عن إسرائيل وثورات الربيع العربي!.. يكتب خليل حيدر
زاوية الكتابكتب إبريل 14, 2014, 12:58 ص 889 مشاهدات 0
الوطن
طرف الخيط / إسرائيل.. وربيع العرب
خليل علي حيدر
يرى بعض المحللين أن غالبية النخبة السياسية والمفكرة في إسرائيل، كما يقول الأكاديمي الفلسطيني أسعد غانم: «لا تنظر الى نفسها ومجتمعها كجزء من العالم العربي والشرق الأوسط، بل ترى ان اسرائيل جزء من أوروبا سياسياً واقتصاديا، وأن مكانها الجغرافي مسألة ثانوية». (الحياة 2013/12/27).
في مقالة بعنوان «الربيع العربي بعيون إسرائيلية»، يقول د.غانم ان في اسرائيل انقساماً ازاء تحولات او ثورات واحتجاجات العالم العربي. فالرئيس الاسرائيلي «شمعون بيريز»، الذي تبنى موقفاً مؤيداً للتغير الديموقراطي في العالم العربي، ودعا متخذي القرار في دولته الى فهم ما جرى وتفهمه وربما الاستفادة من اجواء الانفتاح لترويج رؤيته الى «سوق شرق اوسطي اقتصادي وسياسي يتشارك سكانه قيم الديموقراطية والانفتاح»، التي طالما ادعت اسرائيل، يقول د.غانم، انها تمتلكها، بعكس العالم العربي.
ويقابل هذا موقف رئيس الوزراء الاسرائيلي «بنيامين نتنياهو» المرتاب في تطور الأحداث، معتبراً ما يجري من حوله تمهيداً لسيطرة قوة اسلامية يعتقد ان اهم مشاريعها هو الانقضاض على اسرائيل وتدميرها. ولذلك فقد دعا الى الحيطة، وحض العالم على التنبه الى الخطر القادم ما بعد «الربيع العربي».
وكانت الصحف قد ذكرت يوم 2012/2/18، ان «نتنياهو» يحمل مجموعة أفكار في زيارته لقبرص، منها اقامة «محور غربي» في منطقة حوض البحر المتوسط لمواجهة ما اسماه «النتائج المفاجئة لثورات الربيع العربي»، وقيل ان رئيس الوزراء الاسرائيلي اقترح ان يضم هذا المحور اضافة الى اسرائيل وقبرص، كلاً من اليونان ورومانيا وبلغاريا وكرواتيا، والمحفز له، وفقاً لصحيفة «يديعوت احرنوت»، هو انتخاب الحركات الاصولية الاسلامية لقيادة مصر وتونس وليبيا، وتوقع سيطرة هذا التيار ايضا على سورية. وقد اعتبر نتنياهو في وقت لاحق «ان القوى الصاعدة في الشرق الأوسط لا تؤمن بالمبادئ الديموقراطية»، واوضح ان الشرق الأوسط يمر في تحول عميق، ولكي يكون ديموقراطية حقيقية ليس كافياً ان يكون هناك حكومة تمثل غالبية الشعب.
واضاف ان الديموقراطية تعني «ضمان ألا يكون احد فوق القانون، وتعني احترام حقوق النساء والأقليات والمثليين والاطفال والجميع.. هل سيحصل هذا؟ هناك الكثير من الاسباب للتشكيك. (الوطن، 2012/7/5).
ويقول د.أسعد غانم ان موقف «نتنياهو» يناقض موقف سابق له، اتخذه رئيس الوزراء الاسرائيلي في كتاب له صدر عام 1996 بعنوان «مكان تحت الشمس» ادعى فيه ان اسرائيل لا تستطيع التقدم الى سلام حقيقي سوى مع عالم عربي ديموقراطي، وعندما فهم ان الديموقراطية قد تفرز ما لا يعجبه اتخذ موقفاً مخالفاً لماضيه.
ماذا عن الموقف الشعبي في الشارع الاسرائيلي؟ يقول الكاتب: «أفادت استطلاعات رأي عام في الشارع اليهودي اجرتها جامعة تل أبيب والمعهد الاسرائيلي للديموقراطية، بأن الاسرائيليين انقسموا بشكل عام بعد الثورات العربية بين من يرى فيها خطراً قادماً على اسرائيل وبين أولئك الذين اعتبروا التغيير في العالم العربي اشارة ايجابية يجب على اسرائيل استثمارها كي تحسن من شروط وجودها وعلاقاتها مع الجوار العربي المتفاعل باتجاه التغيير الديموقراطي.
وتبدو اسرائيل مرتاحة الى ان الربيع العربي يضع القضية الفلسطينية وحلها على الهامش من ناحية العالم العربي. كما ان اسرائيل مرتاحة شعبياً ورسمياً لانشغال «حزب الله» الى جانب النظام السوري ضد الثورة ومعارضي النظام، وقد يساهم هذا الموقف المؤيد لسورية، كما حدث فعلاً، في اضعاف التأييد لحزب الله في الشارع العربي، المؤيد في غالبيته للثورة ضد نظام الاسد ويتطلع الى تبديل النظام. أما بخصوص مسألة السلاح النووي الإيراني، فيقول د. غانم، بأن اسرائيل تطمح في حالة تسوية القضية الفلسطينية الى التنسيق مع بعض الدول العربية للتصدي لخطر هذا السلاح.
خلال زيارتي الراهنة الى اسرائيل، كتب صحافي أمريكي في يونيو 2012، لاحظت وجود آراء ايجابية حول «الربيع العربي» في معسكر غير متوقع: اليمين الاسرائيلي، وتحديداً خصوم الدولتين! واضاف يقول: في أوساط بعض المسؤولين الأمنيين السابقين والمستوطنين في الضفة الغربية، سمعت عدداً كبيراً ومفاجئاً من الاسرائيليين الذين يعتبرون «ان الربيع العربي سيحل مشاكلهم مع الفلسطينيين». فالاخوان المسلمون الذين بدأوا يسيطرون على مصر سيكونون قريباً مستعدين لإلحاق غزة التي تديرها «حماس» بمصر، ولن تضطر اسرائيل بعد ذلك الى القلق بشأن القطاع، كما ان الاطاحة بالنظام الملكي الهاشمي في الاردن على يد الفلسطينيين «هو أمر محتم»، ما قد يفتح المجال لاقامة دولة فلسطينية في الاردن او اقدام الاردن على ضم المدن الفلسطينية في الضفة الغربية. ويختتم معسكر اليمين الاسرائيلي تصوراته واحلامه بالقول: «لا تحتاج اسرائيل الى تقديم تنازلات كبرى كجزء من عملية التفاوض، ويمكن أن تستمر في بناء المستوطنات بوتيرة سريعة نظراً لغياب الحاجة الى بناء كيان فلسطيني حيوي محاور. من وجهة نظرهم، يبدو ان الربيع العربي يقضي على حل الدولتين». (الجريدة، 2012/6/4).
الكثير من الاسرائيليين يرون ان ثورات «الربيع العربي»، في حالة «حمل كاذب» بالديموقراطية، لأن ما تريده قوى هذا الربيع شيء آخر. عدد لا يستهان به من عامة العرب ومثقفيهم، يرون بالمناسبة، ان الديموقراطية إما انها لا تصلح لهم أو أنهم لا يصلحون لها!.
تعليقات