عن تحديات اللحظة الخليجية يكتب - الطراح

زاوية الكتاب

كتب 738 مشاهدات 0


بكل‮ ‬تأكيد‮ ‬نود‮ ‬أن‮ ‬تحل‮ ‬المشاكل‮ ‬بين‮ ‬دول‮ ‬الخليج‮ ‬العربي‮ ‬وتحديدا‮ً ‬دول‮ ‬مجلس‮ ‬التعاون‮ ‬ضمن‮ ‬إطار‮ ‬الإرث‮ ‬الاجتماعي‮ ‬التاريخي‮، إلا‮ ‬أن‮ ‬عقلية‮ ‬المعالجة‮ ‬ينبغي‮ ‬أن‮ ‬تمتاز‮ ‬بالمرونة‮ ‬في‮ ‬فهم‮ ‬المتغيرات، فما‮ ‬كان‮ ‬يصلح‮ ‬في‮ ‬الماضي‮ قد ‬لا‮ ‬يصلح‮ ‬للحاضر‮ ‬وهذا ‬ربما‮ أحد‮ أهم‮ ‬المتغيرات‮ التي يتعين أن تضعها دول‮ مجلس ‬التعاون‮ ‬الخليجي في الاعتبار.‮ و‬المنطقة‮ ‬العربية‮ ‬تمر‮ ‬الآن بمخاض‮ ‬عسير‮ ‬وكبير‮ ‬ويتعين‮ ‬أن‮ ‬نفهم‮ ‬ما‮ ‬حدث‮ ‬ضمن‮ ‬رؤية‮ ‬واقعية‮ للمتغيرات، ‬كما‮ ‬أن‮ ‬منطقة‮ ‬الخليج‮ ‬العربي‮ ‬لحقت‮ ‬بها‮ أضرار‮ ‬جيوبوليتيكية‮، ‬وهي‮ ‬متغيرات‮ ‬كبيرة‮ ‬لم‮ ‬يتم‮ ‬رصدها‮ ‬والتعامل‮ ‬معها.

ولا حاجة للتذكير بأن العالم‎‮ ‬يزداد ارتباطاً‮ ‬ببعضه‮ بعضاً، ‬ومختلف المتغيرات‮ ‬تؤثر‮ ‬في‮ ‬الجانب‮ ‬الإقليمي،‮ ‬ولو‮ أخذنا‮ ‬أحداث‮ ‬سبتمبر‮ ‬الأميركية‮ ‬مثلاً فقد كانت‮ ‬حدثاً‮ ‬ضخماً ‬ترتب‮ ‬عليه‮ ‬صعود‮ ‬تيار‮ ‬«المحافظين‮ ‬الجدد»‮ ‬الذين‮ أصبحت ‬لهم‮ ‬القوة‮ ‬والتأثير في‮ ‬رسم‮ ‬السياسات‮ ‬الخارجية‮ في الولايات المتحدة‬، ‮‬وكانوا‮ ‬على‮ ‬قناعة‮ ‬بأن‮ ‬المنطقة‮ ‬الشرق‮ أوسطيه‮ ‬يجب‮ أن‮ ‬تتغير‮ ‬لكونها‮ ‬خرقت‮ ‬محرمات‮ ‬لم‮ ‬تخطر‮ ‬على‮ ‬البال،‮ ‬ولا‮ ‬مجال‮ ‬للخوض‮ ‬فيها.‮ ‬وهناك‮ ‬اتفاق‮ ‬بين‮ ‬أنصار‮ ‬هذه‮ ‬المدرسة‮ على أن‮ ‬الأخطار‮ ‬كبيرة‮ ‬في‮ ‬منطقتنا‮، ‬وأن ‬الأوان‮ قد آن ‬لتغيير‮ ‬أسس‮ ‬التحالفات‮ ‬القديمة‮.‮ ‬ووفق هذا المنطق الناقد أن العرب‮ ‬بالعموم‮ ‬لم‮ ‬ينجحوا‮ ‬في‮ ‬حل‮ ‬مشاكلهم،‮ ‬وكانوا‮ ‬دائماً‮ ‬يلجأون‮ إلى‮ ‬لوم‮ ‬الغير‮ ‬ويحمّلون‮ ‬الآخر‮ ‬مسؤولية فشلهم‮، وهم‮ ‬لا‮ ‬يحللون‮ أسباب‮ ‬فشل‮ ‬سياساتهم‮ ‬ولا‮ ‬يشخصون‮ أعراض أمراضهم‮ ‬ولا‮ ‬يقبلون‮ ‬النقد‮ ‬ويعتقدون‮ ‬دائما‮ً أن ‬الحق‮ ‬معهم.‮ ‬ولو‮ ‬أخذنا‮ ‬على‮ ‬سبيل‮ ‬المثال‮ ‬ما‮ ‬حدث‮ ‬في‮ ‬خطوة‮ ‬صدام‮ ‬حسين‮ ‬عندما‮ ‬غزا‮ ‬الكويت‮ ‬فقد‮ ‬خرق‮ ‬أسس النظام‮ ‬العربي‮ ‬إلا‮ أن‮ ‬معظم المعالجات‮ ‬العربية‮ ‬كانت‮ ‬هلامية‮ ‬ولم‮ ‬تكن‮ ‬عقلانية. ‮و‬لو‮ أخذنا‮ أيضاً ‬القضية‮ ‬الفلسطينية‮ ‬فهي‮ ‬كذلك‮ ما زالت ‬قابعة‮ ‬في‮ ‬مكانها‮ ‬دون‮ ‬أن‮ ‬نجرؤ‮ ‬على‮ ‬نقد‮ ‬الجانب‮ ‬الفلسطيني‮ ‬في‮ ‬‬انقساماته‮ ‬التي‮ ‬هي‮ ‬مؤثر‮ ‬كبير‮ ‬في‮ ‬عرقلة‮ ‬قضية‮ ‬نيل حقوقه وكسب رهان عملية السلام‮.‮ ‬وعلى العموم فالسياسات‮ ‬العامة‮ ‬العربية‮ ‬تتسم‮ ‬بالاتكالية،‮ ‬وأحياناً التبعية‮، ‬ولا‮ ‬تنتهج‮ في الغالب ‬المبادرة‮ ‬كقاعدة‮ ‬للعمل‮ ‬السياسي.

