خليل حيدر يكتب: الصراعات الدينية في أفريقيا إلى متى؟!
زاوية الكتابكتب إبريل 30, 2014, 1:08 ص 1025 مشاهدات 0
الوطن
طرف الخيط / أفريقيا.. وجرائم الكراهية الدينية
خليل علي حيدر
ما الذي يستطيع المسلمون أو حتى المجتمع الدولي القيام به ازاء العنف الذي يتعرض له المسلمون في اواسط افريقيا، أو تقوم به جماعات ارهابية مثل «بوكو حرام» في نيجيريا، التي ترتكب هذه الجرائم البشعة باسم الاسلام ومحاربة الغرب؟
ربما لن يتحرك ساكن، وربما تتكرر هذه المآسي لفترة طويلة قادمة، دون ان تقوم أي قوة دولية بحل هذه الصراعات وملاحقة الجناة بحزم وجلبهم للعدالة.. فرئيس السودان المشير عمر البشير لايزال بألف خير رغم انه مطلوب للعدالة. جرائم الافارقة في هذه المنطقة في غاية البشاعة، من الطرفين المسلم والمسيحي. فمسلمو افريقيا الوسطى مثلا، يتعرضون لأبشع الجرائم على يد الميليشيات المسيحية العنصرية. وتقول منظمة «هيومن رايتس ووتش» الدولية ان راعية ماشية مسلمة رحالة، كما هو الحال في بعض مناطق هذه الدولة المنكوبة، اجبرت من قبل احدى هذه العصابات الاجرامية على مشاهدتهم وهم يذبحون ابنها البالغ من العمر ثلاثة اعوام وطفلين آخرين يبلغان من العمر 10و14 عاما، واحد الاقرباء، جميعهم مسلمون، في مخيم للماشية.
ووصف رجل وهو يبكي كيف هرب منهم، ثم وقف يشاهدهم من مخبئه في رعب، وهم يذبحون زوجتيه وابناءه العشرة وحفيدته، بالاضافة الى مسلمين آخرين قاموا بالقبض عليهم.
وقالت سيدة مسلمة للمنظمة الدولية نفسها، انها كانت خارج البيت تطهو الطعام في الخامسة مساء، عندما حضرت عناصر من الميليشيات وهاجموا البيت ثم «بدأوا في تقطيع زوجي بالمناجل، وبعد ان قتلوه اشعلوا النار في البيت، ورموا جثمانه في النار ومعه جثمان ابني، ثم امروا ولدي الآخر البالغ من العمر 13 عاما بالخروج والرقاد على الارض، ثم ضربوه بالمنجل مرتين وقتلوه». (مجلة «أمتي»، العدد 295، مارس 2014).
«أفريقيا الوسطى» تمتلك من القدرة والثروات ما قد يجعلها معتمدة على نفسها، ولكنها اليوم بعد سلسلة من الانقلابات منذ ان استقلت عام 1960، يعيش سكانها البالغون اربعة ملايين نسمة ونصف المليون، على دخل زهيد، حيث لا يزيد دخل %62 من سكانها عن دولار وربع في اليوم الواحد، فيما تكتسح الامية ما يقارب نصف السكان البالغين. وحسب تقديرات الامم المتحدة هناك %11 من السكان الذين تتراوح اعمارهم بين 15 و%45 مصابون بفيروس الايدز، وهو يبلغ %13 بين الكبار، مما يؤدي الى انتشار اطفال الشوارع، بعد ان تيتم نحو مائة الف طفل. وتقول بعض الاحصائيات السكانية ان نسبة المسلمين تتراوح بين ثلث السكان و%15. وتتوزع بقية السكان بين %25 من المسيحيين البروتستانت ومثلهم من الكاثوليك، ونحو %35 من معتنقي الديانات والعقائد الافريقية المختلفة. وهناك 120 لغة تنتشر بين السكان الذين ينتمون الى ثمانين مجموعة عرقية كل مجموعة تتواصل بلسانها الخاص، وهناك جماعات مستعربة سودانية ومجموعات من «البربر» في الشمال، يسكنون المرتفعات الغربية.
لا تقف أعمال العنف والابادة ضد المسلمين عند المذابح بل تشمل كذلك احراق المساجد والمنازل وهدمها.. وجرائم اخرى. من المسؤول عن هذه المذابح؟ قد يطول الزمن قبل تحديد ذلك بين متهم لهذا الطرف أو ذاك. ولكن ما هو ملح ضرورة حماية المدنيين العزل وقيام الامم المتحدة وغيرها بواجباتها. «اتحاد علماء افريقيا» من المسلمين اصدر في 2014/2/13 بيانا ندد فيه بهذه الجرائم البشعة، حيث اعتبرها تحولا نحو الابادة الجماعية التي تذكر بتلك التي تعرض لها «التوتسي» في جمهورية «رواندا»، ونوه بـ«عدم حيادية القوات الفرنسية». واشار بيان العلماء المسلمين الى ان «مواقف الزعماء الدينيين من المسيحيين والمسلمين في الدعوة الى السلم كانت مشرفة، لكنها ذهبت ادراج الرياح بسبب فئات فقدت مبادئ الدين والانسانية».
كل عناصر الفوضى والتعصب والصراع الديني والعرقي والسياسي والاجتماعي متوفرة وبكثرة للاسف في القارة الافريقية. وقد تتحول الى ميدان حرب ضروس ومذابح بين المسلمين والمسيحيين وغيرهم من ابناء الشعوب الافريقية، هذا ان لم نشر كذلك الى شمال افريقيا ومشرقها والكوارث التي تنتظر غاباتها وحيواناتها التي باتت مهددة مثل بشرها بكل المخاطر والويلات.
تعليقات