الليبراليون تخلوا عن تعديل «تداول السلطة» أمام الهجمة الإسلامية على المادة الثانية ..افتتاحية النهار

زاوية الكتاب

كتب 463 مشاهدات 0


 



الليبراليون تخلوا عن تعديل «تداول السلطة» أمام الهجمة الإسلامية على المادة الثانية
الوحدة الوطنية بين «النووي» والدستور
المحرر السياسي 

 
نقلت أوساط قطب سياسي كبير عنه أن الدعوة التي كانت مثارة لتعديل الدستور خفتت.. «ولكن مؤقتا» وأن إثارة هذا الموضوع في هذا الوقت بالذات كان من قبيل إعادة الأنظار إلى قضية داخلية تعتبر الأكثر عرضة للتجاذب السياسي. وقالت الأوساط لـ «النهار» إن الحديث عن قضايا إقليمية مع عدم اتضاح الصورة كليا يضع الكويت في موقع « الطرفية» وهذا ما لا تريده القيادة العليا الان على الأقل مع أنه يشكل هما خليجيا مؤرقا، ويعني به «الملف النووي الإيراني» الذي بدا التعامل معه ومع التصريحات والتصريحات المضادة نوعا من رد الفعل.

وأضافت الأوساط القريبة جدا من مراكز القرار: «إن المطلوب أن تكون دول الخليج في جهوزية تامة للتعامل مع أي تطور في هذا الشأن، لكن المطلوب أن تكون بمنأى عن «الطرفية» إلا بمقدار تعرضها لتداعيات عمل عسكري ما ضد إيران، وهو الأمر الذي تراجعت احتمالاته مع الرفض الأميركي لتزويد إسرائيل بأسلحة بالغة التطور تمكنها من تنفيذ ما يسمى بضربة « اللسعة» وطبعا بمساعدة أميركية، كانت قد انتخبت أهدافها وحددتها بأكثر من 40 هدفا شديد الحساسية ضمن «السيناريوهات المعلبة» وهي السيناريوهات التي تفترض وقوع حادث وتصنفه ضمن الأولويات للتعامل معه في الوقت المناسب، مشيرة إلى أن جهات دراسات استراتيجية رصدت ردود الفعل ووضعت تقريرا بذلك في عهدة القيادة وأن نسخا منه أرسلت إلى الدول الحليفة لوضعها في صورة ما بعد الضربة وما ستؤدي إليه من تداعيات على الصف الوطني الذي بدا أنه مهيأ للانقسام وان أدوات هذا الانقسام جاهزة ولا ينقصها غير «التثوير». على الرغم من الدول الحليفة وهي الدول التي تتعامل مع الملف النووي أجابت بما مفاده أن « الاستخدام السلمي وكذلك العسكري للطاقة مضر بالمصالح الحيوية للدول الحليفة ولدول الخليج، لأنه ثبت أن إيران قادرة على إنتاج هذا السلاح «العسكري» بعد عشرة أشهر، خصوصا بعد ردود الفعل الروسية على الموقف الدولي من حربها مع جورجيا وهي ردود فعل قد تسرّع التعاون الروسي الإيراني في مجال الطاقة النووية ما يخشى من وصوله إلى أحزاب وتنظيمات تشكل العدو رقم واحد لإسرائيل وتغير توازنات القوى في المنطقة بعد الانفراج الذي شهدته العلاقات السورية – اللبنانية، وهو انفراج لم يرض العديدين بل إنه يخرجهم من اللعبة. وعودة إلى الشأن الداخلي في قضية النووي – ودائما حسب الأوساط – فإن قضية الدستور وإن كانت مطلوبة في وقت ما إلا أنها ليست على درجة كبيرة من الإلحاح، وأن اللاقتراب منه – أي الدستور – لا يقل إثارة عن قضية النووي. ولهذا فقد تم إغلاق الملف بسرعة لافتة، بعد أن برزت قوى تربط هذا التعديل « بترتيبات ما» وتؤدي إلى نزع مكتسبات من هذه القوى، ومن هنا شهدت الساحة السياسية هجمة من القوى الإسلامية باتجاه تعديل المادة الثانية من الدستور وهي المادة الأكثر فاعلية في إحداث الانشقاق الوطني، ولم يكن بالإمكان إغلاق الملف «الدستوري» إلا من خلال إثارة هذه المادة. وتتابع الأوساط أنه تم اللجوء إلى قضايا أقل أهمية وهي بطبيعة الحال قيد التدوال والتجاذب السياسي مثل الاستجوابات والغلاء والصناديق والبرنامج الحكومي وقضايا التدوير، لصرف الانتباه عن الدستور. إلى هنا، وقد أفاد خبير دستوري أن مسألة تنقيح الدستور أثيرت كثيرا في سنوات ما بعد التحرير تحت ذرائع عديدة منها، مرور أكثر من أربعين عاماً على وضعه ما يتطلب تطويره، ومنها تحت مبرر سد ما فيه من ثغرات، ولكن هذه الدعوات سرعان ما اختفت أمام التصدي الشعبي. وفي قراءة للتوقيت يفيد الخبير الدستوري أن السبب الاهم في التراجع هو انعدام وجود إرادة سياسية فعلية وموازين قوى مناسبة لطرح دعوات جديّة لتنقيح الدستور، وقد كشفت تجارب «الانقلابيين» على الدستور في العامين 1976 و1986 والتصدي الشعبي لهما، أنّ دستور 1962 قد أصبح جزءا لا يتجزأ من حياة الكويتيين وترسخ في ضمائرهم لدرجة أنه أصبح خطا أحمر. لأن هذه التجارب ومنها تجربة العام 1980 ولدت في النفوس عندما اقترح الحكم تنقيح الدستور، أو من خلال المشروع المطروح على مجلس الأمة الخامس في العام 1981، فقد كشفت هذه التوجهات بالملموس نوايا تقليص الهامش الديموقراطي وتكريس نهج الانفراد بالسلطة، ومن هنا صدرت أصوات تدافع عن الطبيعة الجامدة للدستور واعتبرته ميزة إيجابية، ولا تكفي الرغبات للشروع في عملية من هذا النوع فكما أن البعض يتربصون بالمكتسبات هناك من يتربص بالمادة الثانية. وأما الدعوات لزيادة عدد أعضاء مجلس الأمة، أو إقامة مجلس للاعيان كمبررات لتنقيح الدستور فهي دعوات مردود عليها، إذ انّ نسبة النواب في الكويت إلى إجمالي الناخبين مرتفعة جداً قياساً بالمعدلات العالمية، ووجود مجلس الاعيان إلى جوار مجلس النواب لا مبرر له لأن الدستور جعل من الوزراء نوابا بحكم وظائفهم، وجَعَلَ حقّ رد القوانين التي يقرها المجلس، بيد رئيس الدولة. أما استحقاق آليات التداول الديموقراطي للسلطة التنفيذية، ونيل الحكومة الثقة المسبقة من المجلس مع إمكانية سقوطها في حال حجب ثقة الغالبية النيابية عنها، مثلما هي الحال في البلدان ذات النظم البرلمانية، فإنّه استحقاق مؤجل وستفرضه متطلبات التطور وموازين القوى. ولهذا فقد كان الدستور بالون اختبار ليس إلا ! 
 

النهار

تعليقات

اكتب تعليقك