أسعار النفط والتحديات المرتقبة.. يكتب سليمان الخطاف
الاقتصاد الآنإبريل 30, 2014, 10:36 ص 1918 مشاهدات 0
ارتفع متوسط سعر خام غرب تكساس بحوالي 15 دولارا للبرميل منذ شهر أبريل من العام الماضى، وأما برنت فقد ارتفع بحوالي 10 دولارات للبرميل في نفس الفترة. وجاءت هذه الارتفاعات بالأسعار نتيجة للظروف التي مر بها العالم من عدم استقرار في منطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا، بالاضافة إلى ارتفاع الطلب العالمي مع زيادة في تكاليف انتاج النفط في بعض الأماكن. وهنا يأتي السؤال الذي دائماً ما يصيب العالم بالحيرة: ما الاتجاهات التي سوف تسلكها أسعار النفط في المستقبل القريب والبعيد؟ هل سترتفع الى مستويات جديدة 110-120 دولارا ؟ أم ستنخفض الى مستويات 80-90 دولارا ؟. وبكل تأكيد سيبقى معدل نمو الطلب العالمي البوصلة التي ستحدد اتجاه الاسعار المستقبلية. وبحسب الأوبك فسوف يصل الطلب العالمي على النفط في عام 2014م الى حوالي 91 مليون برميل يومياً، ويتوقع أن يرتفع الطلب اليومي بحوالي مليون برميل سنوياً، ما يعني انه سيصل الى حوالي 95 مليون برميل باليوم في عام 2018م. أى أن العالم سيطلب 4 ملايين برميل يومياً زيادة عن الطلب الحالي. وستكون مصادر هذه الزيادة بالاضافة الى القدرة على الاستمرار في الانتاج الحالى من أهم العوامل التي ستحدد اتجاه الأسعار.
ولعل من أبرز العوامل التي قد تساهم في انخفاض أسعار النفط حالياً، هو مدى التوسع في انتاج النفوط غير التقليدية سواء الصخرية أو الرملية، ومدى قرب أو احتمالية انتقال انتاج النفط غير التقليدي من امريكا الشمالية إلى أماكن أخرى كالصين، وروسيا، وأمريكا اللاتينية، وشرق أوروبا. كما لا يمكن اغفال عامل مهم وهو اقتصاديات السوائل البديلة المنافسة للمشتقات البترولية مثل الديزل الحيوى والايثانول المنتجة من الحبوب والديزل المنتج من الغاز الطبيعى وغيرها. ومدى قدرة الغاز الطبيعي على الاستخدام كوقود لوسائل النقل المختلفة مثل العربات والناقلات البحرية العملاقة بدل زيت الوقود. وايضاً من أهم العوامل هو تقلص الطلب الاوروبي ودول آسيا المحيط الهادى على النفط، اذ انه وبحسب تقرير الأوبك الأخير فلقد انخفض الاستهلاك الاوروبي بحوالي 160 الف برميل باليوم ،والطلب الآسيوى بحوالي 130 ألف برميل باليوم ما بين اوائل 2013م واوائل 2014م. ولا شك أن التطور المتسارع في تصنيع المحركات وزيادة كفاءتها بالاضافة إلى عدم الزيادة في عدد السكان له اثر كبير في انخفاض الطلب على النفط في اوروبا واليابان.