إن منطقة‎‮ ‬الخليج‮ ‬العربي‮ ‬تقف‮ ‬عند‮ ‬مفترق‮ ‬طرق،‮ ‬ولا‮ ‬يمكن‮ ‬التعامل‮ ‬معها‮ ‬إلا‮ ‬من‮ ‬خلال‮ ‬سياسات‮ ‬تضع‮ ‬في‮ ‬الاعتبار‮ ‬طبيعة‮ ‬المخاطر‮ ‬ومن‮ ‬ثم‮ ‬السياسات‮ ‬الاستراتيجية‮ ‬التي‮ ‬تظهر‮ ‬جدية‮ ‬صنع‮ ‬القرار‮ ‬في‮ ‬التعامل‮ ‬مع‮ ‬قضايا‮ ‬عالمية عديدة‮‬. فنحن‮ ‬في‮ منطقتنا العربية ‬لدينا‮ ‬مشاكل‮ ‬حقيقية،‮ ‬منها‮ ‬على‮ ‬سبيل‮ ‬المثال‮ ‬صعود‮ ‬موجات‮ ‬التطرف‮، ‬ومن‮ ‬ثم‮ ‬تعتبر‮ ‬المنطقة‮ ‬ملومة‮ ‬في‮ ‬سياساتها‮ ‬المتهاونة‮ أحياناً ‬مع‮ ‬مثل‮ ‬هذه‮ ‬الأنماط‮ ‬الفكرية‮ ‬المتطرفة التي‮ ‬أصبحت‮ ‬مكوناً‮ ‬من‮ ‬مكونات‮ ‬الصورة النمطية عن المنطقة‮ ‬العربية.‮ تماماً مثلما‮ ‬أن‮ ‬تحديات القضية‮ ‬الديموغرافية‮ ‬لم‮ ‬تأخذ‮ هي أيضاً ‬الحيز‮ ‬من‮ ‬الاهتمام‮ الذي تستحقه، ‬وتم‮ ‬التعامل‮ ‬معها‮ ‬بتبسيط‮ ‬كبير،‮ بينما‮ ‬واقع‮ ‬الحال‮ ‬أن لدينا‮ ‬جاليات‮ ‬سكانية‮ ‬ذات‮ ‬طبيعة‮ ‬ثقافية‮ مختلفة ‬ومن‮ ‬ثم‮ فإن ‬تضخمها‮ ‬له‮ ‬مردوده‮ ‬السلبي‮، ‬ومنه‮ ‬طبعاً‮ ‬السياسي.‮ ‬وبعض‮ ‬من‮ ‬دولنا‮ ‬تعاني‮ ‬من‮ ‬البطالة‮ ‬ولم‮ ‬نفكر‮ ‬في‮ ‬وضع‮ ‬سياسة‮ ‬توظيف‮ ‬على‮ ‬مستوى‮ ‬دول‮ ‬المجلس‮ ‬بل‮ ‬تركنا‮ ‬الأمر‮ ‬يتصاعد‮ ‬دون‮ ‬اكتراث‮ ‬لحقيقة‮ ‬التضخم‮ ‬في‮ ‬القطاع‮ ‬الحكومي‮‬.‮ ‬وأما‮ ‬سياسة‮ ‬توزيع‮ ‬الثروة‮ ‬فهي‮ ‬كذلك‮ ‬ليست‮ ‬ببعيدة‮ ‬في بعض الحالات عن‮ ‬النقد‮، ‬فلدينا‮ بعض ‬الممارسات‮ الموصوفة بالخلل، ‬وهي‮ ‬بكل‮ ‬تأكيد‮ ‬لها‮ ‬تداعياتها‮، وإعادة‮ ‬توزيع‮ ‬الثروة‮ ‬وسيلة‮ ‬أيضاً غير‮ ‬مجدية‮ ‬بقدر‮ ‬ما‮ ‬يتعين علينا‮ ‬أن‮ ‬نفكر‮ ‬في‮ إعادة‮ ‬توليد‮ ‬ثروة‮ بطرق اقتصادية فعالة ‬كما‮ ‬يحدث‮ ‬على‮ ‬سبيل‮ ‬المثال‮ ‬في‮ دولة ‬الإمارات‮ ‬العربية‮ ‬المتحدة‮ أو‮ ‬السعودية‮‬، لأن‮ ‬لديهما‮ ‬سياسات‮ ناجحة بهذا الخصوص.

د.علي الطراح

الاتحاد

تعليقات

اكتب تعليقك