قضيتنا الرئيسية لم تعد 'الشريط' لكنها حرية الرأي.. هكذا يعتقد الدعيج

زاوية الكتاب

كتب 214 مشاهدات 0


القبس

ماذا لو..؟!

عبد اللطيف الدعيج

 

ماذا لو كان لدينا ديموقراطيون بالفعل.. ماذا لو كان عندنا مدافعون حقيقيون عن حرية الرأي والتعبير. ماذا لو كان تشكيل الرأي العام وجعله حكما ومراقبا وحتى موجها للسلطات «الديموقراطية» في البلد، هو هم ومحط عمل الاغلبية منا قبل نظرهم. لو كان عندنا صحافيون حقيقيون يتعيشون ويعيشون من اجل الكلمة وليس منها. وصحف مهنية ذات توجه اعلامي حقيقي، ومصلحة تجارية خالصة، وليست ملصقات همها الترويج لاصحابها، ورز من لا يستحق الرز منهم، لو كان عندنا كل ذلك، او حتى بعض من بعضه.. فهل كانت حرية الرأي والتعبير تسير من سيئ الى اسوأ، كما حدث الآن، وقبل سنوات، وسيحدث بالتأكيد مستقبلا، ما دام الجميع معنيا بدعاوى الفساد المزعوم، والسرقات الكاذبة، وترجيح كفة هذا السياسي على ذاك. لقد تم قتل حرية التعبير عبر تجاهلها، وغض النظر عن الحصار الذي فرض عليها. وكان سهلا فرض الحصار، بسبب تحالف السلطة مع المجاميع الرجعية التي كانت ولا تزال معنية بفرض الحماية والتحصين لكل الموروث المتخلف الذي تتعيش منه وعليه. اشترك الجميع مع الاسف في وأد حرية الرأي والتعبير، وبالغ البعض فأخذ يزايد على السلطة، ويستجوب الوزراء لـ«فشلهم» المزعوم في اغلاق وسائل الاعلام، وعدم ملاحقتهم المفترضة للاعلاميين واصحاب الرأي. ربما كنا البلد الوحيد في العالم الذي يحرض برلمانه المنتخب السلطة على الناس، ويدفع بها للتعسف في معاداة وسائل الاعلام، وفي الاجهاض على الحرية النسبية التي توافرت في السنوات السابقة.

ان الدفاع عن حرية الرأي والتعبير والانتصار لحق النشر والوقوف خلف سلطة الرأي العام وحق تكوينه وحمايته، كي يمارس سلطته ورقابته على كل السلطات تتطلب اول ما تتطلب الرفض الكامل والشامل لاي تحصين (عدا الحصانة الاميرية)، واي حماية لاي فكر او عقيدة. كما تتطلب تحرير حرية الرأي من وصاية وحجر الموروث، وكل «الثوابت» المزعومة. ليست هناك ثوابت في النظم الديموقراطية، لان هناك تعددية، وهناك حق الاختلاف وحق تداول السلطة، وهذه كلها تصبح مستحيلات - أي لا ديموقراطية- في حالة تقييد حرية الرأي والتعبير.

أنا توقفت عن الكتابة قبل عقود، عندما تم منع الاعلام من الخوض في الحل غير الدستوري لمجلس الامة سنة 1976. وتوقفت قبل ايام عن الكتابة، عندما صدر قرار النيابة بعدم الخوض في المسألة التي شغلت الرأي العام، والتي عرفت بـ«قضية الشريط». لهذا، رفضت ان اكتب في قضايا جانبية، بينما القارئ يهمه ان يقرأ ويسمع عن القضايا، او في هذه الحالة القضية التي شغلته وتشغله الى الآن. الآن القضية الرئيسية لم تعد قضية الشريط، ولكنها قضية حرية الرأي، بل مصير الديموقراطية في الكويت، لهذا وجدت ضرورة في كتابة هذا المقال انتصاراً لحرية الرأي، ودعما للزملاء الذين اصروا على ممارسة حقهم في النشر والتعليق.

القبس

تعليقات

اكتب تعليقك