ما يِطيع أهل النصايح .. ما تفيد فيه النصيحة، بقلم عبدالله زمان
زاوية الكتابكتب فبراير 23, 2014, 1:32 م 2750 مشاهدات 0
يَبرق الويل .. لايح
ويكدّر النفس .. الفريحة
إن ضايق ضيم .. البوارِح
يبكي وعبراته .. جريحة
يصرخ الآه .. طايح
إلوف مثلاته .. طِريحة
يشتكي الحال .. نايح
دَمِع عِينه .. يِبيحه
ما يطيع أهل .. النصايح
ما تِفيد فيه .. النصيحة
يمشي بدربه .. رايح
مايِدل الدروب .. الصحيحة
كتبت مقالاً سابقاً بعنوان (فشل العمل الجماعي .. ونُكران الذات) وأحسب بأنني سلّطت الضوء على جانب مهم لتأسيس التكتلات السياسية بمختلف مبانيها. ومقالنا اليوم لا ينفك عن مضمون المقال المشار إليه.
إن قرين مفهوم نُكران الذات بالأغلب الأعم هو التضحية والإيثار وبشرط أن يكون بحكمة وإقتدار. فالرهان على نجاح العمل وسط الأمواج المتلاطمة من الآراء وما تحمل تلك الآراء من تباينات ودوافع ومنطلقات يعتمد على أمرين: إمّا تطبيق آلية صناعة القرار النهائي للمجاميع الفكرية بطريقة التصويت، أو يتم التضحية بأجزاء من الرأي في سبيل إنجار العمل بحصافة وذكاء اعتماداً على المبدأ الفكري القائل بتنازل الشخص عن بعض رأيه بمجرد أن يدخل ضمن مجموعة تحمل فكراً مغايراً لفكره.
تصفّحت التاريخ لأجد مثالاً أطرحه يشرح مفهوم نُكران الذات، فلم أجد أصدق مثالاً من موقف علي بن أبي طالب (ع) بمعركة الخندق مع عمرو بن عبد وَد وهو رأس الكفر. الحادثة تقول بأن رأس الكفر بصق على وجه إبن أبي طالب، لكن الإمام علي (ع) تأخر قليلاً بقتله بعدما دار بالميدان بخيله ليذهب بعدها وبضربة واحدة ينهي حياة بن عبد وَد. وبعد الحادثة، سأل الناس علياً، لماذا تأخرت بضربه؟ فأجاب بكل بساطة، خشَت لو أنني ضربته وقتها أن أكون أقتص لنفسي، لذلك تمهّلت قليلاً حتى أستغفر وتكون ضربتي لله وحده لا إنتصاراً لذاتي.
أعرف بأنني غير موفّق بذكر مثالاً مثل هذا على واقعنا السياسي المريض جداً، ومن الطبيعي أيضاً أننا لا يمكن أن نتجاهل حاجتنا لبعضنا البعض بمن فيهم المرضى وضعاف النفوس. وهذا لعمري رهان مضاف لرهان النجاح الأول .. إذاً ما الحل؟
بنظري يا سادة، أن يتمهّل البعض بطرح النصيحة ولا يندفع نحو رأيه ويدفع به وسط الغرباء فكرياً وإن اعتقد بأنه الأصوب، وبالوقت ذاته لا يجب على المخلص الصادق أن يحمل هماً أكبر من وسعه أو مقدرته وإن أوتي خبرة كثيرة.
القصيدة بصدر هذا المقال للشاعر الكويتي مرهف الحس راشد بورسلي، وهي قصيدة تجمع مضامين هذا المقال والمقال السابق.
عبدالله زمان
تعليقات