جماعة 'السفارة' بين أفق التجديد ومقصلة الإقصاء

عربي و دولي

2337 مشاهدات 0

موقع جمعية التجديد (السفارة) الالكتروني

تشهد الساحة الدينية البحرينية حالياً جدالاً حاداً حول ما اصطلح على تسميتهم بـ'جماعة السفارة'، والذين شكلوا مع بدء الانفتاح الأمني والسياسي في البحرين في العام 2001 جمعية تضمهم أطلقوا عليها أسم 'جمعية التجديد الثقافية'.
ووصل الجدال مؤخراً وحسب ما تناقلته الصحافة المحلية إلى عراك بالأيادي وتهديدات بالقتل، وذلك على خلفية ندوة شن فيها أحد المنتسبين السابقين للجماعة هجوماً شرساً على 'السفارة'، واصفاً إياهم بالفاسقين.
وذكرت صحيفة (الأيام البحرينية) اليوم نقلاً عن مصادر مقربة في الجمعية، بأن 'أنصار الجمعية تقدموا بشكوى في أحد مراكز الشرطة، ضد منظمي ندوة ستقام مساء الثلاثاء المقبل بعنوان 'نيابة الإمام المهدي بين  الثوابت الإسلامية وأكذوبة السفارة'.
واعتبر أنصار التجديد، حسب الصحيفة، بأن الدعوى التي رفعوها في مركز الشرطة أشاروا فيها إلى تصريحات منظمي الندوة التي طالبوا فيها أنصار جمعية التجديد بعدم الحضور في الندوة، معتبرين بأنها تهديدات مبطنة.
وكان أحد رجال الدين الشيعة قد هاجم جمعية التجديد في خطبة الجمعة، حيث قال ' دعوى 'السفارة' بالبحرين، تصدّى لها علماء البلد، وصدرت فتاوى الفقهاء ضدّهم، وتمّت محاصرتهم بأوساط المؤمنين، وبعد اختفاء طويل برزوا مجدّدا تحت عناوين جديدة، فأتاحت لهم الأوضاع المتغيّرة أن ينشطوا بدعاوي جديدة تحمل عنوان 'التجديد'، وروحُ التجديد عندهم طرحُ الدين بطريقة تخالف فقهاء الأمة الصالحين، وبقراءة تاريخية للحركات التي ادّعت زورًا وكذبا السفارة فقد انتهت إلى حركات متحرّرة تماماً من الدين وقيَمه، وإلى حركات إلحادية وإباحية'.
من هم السفارة أو جماعة الأمر
يطلق الشارع الشيعي البحريني بالتحديد، كون الخلاف الدائر خرج من رحم فكرة المهدي المنتظر، لقب 'السفارة' على أعضاء تلك الجمعية، فيما يطلقون هم على أنفسهم لقب 'جماعة الأمر'.
ظهرت هذه الجماعة في الثمانينيات من القرن الماضي، حسب ما هو وارد على الموقع الالكتروني للشيخ عبدالامير الجمري.
ويذكر الموقع أنهم 'عبارة عن أشخاص عاشوا في السجن في الفترات السابقة ونشأت بدعتهم بسبب أحلام وردية من بعض الأشخاص وتطورت إلى إدعاء أنّ الإمام(ع) قد عيّنَ شخصاً منهم باباً له بعد أن كان باباً للنائب الثالث المولى( الحسين بن روح)'.
ويضيف 'بعد خروجهم من السجن خرَّجوا بدعتهم على مسألة اللطف الإلهي وأنه يقتضي أن يتكامل عباد الله سبحانه ليصلوا إلى الدرجات العالية من الكمال البشري'.
ويسترسل الموقع في شرح أفكارهم قائلاً 'لا بد من أن يجعل الله تعالى ما يُقرِّبهم من الوصول إلى ذلك، ولا يصلون إلى ذلك إلا بأن يُعيّن المولى( عجل الله فرجه) باباً له؛ ليُطلع الناس على الحقائق من أجل الإعداد للظهور، وهذا الإعداد يُسمّونه بالظهور الأصغر تمهيداً للظهور الأكبر'.
ولعل الخلاف الدائر بين رجال الدين الشيعة، وجماعة (السفارة/الامر) ينحصر في مدى وجود سفراء للمهدي المنتظر، والذي يُعتقد في المذهب الشيعي بأنه على قيد الحياة، ففي الوقت الذي يقول فيه الأصوليون والإخباريون (اتجاهات في الفكر الشيعي) بعدم وجود أي سفراء للمهدي المنتظر، يعتقد الآخرون بوجود ذلك.
