لايمكن للعقلانية أن تترسخ في بيئة متطرفة.. هكذا يعتقد خالد الجنفاوي
زاوية الكتابكتب إبريل 11, 2014, 12:57 ص 1105 مشاهدات 0
السياسة
حوارات / فن نحت التماثيل والوصاية الأخلاقية
د. خالد عايد الجنفاوي
يصعب تخيل حالة من ينادي دائماً بتطبيق التفكير العقلاني والعملي في بيئة إنسانية يروج فيها التطرف لدى البعض في كل شيء تقريباً, في أقوالهم وردود فعلهم, وفي كراهيتهم للفن وللثقافة, وهوس البعض بالوصاية الاخلاقية على الناس الاخرين. لايمكن للعقلانية والحس الفني الراقي, بل الحياة المدنية المنظمة أن تترسخ في أي بيئة إنسانية منغلقة على نفسها, أو يكثر فيها عدد الافراد الذين يستميتون في الوصاية الاخلاقية على مواطنيهم, فالعقلانية تحتاج إلى حيز إنساني وثقافي حر يسمح بالتطور والرقي, الفكري والادبي والفني. في بيئة الانغلاق والشخصانية تحرم “صناعة” التماثيل بينما هي في الواقع فن نحت مستقل وقائم بذاته يستعمل للتعبير عن أفكار وانطباعات فنية راقية لا تتقبلها بيئة الانغلاق واللا تسامح! لا أقبل شخصياً أن يفرض علي احدهم الوصاية الاخلاقية, وبخاصة من لم يتجاوز ذكاؤهم حدود أقدامهم, اذ لا يمكن في عالمنا المعاصر أن يتم تلقين الآخرين, وبخاصة المثقفين وعقول الامة والناس المتمدنين, كيف لهم أن يتذوقوا الفن وما طبيعة الفن الانساني الذي يسمح به أو لا يسمح به. إضافة إلى ما سبق, لا يمكن في عالمنا المعاصر ان يسمح لبعض المتطرفين السيطرة على مصائر الناس الاخرين, والمتطرف دينياً ومذهبياً وقبلياً, وفئويا لا يملك الحق في شرعنة, أو تأصيل, أو تعطيل آراء الناس الآخرين ولا يملك الحق في تلقينهم ما عليهم قبوله أو رفضه. يوجد نوع معين من العقول الانسانية رجعي في طريقة تفكيره, وانكفائي, ومعزول بإرادته عما يدور حوله في عالمنا المعاصر, بل يتجاوز هذا النوع من العقول المعزولة عن العالم الخارجي ضيق الأفق النمطي, وتلك النظرة الخارقة للطبيعة نحو ماض مجيد متخيل, فيتصف هذا النوع من الذهنيات الانسانية بأنه غالباً يسير بشكل معاكس مقابل لما يحدث في عالم اليوم, ليس بسبب بحث الشخص الرجعي عن الأفضل, أو بسبب انتقائية ذوقه “الفني”, لكن بسبب كراهية العقل الرجعي أو خوفه, وربما رعبه, من معانقة المستقبل. إذا كان ثمة مشكلة حقيقية تمنع بعض المجتمعات الانسانية من التطور والتقدم الحضاري فهي تتمثل في استمرار رواج طرق تفكير ماضوية رجعية, وبخاصة تلك التي تعتبر ما يحدث حولها من تطورات علمية, وحضارية, وثقافية, وفنية, تهديداً مباشراً لاستقلاليتها المزعومة وأنفتها الثقافية المتضخمة.
تعليقات