الحكومة 'شورها مو بإيدها' بمشكلة البدون!.. هذا ما يراه حسن جوهر
زاوية الكتابكتب مارس 11, 2014, 1:01 ص 1274 مشاهدات 0
الجريدة
الاستفراد بالبدون المساكين
د. حسن عبد الله جوهر
يبدو أن الحكومة استغلت الظروف السياسية المحلية والإقليمية للاستفراد بـ'البدون' مجدداً عبر الملاحقات والاعتقالات والمحاكمات التي لم يسلم منها حتى الطفل الصغير 'علي' الذي اتهم بضرب أفراد الشرطة ومهاجمة المخفر، والحمد لله فقد تم الإفراج عنه قبل أحداث أوكرانيا وإلا كانت تهمة احتلال شبه جزيرة القرم من نصيبه أيضاً!
بموازاة العصا الأمنية ومصادرة حق 'البدون' في التعبير عن قضيتهم من خلال الاعتصام والتجمهر، تزيد الحكومة الزيت على النار برفضها قانون التجنيس السنوي الذي أقره مجلس الأمة على الرغم من أنها وافقت على التصويت عليه قبل فترة قصيرة جداً.
هذان المساران التعسفيان في مواجهة مشكلة 'البدون' يدلان بشكل قاطع على أن الحكومة 'شورها مو بإيدها' بهذه المسألة، والادعاء بأن موضوع التجنيس شأن سيادي 'كلام مأخوذ خيره'، فالآمر الناهي هنا مجموعة من المتنفذين الذي يملون شروطهم ومزاجهم على أصحاب القرار، وإن كانوا يمثلون حكومة دولة الكويت أو هكذا يفترض أن تكون!
فهل يعقل أن تقر اللجان المعنية بملف 'البدون'، وعلى رأسها الجهاز المركزي من خلال دراسة أوراق الآلاف من هذه الشريحة وثبوتياتهم على مدى نصف قرن من الزمن وتمحيصها وتدقيقها وتفتيشها، بأن هناك من استوفى شروط الحصول على الجنسية الكويتية ثم تدير ظهرها بكل برودة أعصاب لتحمّل مسؤولياتها الأخلاقية والقانونية؟!
وهل يعقل أن تعلن الحكومة من خلال مانشيتات الصحف بالبنط العريض بشارة تجنيس أبناء الشهداء ومنتسبي القوات المسلحة وعمال النفط منذ منتصف القرن الماضي ثم تطعنهم بالظهر دون أدنى شعور بالحس الإنساني؟!
وهل يكفي أن تتمنّن الحكومة يومياً على 'البدون' بأنها تعلمهم وتطببهم عبر صندوق الصدقات ومن خلال تصريحات لبعض الوزراء وكأنهم يتنافسون على إحراز جائزة نوبل للسلام؟!
الحكم القضائي الذي صدر يوم أمس تقشعر منه الأبدان بتلك المضامين العالية التي أنصفت طفلة سورية مقيمة بحق العلاج في الكويت دون منّة أو مكابرة، حيث ورد في هذا الحكم أن 'على الأمم أن تولي الطفولة اهتماماً تعبيراً عن اقتناعها بأن الطفل يمثل لأسرته وللوطن العام بأسره أهمية قصوى في الحاضر والمستقبل، إذ هو نبض الحياة وقوامها وسمة بقاء الإنسانية في هذا الكون'!
أين حكومتنا ووزراؤها من هذه المعاني النبيلة والحس الحضاري الأممي ونحن في زمن العولمة وتناطح الثقافات؟ وما الفرق بين من يساهم أو يرضى بقتل هذه الطفولة البريئة ويحرمها حق الحياة وحق الحصول على جنسيته إن كان مستحقاً لها، وبين تلك الوحوش البشرية الحقيرة التي تحز رؤوس الأطفال أمام ذويهم، وتنشر هذه الصور المقيتة عبر الفضائيات والإنترنت وهي تكبّر الله وتهلّل؟
الطرفان يشتركان في خصلة واحدة هي حرمان الآخرين من الحياة لمجرد أنهم ليسوا منهم... مع فارق واحد هو سلاح الجريمة!
تعليقات