هذا هو سر الديمقراطية الحقيقية من وجهة نظر خالد الجنفاوي
زاوية الكتابكتب إبريل 13, 2014, 12:56 ص 702 مشاهدات 0
السياسة
حوارات / ازدراء الرأي الآخر كارثة ديمقراطية
د. خالد عايد الجنفاوي
عني المُماحكة وفق لسان العرب “المُنازعة في الكلام ورجل مَحِكٌ ومُماحِك ومَحْكانُ إذا كان لَجُوجاً عَسِر الخُلق”.
“تصبح المماحكة مضرة للغاية عندما تأخذ شكل خطاب سياسي “ديمقراطي” متفرعن وعدائي وذي نزعة عدائية يحرض على كراهية الآخر المختلف أو الذي يحمل رأياً مختلفاً. ولكن ما الذي يدفع بعض المشاركين في أي عملية ديمقراطية لاعتناق خطاب كاره للآخر, وبخاصة إذا كان “الاخر” شريكاً رئيساً في العملية الديمقراطية? أعتقد أن ضيق الافق وعدم التسامح والانانية وضعف الوعي الديمقراطي, ورفض إمكانية وجود رأي آخر مخالف ترسخ الخطاب العدائي.
من لا يعترف للآخر بحقه في التعبير عن رأيه, يرفض كذلك مشاركته في العملية الديمقراطية, وتأخذ المماحكة والجدل “الديمقراطي” العدائي أشكالاً مختلفة تتمثل في ازدراء الرأي الآخر ومحاولة تشويه سمعة من ينتمي إلى تيار فكري أو سياسي مختلف عن الاقلية أو عن الاغلبية, إضافة إلى ذلك, ازدراء الرأي الاخر كارثة ديمقراطية بكل المقاييس لأن الديمقراطية من المفترض أن تتمثل دائماً في حوارات بناءة بين مشاركين في عملية ديمقراطية بهدف الوصول إلى توافقات فكرية أو أرضيات مشتركة للتوصل إلى أكثر الحلول عملية للمشكلات والقضايا المحلية.
ازدراء الرأي الآخر يخرج فقط من عقول ضيقة الافق, تمقت كل ما هو مختلف عنها, وتحاول قدر ما تستطيع تدميره شخصياً, أو تشويه سمعته أو نشر الاكاذيب والاشاعات المغرضة حوله, فقط لانه انسان يحمل رأيا مختلفاً.
تمكنت الديمقراطية الغربية بعد قرون من التطور الديمقراطي التغلب على جزء كبير من العدوانية السياسية في السياق الديمقراطي, فندر مثلاً تلاسن أو تلاكم الديمقراطيين الغربيين حول قضايا محلية تهمهم جميعهم, ولكن الأمر يبدو مختلفاً في أي بيئة لا تزال تروج فيها ثقافة المماحكة السياسية والجدل العقيم, والصخب, والضجيج المفتعل حين تتعالى الاصوات, والزجر, والازدراء المتبادل بين أفراد من المفترض أنهم يعيشون في مجتمع ديمقراطي!
يصعب على الانسان الديمقراطي, قولاً وفعلاً, التعامل بأريحية مع بعض أشخاص لا يزالون يعتقدون أن الديمقراطية تعني بشكل أو بآخر دحر الآخر وإهانته وتشويه سمعته بشكل شخصاني, وأناني وطفولي للغاية.
الديمقراطية الحقيقية تتمثل في قبول مشروعية وجود رأي آخر مختلف, وتفادي محاولة تلقين الأفراد الأحرار ما عليهم قوله أوفعله في بيئة ديمقراطية تضمن الحرية الشخصية: الديمقراطية الحقيقية تتمثل في رفض الوصاية الاخلاقية على الآخرين.
تعليقات