم- وهذه النتيجة تجعلنا نكرر مناداتنا بالمطالبة بتعديلات دستورية على آلية التصويت، فمن غير المعقول أن تصوت الحكومة على استجوابها! أو تصوت على اختيار لجنة تحقيق لتحقق معها! ولذلك فالإصلاحات السياسية التي نادى بها ائتلاف المعارضة بعضها مهم وحيوي وضروري التنفيذ، بغض النظر عن الخلاف الشخصي والسياسي بين الأطراف المختلفة، فكما نقول دائماً... مصلحة الكويت أهم.

لا أعلم السر وراء الثقة النيابية المطلقة في المجلس بالوعود الحكومية، رغم أن المتابع السياسي البسيط للأحداث المتتالية يرى أن الحكومة غير صداقة بوعودها، وتتنصل بسهولة وتتراجع عن كلامها، وبسهولة «تقط» اللي معاها على الصخر، ومع ذلك البعض من النواب يسير خلفها مغمضاً عينيه ومسلمها القيادة!

لنتذكر أن 80 في المئة تقريباً من الشعب هم دون الـ 30 من عمرهم، وهي فئة واعية مثقفة، ترصد وتراقب، تنتقد وتلسع أحياناً لا يهمها من أمامها، ولذلك فطريقة التعامل معها ينبغي أن تتغير، فلم تعد المعاملات هي السوق الرائجة بين الناخبين، لأن المضي في حاجتهم حق وواجب عليك أيها النائب، ولكن الكويت بحاجة إلى تشريعات ورقابة، تحتاج إلى القوي الأمين الذي يضع مخافة الله نصب عينيه، ولا تهمه المزارع أو الشاليهات أو الأراضي التي تمنح للبعض بدون وجه حق! فهل من مدكر؟!

الراي

تعليقات

اكتب تعليقك