تركيا مضطرة إلى التقارب مع دول الشرق الأوسط.. هكذا يعتقد ناصر المطيري

زاوية الكتاب

كتب 1008 مشاهدات 0


النهار

خارج التغطية  /  العمق الاستراتيجي

ناصر المطيري

 

لقد فقدت تركيا الأحزمة الاستراتيجية الأكثر قوة في منطقة الشرق الأوسط في الربع الأول من القرن العشرين وعاشت بعيدة عن المنطقة بشكل عام في ربعيه الثاني والثالث، وطورت سلسلة علاقات متأرجحة بين صعود وهبوط مع دول المنطقة خلال الربع الأخير من القرن نفسه، وهي اليوم مضطرة لأن تعيد تقييم علاقاتها مع المنطقة من جديد بشكل جذري.

هذا الكلام منسوب للدكتور احمد داود اوغلو وزير الخارجية التركي، وهو عبارة عن فقرة من احد فصول كتابه الذي يحمل عنوان «العمق الاستراتيجي -موقع تركيا ودورها في الساحة الدولية» وهو من اهم الكتب التي تبحث في الاستراتيجيات السياسية وسجل 44 طبعة منذ صدوره عام 2001 ويحمل اوغلو في هذا الكتاب رؤية جديدة تدعو تركيا الى ان تقيم علاقاتها وتجربتها المتراكمة بطريقة بعيدة عن الهواجس الأيديولوجية لتحدد بعقلانية العناصر الأساسية في علاقتها مع العالم الاسلامي. ويقول بأن «تركيا اليوم ليست الدولة العثمانية التي تحمل على عاتقها مسؤولية العالم الاسلامي كله، كما انها ليست في مواجهة تصفية حسابات مع القوى العظمى نتيجة ارتباطاتها بعلاقات مع المجتمعات الاسلامية. ولذلك فان ردود الأفعال ذات البعد النفسي لن تتوقف عند التأثير على علاقات تركيا مع العالم الاسلامي بشكل سلبي فحسب، بل ستتعدى كذلك الى تضييق ساحة مناورة تركيا الدبلوماسية في العمق الآسيوي والافريقي كذلك».

وفي هذا الاطار، يؤكد اوغلو ضرورة ان تعنى تركيا «اولا وقبل اي شيء، بتطوير وجهة نظرها على نحو يجعلها قادرة على التحسس المستمر لنبض العالم العربي، وتلمس ايقاع التغير الاجتماعي، والثقافي، والسياسي الذي يجري داخل مجتمعاته، وذلك باعتبار هذه الخطوة مرحلة اعداد اولي للدبلوماسية التركية».

ويرى اوغلو ان العاملين الجغرافي والتاريخي عنصران اساسيان في تحقيق التوازن للجيوسياسية الشرق اوسطية من خلال احداث التوازن للمثلث الاستراتيجي الحساس الذي يقع في اطرافه الثلاثة كل من: مصر وتركيا وايران. وأن التوازنات الخارجية لهذا المثلث تشكل شبكة من العلاقات المتداخلة مع مثلث (العراق - سورية - السعودية)، وأن على تركيا وهي تحلل التحالفات القائمة في الشرق الأوسط وتوازناتها المقابلة ان تنظر بعين الاعتبار ايضا الى مثلث اصغر ظل مهملا في هذه التوازنات، وهو مثلث (الأردن - فلسطين - لبنان، بالاضافة الى شمال العراق مؤخرا) ذلك المثلث الذي يرتبط بعلاقة مجابهة مباشرة باسرائيل والذي تتحدد توازناته من قبل العلاقات داخل المثلثات الخارجية.

ويؤكد كتاب «العمق الاستراتيجي» جوهر رؤية المؤلف بأن تركيا هي الوريث التاريخي لآخر كيان جامع المنطقة، فهي مضطرة الى اعتماد مقاربة استراتيجية تمكنها من تجاوز هذه التمزقات الجيوسياسية، والثقافية، واقتصادية، وتمكنها كذلك من الاحاطة بالمنطقة بوصفها كلا متكاملا، ويجب عليها تطبيق هذه المقاربة مرحليا في ظل مرونة تكتيكية وبالتالي سوف تتمكن تركيا من الاضطلاع بدور فاعل داخل التوازنات الدولية والتوازنات الاقليمية.

النهار

تعليقات

اكتب تعليقك