العالمان العربي والإسلامي يمران بحقبة زمنية مرعبة.. بنظر فاطمة البكر
زاوية الكتابكتب إبريل 4, 2014, 12:47 ص 688 مشاهدات 0
القبس
وهج الأفكار / حقبة زمنية قاهرية!
فاطمة عثمان البكر
• تُرى.. أي جيل ستفرزه المرحلة المقبلة؟
تطايرت نُذر الشر، وتراكمت الهموم والغيوم في كل شبر من عالمينا العربي والاسلامي، حقبة زمنية مرعبة يمر بها هذا العالم، لم يشهدها على مدى تاريخه الطويل، أصبح يمثل «بؤرة الاشتعال»، لا تخمد جذوتها، بل يزداد تأزمها يوماً بعد يوم حتى غدت تمثل تهديداً حقيقياً للسلم العالمي، وعائقاً كبيراً لحركة التنمية البشرية، والتطور الذي لا يتم الا في ظل الاستقرار والامن والامان، مما استدعى كل المراقبين والمحللين الى وقفة في حالة من الذعر والخوف على جيل هذه المرحلة.. جيل الذعر، جيل الخوف، في كل مكان من هذا العالم المرعب والمضطرب، ويواجه في كل منحى، وفي كل اتجاه لافتة كبيرة بخطوطها السوداء والحمراء، وهي لافتة «الأفق المسدود»!
تُرى، أي جيل ستفرزه هذه المرحلة القاتمة؟! جيل يصحو وينام، وينام ويصحو على صوت فجّر وتفجّر وصور النحر والغزو والقتل، كشريط فيلم تراجيدي يعرض غدواً وعشيا؟!
ترى، أي جيل ستفرزه المرحلة المقبلة؟!
العالمان العربي الاسلامي في وضعهما الحالي يمران بمرحلة زمنية هي الأسوأ.. أسوأ من مراحل الجهل السابقة، انها مرحلة الغفلة، مرحلة المرارة.. غياب الوعي، ارتبط اكثر ما ارتبط بفكرة المؤامرة والتدخل الخارجي وازمات متتالية، تهدد امنه وسلمه النفسي الداخلي، وتعصف بكيانه وتسلب ارادته، تربك اتزانه، وتعثر خطواته في كل اتجاه، فقد تعرجت الدروب وتراكمت المشاكل والصعاب، حتى اصبحت امامه كالجبال العصية، التي لا يمكن اجتيازها. وعلى ساحتنا المحلية، هناك حالة غريبة، سيول جارفة من النقد غير مسبوقة، وحملنا واقعنا الذي كل ما توافر له نسبيا، ولما يدور من حولنا من امن واستقرار ومعطيات ايجابية تخدم المواطن، وتحقق له الامن والاستقرار والضمان للعيش الكريم نُحسد عليه، ولمن حولنا من مآس، الا ان الشك يبدو سيد الموقف، وجسور الثقة مفقودة ومنسوفة، وحملنا واقعنا اوزانا من الشكوى ثقيلة، وأوزاراً كثيرة.. هناك نواقص لا يمكن إنكارها، هناك مشاكل وصعوبات، هناك ثغرات، هناك اخفاقات في جوانب كثيرة، وكل شيء في الواقع يعتريه شيء من النقص، ويحتاج الى عملية «رتوش» لإصلاح ما يبدو نافرا منه، او غير مكتمل فيه، والتعامل مع الواقع وإصلاحه يحتاجان الى وعي وفكر وتخطيط، ولولا النقص الذي يعتري تلك الجوانب لانتفى عامل التحدي، ولما كانت هناك حاجة للبحث عن الأصلح، والإصرار الدائم على النقد والتبرم، كموضوع دائم، تجعل من ردود الافعال «إدماناً»، تفقدها مضمونها، وتثبط العزائم وتصبح الصورة السوداوية صورة عادية، كالذي يدمن الضرب، بعد ذلك يفقد الإحساس، ويصبح الضرب أمراً عادياً ومحتملاً، فتكون الاستجابة عادية.. كالضرب في الميت، تسود بعدها اجواء الاحباط والنظرة التشاؤمية، وتثبط العزائم وتحول الوجود الى مرثية دائمة.
تصحيح مسار الواقع، أي واقع يشعر الافراد بأنه لا يحقق ما يرتجى منه، لا يكون بالنقد الدائم وإشاعة تلك الأجواء السوداوية، ولا بالحلول الضبابية، لا يمكن القيام بالخطوات والخطط والشك يلازمها، فتجعل من الشك والريبة لكل خطوة، فتجعل منه المبدأ الذي يسود، فلا يبقى أحد موضعاً للثقة، وتفقد كل قدرة على العطاء، فلا جهود صادقة تبذل، وتتحول الطاقات الى عطاءات هزيلة شبه مشلولة تُدفع الى اقتحام معابر قاسية داكنة!
الإصلاح يحتاج الى وعي، فكر، تخطيط، صدق، نضوج، ارادة وتصميم وتنفيذ، جهود صادقة ملموسة، محسوسة، تترك صورة عطاء واصلاح وتمهد الخطوات وتحفز الهمم لجيل ابنائنا وللأجيال القادمة، تمهد لهم طريق الأمل والعمل، ولا تجور على امنهم النفسي الداخلي وتجعل من الصورة السوداوية هي اللافتة، لافتة الأفق المسدود، نحفز الهمم ونثبت الخطوات والعزائم الى العبور الى معابر، مهما كانت وعرة وقاسية فعالم الغد سيكون عالماً صعباً قاسياً، والإرادة والعزيمة لا يمكن شحذهما إلا إذا توافرت لهما عوامل، أهمها الاستقرار، واستقرار الأمن النفسي الداخلي!
تعليقات