الاستخدام السياسي للأسرار والخصوصيات ليس من شرف الخصومة.. برأي ناصر المطيري

زاوية الكتاب

كتب 903 مشاهدات 0


النهار

خارج التغطية  /  أسرار رجال الدولة

ناصر المطيري

 

الناس غالبا لديهم فضول في معرفة كل ماوراء الستار، ويهتمون بتفاصيل الخصوصيات والتسريبات الصادرة من مجالس الكبار، وتجد الناس تتابع بشغف واهتمام الفضائح السياسية وكل مايتعلق بالشخصيات الكبيرة والشهيرة، ومما زاد من هذا النهم الجماهيري في تتبع اسرار الكبار والمشاهير هو شيوع وسائل الاتصال وتقنيات التواصل والوسائط المتعددة في نقل الصوت والصورة.

في عالم اليوم اصبحت الأسرار مكشوفة والخفايا معروفة ولم تعد للسر قدسيته لاسيما اذا ارتبط برجل دولة او حكومة، فكم من الحوارات انكشفت وكم من الكتب السرية تسربت وكم من الأفعال افتضحت وكم تسبب ذلك الهتك للأسرار بسقوط رجال ونساء كانوا في صدارة المجتمعات رفعوا شعارات الفضيلة ولكنهم مالبثوا ان اسقطهم انكشاف سر الرذيلة.

القيم الأخلاقية سواء منها الانسانية او الاسلامية تحث على عدم افشاء السر وحفظ امانته، وفي قيمنا الأخلاقية  نردد دائما مقولة (المجالس امانات)، ولكن هذه القيمة فقدت تطبيقها العملي بيننا اليوم في عالم الشفافية و«الفضاء المفضوح».

الملك الحسن الثاني ملك المغرب الراحل قال في احد خطاباته التاريخية «لمجالس الكبار اسرار» منتقدا تصريحات احد الزعماء العرب بعد احدى القمم العربية بعد ان كشف بعض مداولاتها السرية، لأن اسرار المجالس هي الضامن الوحيد لتنفيذ اي خطة، اما اذا اصبحت لدى الجميع فقد فقدت عذريتها ولم يعد لها معنى، واذا فقد الشخص صبغة كتم الأسرار فقد صفة رجل الدولة. وفي التاريخ عبر وحكم عديدة.

رجال دولة مهمون  لم ينطقوا ببنت شفة الا بعد ان يصبح الوقت مناسبا، ومن كتب مذكراته التي كتبها بعد حين وبعد ان فقدت المعلومة اي تأثير على سياسة الدولة، ومنهم رموز خرجوا للمعارضة وواجهوا النظام والقمع لكن صفة رجل الدولة منعتهم من البوح بأسرار مجالس الكبار. 

في عالم اليوم اصبح السر السياسي اداة يستخدمها بعض الخصوم ضد بعضهم وسلاحاً يلوح به المعارضون للحكومات، وتستخدمه بعض الحكومات ضد رموز المعارضة ممن وقعوا في مكائد الفتن والنزوات.

بعض اجهزة المخابرات في العالم الثالث تسجل للكبار مقاطع فاضحة بعد ان تستدرجهم للفضيحة وذلك بهدف استخدامها للابتزاز السياسي وتليين المواقف وكسر انوف المعاندين من الخصوم الأقوياء، وهذه ادنى درجات النذالة والرذالة. 

الاستخدام السياسي للأسرار والخصوصيات امر تأباه النفوس الشريفة، وترفضه اخلاقيات الرجال وليس من شرف الخصومة.

النهار

تعليقات

اكتب تعليقك