عن حسابات الربح والخسارة في الأزمة الخليجية يكتب - ناصر المطيري

زاوية الكتاب

كتب 1224 مشاهدات 0


ذكرنا في مقالنا السابق أن أسباب «أزمة سحب السفراء» من دولة قطر هو في حقيقته يعود لأسباب اقليمية خارج حدود جغرافيا منطقة الخليج بدوله الست الأعضاء في منظمة مجلس التعاون الخليجي وذلك بالنظر لاختلاف التحالفات الاقليمية والأجندات السياسية المتباينة بين كل من قطر الدوحة من جهة ودول المجلس الأخرى من جهة أخرى.

وحتى اليوم يبدو أن هناك انسدادا في الأفق الخليجي للوصول لحل أو تسوية أمام تمترس الأشقاء الخصوم في مواقفهما ورفع سقف التنازلات من كل طرف، فلا قطر ستقبل بشروط اغلاق قناة الجزيرة الفضائية ولا الأطراف الخليجية قابلة ببقاء النهج السياسي الحالي لقطر.

وهنا نتساءل عن الخيارات السياسية المتاحة أمام طرفي الخلاف الخليجي، وما حسابات وموازين الربح والخسارة لكل منهما، وهل دولة قطر هي الطرف الأضعف في الأزمة كونها تواجه ثلاثيا خليجيا غاضباً أم أن الحسابات والرهانات السياسية تجعل من الدوحة نداً يتمتع بقوة متكافئة سياسياً في مقابل الأشقاء الخصوم؟

القراءة السياسية للأزمة بجذورها وأبعادها تشير الى أن البقاء في عضوية مجلس التعاون أو الخروج منه لا يشكل أداة ضغط على الدوحة التي رسمت سياستها وتحالفاتها الدولية بعيداً عن النطاق الخليجي فأخذت في السنوات الأخيرة تمارس دوراً عربيا ودوليا وسع من نطاقها الجغرافي الصغير وأعطاها مساحة سياسية واسعة مدعومة باعلام مؤثر، فأصبحت قطر بمثابة «جزيرة» لها كيان يغرد خارج سرب مجلس التعاون الخليجي واستمرت هذه «الجزيرة القطرية» بسياسة تتعارض مع توجهات البقية تجاه مصر وسورية والعلاقة مع ايران والولايات المتحدة.

لذلك نعتقد أن وجود أو خروج قطر من مجلس التعاون لا يتجاوز البعد الاجتماعي الشعبي ولكنه وجود يتنافر مع البعد السياسي خليجياً.

لو اتجه الخليجيون الى عزل قطر عن المنظومة الخليجية فسوف ينظم القطريون لمحور تحالف اقليمي يضم ايران وتركيا مدعوما بقوة دفع استراتيجية أميركية.

وهنا نقارن هذا الخيار الاستراتيجي القطري المرجح حصوله مع الخيار الاستراتيجي الذي تسوقه وسائل التواصل الاجتماعي وبعض المواقع الاعلامية الخليجية وهو التلويح باقامة تحالف استراتيجي يضم مصر وربما الأردن ويستبعد قطر والكويت وعمان. وهنا يتضح أيضا أن منظمة مجلس التعاون لم تعد تلبي الطموح السياسي لبعض دول المجلس.

أمام هذين الخيارين الاستراتيجيين لطرفي الخلاف الخليجي يبقى الحكم للقارئ في معرفة حسابات الربح والخسارة عندما يضع الأمور في الموازين السياسية وبرؤية موضوعية غير عاطفية.

النهار

تعليقات

اكتب تعليقك