عن تحديات اللحظة الخليجية يكتب - الطراح
زاوية الكتابكتب مارس 15, 2014, 4:47 م 748 مشاهدات 0
بكل تأكيد نود أن تحل المشاكل بين دول الخليج العربي وتحديداً دول مجلس التعاون ضمن إطار الإرث الاجتماعي التاريخي، إلا أن عقلية المعالجة ينبغي أن تمتاز بالمرونة في فهم المتغيرات، فما كان يصلح في الماضي قد لا يصلح للحاضر وهذا ربما أحد أهم المتغيرات التي يتعين أن تضعها دول مجلس التعاون الخليجي في الاعتبار. والمنطقة العربية تمر الآن بمخاض عسير وكبير ويتعين أن نفهم ما حدث ضمن رؤية واقعية للمتغيرات، كما أن منطقة الخليج العربي لحقت بها أضرار جيوبوليتيكية، وهي متغيرات كبيرة لم يتم رصدها والتعامل معها.
ولا حاجة للتذكير بأن العالم يزداد ارتباطاً ببعضه بعضاً، ومختلف المتغيرات تؤثر في الجانب الإقليمي، ولو أخذنا أحداث سبتمبر الأميركية مثلاً فقد كانت حدثاً ضخماً ترتب عليه صعود تيار «المحافظين الجدد» الذين أصبحت لهم القوة والتأثير في رسم السياسات الخارجية في الولايات المتحدة، وكانوا على قناعة بأن المنطقة الشرق أوسطيه يجب أن تتغير لكونها خرقت محرمات لم تخطر على البال، ولا مجال للخوض فيها. وهناك اتفاق بين أنصار هذه المدرسة على أن الأخطار كبيرة في منطقتنا، وأن الأوان قد آن لتغيير أسس التحالفات القديمة. ووفق هذا المنطق الناقد أن العرب بالعموم لم ينجحوا في حل مشاكلهم، وكانوا دائماً يلجأون إلى لوم الغير ويحمّلون الآخر مسؤولية فشلهم، وهم لا يحللون أسباب فشل سياساتهم ولا يشخصون أعراض أمراضهم ولا يقبلون النقد ويعتقدون دائماً أن الحق معهم. ولو أخذنا على سبيل المثال ما حدث في خطوة صدام حسين عندما غزا الكويت فقد خرق أسس النظام العربي إلا أن معظم المعالجات العربية كانت هلامية ولم تكن عقلانية. ولو أخذنا أيضاً القضية الفلسطينية فهي كذلك ما زالت قابعة في مكانها دون أن نجرؤ على نقد الجانب الفلسطيني في انقساماته التي هي مؤثر كبير في عرقلة قضية نيل حقوقه وكسب رهان عملية السلام. وعلى العموم فالسياسات العامة العربية تتسم بالاتكالية، وأحياناً التبعية، ولا تنتهج في الغالب المبادرة كقاعدة للعمل السياسي.
إن منطقة الخليج العربي تقف عند مفترق طرق، ولا يمكن التعامل معها إلا من خلال سياسات تضع في الاعتبار طبيعة المخاطر ومن ثم السياسات الاستراتيجية التي تظهر جدية صنع القرار في التعامل مع قضايا عالمية عديدة. فنحن في منطقتنا العربية لدينا مشاكل حقيقية، منها على سبيل المثال صعود موجات التطرف، ومن ثم تعتبر المنطقة ملومة في سياساتها المتهاونة أحياناً مع مثل هذه الأنماط الفكرية المتطرفة التي أصبحت مكوناً من مكونات الصورة النمطية عن المنطقة العربية. تماماً مثلما أن تحديات القضية الديموغرافية لم تأخذ هي أيضاً الحيز من الاهتمام الذي تستحقه، وتم التعامل معها بتبسيط كبير، بينما واقع الحال أن لدينا جاليات سكانية ذات طبيعة ثقافية مختلفة ومن ثم فإن تضخمها له مردوده السلبي، ومنه طبعاً السياسي. وبعض من دولنا تعاني من البطالة ولم نفكر في وضع سياسة توظيف على مستوى دول المجلس بل تركنا الأمر يتصاعد دون اكتراث لحقيقة التضخم في القطاع الحكومي. وأما سياسة توزيع الثروة فهي كذلك ليست ببعيدة في بعض الحالات عن النقد، فلدينا بعض الممارسات الموصوفة بالخلل، وهي بكل تأكيد لها تداعياتها، وإعادة توزيع الثروة وسيلة أيضاً غير مجدية بقدر ما يتعين علينا أن نفكر في إعادة توليد ثروة بطرق اقتصادية فعالة كما يحدث على سبيل المثال في دولة الإمارات العربية المتحدة أو السعودية، لأن لديهما سياسات ناجحة بهذا الخصوص.
د.علي الطراح
تعليقات