ويعتقد أغلب – إن لم يكن جميع- رجال الدين الشيعة في البحرين، تلك الجماعة بأنهم 'ضالون مضلون ، ولا يحسن معاشرتهم إلا إذا  كان سبباً لهدايتهم - إن أمكن ذلك - كما ينبغي تحذير الآخرين منهم بذكر زيف دعواهم ، فإنّ هذا في زمان الغيبة من موجبات سخط الإمام المهدي عليه السلام ، ومن المجرَّب طول التأريخ أنهم يصابون بالخزي والذل في الحياة الدنيا ، قبل الآخرة .. فهذا بابٌ خطير - لو فتح على مصراعيه - لزم منه إدخال كل شيء في الدين ، بدعوى إنه أمر صادر منه (ع) وخاصة إنَّ الإمام بمقتضى الغَيْبَةَ لا يمكنه إظهار خلاف رأيه'.
من جهتها، تورد الكاتبة الصحافية باسمة القصاب، وهي إحدى الشخصيات التي خرجت من الجماعة، توضيحاً آخراً لهذه الجماعة، فتقول 'يقوم تأسيس جماعة 'الأمر' على أنها تشكيل، صدر بأمر خاص من الإمام المهدي، تمهيداً لخروجه، وإعداداً لنصرته، ومن هنا تُعرّف الجماعة نفسها كونها الجماعة الخاصة التي تستجيب لأمر المولى، ولذا تطلق على نفسها أسم 'جماعة الأمر'، وترفض أسم 'جماعة السفارة' الذي أطلقه عليها المخالفون وبه اشتهرت وعرفت في المجتمع، وترى أن هذه التسمية لا تنطبق عليها من حيث كون (السفارة) تعني النيابة الشاملة عن الإمام الغائب، وهي نيابة علنية وظاهرة انتفت حاجة الأمام إليها في هذا العصر الذي هو عصر الظهور'.
إلا أن جمعية التجديد الثقافية (السفارة/الأمر)، تنظر إلى نفسها بصورة مغايرة، حيث تتمثل مهمتهم كما هي واردة في الكتيبات التعريفية بالجمعية، في 'العمل المخلص والجاد من أجل تغيير واقع الأمّة الذي يعد واجباً شرعيّاً بالدرجة الأولى، وأخلاقيّاً وإنسانيّاً بالدرجة الثانية'.
وتنطلق جمعية التجديد الثقافية الاجتماعية في عملها لتحقيق ذلك عبر إحياء تراث الأمة المغيّب عبر غربلة التراث العربي الربّاني من التحريف والتزوير الذي لحق به عبر التاريخ، كشف أثر التحريف في صياغة بعض مفاهيم الأمّة – الكونية والعقائدية، توضيح الدور الحضاري للأمّة الوسط في بث العلم والعقيدة الصحيحين للإنسانية كافة، ودورها مستقبلاً في إعادة بناء الحضارة الإنسانية الفاضلة وكشف دور الاستعمار في عرقلة الحراك الثقافي الإنساني'.
وتتخذ الجمعية شعاراً للتعريف بها تقول فيه 'لا بدّ منْ تمكين الأمّة مِنْ منابعِ نهضتِها ومكامنِ عزّتها بإطلاقِ العقلِ منْ نيْرِ الصّنم وصناعةِ الحكمةِ مِنْ مجْرى القلَم 'أنْ يتعلّمَ الإنسانُ القرآنَ كما نزَل' ليبزغَ مِنْ بعدِ الظّلامِ فجْرُ الحضارةِ الفاضلة.
إصدارات مليئة بالمفاجآت ومثيرة للجدل
بناءً على تلك الرؤية، أصدرت الجمعية منذ تأسيسها أكثر من 12 إصداراً بحثياً متميزاً حملت عنوان 'عندما نطق السراة'، يغوص في 'الثوابت' لدى المسلمين بشكل عام، والشيعة بشكل خاص، حيث تحاول دائرة البحوث والدراسات لديهم من خلاله غلى إعادة فهم النصوص القرآنية بأسلوب مغاير وتنقيح تفاسيرها من 'الاسرائليات' حسب وصفهم.
وتضيف في تقديمها للمشرع البحثي 'ونحن نطلق هذا المشروع المصيري 'عندما نطق السراة' بإعلان هذه الحقائق المرة والمسطّرة بين دفّات هذه الكتب، نتوجه إلى أبناء الأمة من مثقفين وعلماء ومفكرين ورجال دين وسياسة واقتصاد واجتماع بتحمل مسؤولياتهم التاريخية، بالالتئام وتوجيه ضربة نهائية لهذا الكم الهائل من العبث الذي تراكم عبر قرون والذي استُغفلت به الأمة وكان أحد الأسباب الرئيسية في ما آل إليه حالنا'.
وتمس البحوث الصادرة من الجمعية – كما تمت الاشارة- بعض الاعتقادات الراسخة في عقول المجتمعات الإسلامية، والمبنية على تصورات خاطئة سعى التخلف والاستعمار إلى تأصيلها في المجتمع، حسب ما تعتقد الجماعة، إلا أن إصداراتها بشكل عام، تخلق نوع من الأرضية المناسبة لمراجعة التراث الإسلامي وفتح مجالات أوسع وأفق أرحب نحو فهم الأديان بصورة عامة، والدين الإسلامي بشكل خاص.

الآن - خليل بوهزاع

تعليقات

اكتب تعليقك