حسن عبدالله عباس يكتب عن صراع المذاهب

زاوية الكتاب

كتب 513 مشاهدات 0


صراع المذاهب قد يكون من الخطأ الشائع أن نُطلق على العصر الذي نعيشه بصراع الحضارات تيمناً بعنوان كتاب صموئيل هنتنغتون الشهير الذي يحمل الاسم نفسه. ففيه يطرح هنتنغتون نظرته المستقبلية للقرن الحادي والعشرين بأنه عصر أفول الدولة القومية وبروز الحضارات بدلاً عنها. حتى لو دار الحديث عن أنفسنا نحن المسلمين، فلا يبدو أن عندنا مشكلة في الاندماج والتحاور مع الحضارات الأخرى. فالإسلام فيه الكثير من المعالجات التي تخاطب هذا الباب الثقافي. إذاً لم كُل هذا القتل وأنهر الدماء السائلة في أوطان المسلمين ومن شرقها إلى غربها؟ لو أردنا أن نسمي العصر الذي نحن فيه باسم أدق، لاخترت حرب المذاهب. ما تعانيه الأمة الإسلامية تقاتل وتناحر بين أبنائها لا فيما بينها وبين الآخرين. من المؤكد أن الصورة الفوضوية في إراقة الدماء البريئة أمرٌ في غاية الغرابة، فلا يوجد عاقل يقر بذلك فضلاً عن دين السماء. فما السبب في أن تُستباح روح الإنسان لتصبح ألعوبة بهذه السهولة؟ المشكلة الكُبرى تكمن في الفرق الضالة التي شربت من الدين فقط معنى الكُفر والزندقة، ولم تعد ترى سوى «شجرة» قصاص القتل في الآخرين وعميت عن «غابة» سماحة الدين والإسلام. مشكلة السلفية الجهادية أنها تُقوي عودها على أفراد من الشباب الطائش الذين استتابوا للتو. فالشاب المنحرف الذي يريد أن يجُبّ عن ماضيه، يرى في شيوخ السلفية الجهادية خير منقذ لما يصورون له من آثار الجهاد الأخروية واحتضان الحور العين والمتاع الدائم كأقصر الطرق للتوبة. ولهذا فأكثر المقاتلين هم ممن أضاع وقته في السهر والخمر وخلا عقله من كل فكر أو علم أو ثقافة. هذا الخواء الفكري يبدو جلياً «بمبايعتهم» لنوعية ووجوه أمراء الحرب. فلا يُعرف ما هو المستوى العلمي لغالبية قادة هذه الفرق؟ مثلاً ما هو المستوى العلمي ليوسف فكري «الزعيم الروحي» لجماعة الهجرة والتكفير في الدار البيضاء المسؤولة عن التفجيرات الأخيرة، فالرجل يُسمى «الزعيم الروحي» وهو لم يبلغ من العمر 25 عاماً، هو وزميله الميلودي زكرياء قائد جماعة «الصراط المستقيم» في المغرب الذي كان لينينياً ماركسي الهوى قبل انقلابه إلى التشدد الإسلامي. أو أي علم اكتسبه الزرقاوي الذي قضى أيام حياته إما منحرفاً وإما منشغلاً بحروب أفغانستان والعراق، فمن أين الوقت للعلم؟ وإن تدرجت في السلسلة لعرفت أن شيوخ السلفية الجهادية لا تتورع عن تكليف كل من هب ودب كإيكال أبرز منظري التيار أبو محمد المقدسي العمل الجهادي وحق التصرف بالمال والنفس إلى فاشل كالزرقاوي (أنظر المقابلة مع ياسر أبو هلالة على قناة «الجزيرة»)! في مقابل هذا الاستهتار والتطفل على الدين، ينشغل القسم الآخر من العلماء بفتاوى غريبة كفتوى إرضاع الكبير ومدى شرعية نوم المرأة إلى جنب الحائط!
الراي

تعليقات

اكتب تعليقك