قد يكون العامل الأهم في احتمال انخفاض الأسعار في فترة الـ 4 سنوات القادمة هو ارتفاع الامدادات النفطية مقارنة بنمو الطلب العالميولكن قد يكون العامل الأهم في احتمال انخفاض الأسعار في فترة الـ 4 سنوات القادمة هو ارتفاع الامدادات النفطية مقارنة بنمو الطلب العالمي. فمن المتوقع أن ينمو الطلب العالمي بحوالي 4 ملايين برميل يوميا بعد 4 سنوات. ولكن سيكون هناك المزيد من الانتاج من أمريكا الشمالية والتي وبحسب وكالة معلومات الطاقة الامريكية ستزيد انتاجها في عام 2018م بحوالي 2-3 ملايين برميل باليوم. وهناك احتمالية أن تستقر ليبيا وأن ترجع مليون برميل إلى الاسواق. وتسعى ايران جاهدة الى رفع صادراتها النفطية بحوالي نصف مليون برميل بسبب حاجتها الماسة إلى المال. ويحاول العراق بكل استطاعته أن يرفع انتاجه، وتبقى زيادة انتاج العراق موضوعا ساخنا في ظل الحالة الضبابية التي يعيشها العراق رغم أن التقارير العالمية تتوقع أن يرفع العراق انتاجه بحوالي 1.5 مليون برميل يومياً ليصل الى 4.8 مليون برميل ان استطاع أن يعبر التحديات الكبيرة. هذا بالاضافة الى دول الاوبك الاخرى التي رفعت أو تريد رفع طاقتها الانتاجية. كل هذه الامدادات إن حصلت قد تصيب الأسواق بالتخمة مما سيضغط الأسعار ويجبرها على التراجع. ويوجد عامل آخر شديد الاهمية وهو أن دول الاوبك نفسها مع الصين تملك أكبر معدل في النمو على الطلب على النفط. حيث بلغ معدل نمو طلب الصين ودول الاوبك ما بين عامي 2013م و2014م حوالي 330 الف برميل باليوم لكل منهما، أى انهما استحوذا على حوالي 80% من زيادة الطلب على النفط في هذه الفترة الزمنية. وبذلك بدأت دول الاوبك باستهلاك كميات متزايدة من انتاجها، وهو ما يهدد بعض دولها بتقليص ايراداتها النفطية.
وأما العامل الأهم في احتمالية ارتفاع الاسعار فهو وجود النزاعات الاقليمية والعالمية التي دائماً تضر بامدادات النفط، وبالتالي يكون تفاعل الأسعار معها سريعاً وعالياً. وقد يكون عدم الاتفاق مع ايران بشأن مشاريعها النووية واعادة الحظر الدولي أحد الامثلة على ذلك. ولكن ظهور الأزمة الروسية الاوكرانية مؤخراً على السطح ووجود احتمالية فرض حظر على النفط الروسي من أكبر العوامل التي قد تشعل أسعار النفط، ولا سيما ان روسيا تعتبر أكبر مصدر للنفط في العالم من خارج الاوبك. تصدر روسيا يومياً حوالى 7 ملايين برميل أي حوالي 8% من الاستهلاك العالمي. الاكيد ان الازمة الاوكرانية إذا تطورت سلباً فستلقي بظلالها القوي على أسعار النفط العالمية.
وفي الختام تبقى الولايات المتحدة والصين العاملين الأكثر أهمية في تحديد أسعار النفط في المستقبل القريب. فلقد انتجت امريكا في العام الحالي حوالى 8.5 مليون برميل من الخام ،وحوالي 2.5 مليون برميل من سوائل الغاز، وحوالي مليون برميل باليوم من سوائل الوقود الحيوي، وهذا ما جعل انتاج امريكا من سوائل الوقود يصل الى حوالي 12.5 مليون برميل باليوم. ولا شك ان هذا الأمر له انعكاسات سلبية على استيرادها للنفط من الاسواق العالمية. واذا استطاعت امريكا الاكتفاء ذاتياً من السوائل النفطية ولو بالاستيراد من كندا، واذا ما استطاعت الصين (أكبر مستورد للنفط في العالم حالياً) استغلال احتياطياتها الهائلة من الزيت الصخرى، فعندئذ ستنخفض أسعار النفط بسبب وفرة العرض وقلة الطلب. ولهذه الاسباب جاءت أغلب توقعات المؤسسات الدولية المختصة بانخفاض أسعار النفط. فلقد توقع البنك الدولي أن ينخفض معدل أسعار النفط في عام 2018م الى حوالي 98 دولارا، وتوقع IMF (صندوق النقد الدولي) أن تنخفض الأسعار إلى 88 دولارا للبرميل، وأما EIU (وحدة المعلومات الاقتصادية البريطانية) فلقد توقعت انخفاض الاسعار الى حوالي 93 دولارا للبرميل.
تعليقات