خالد الجنفاوي يحلل أسباب تميز المجتمع الغربي أخلاقياً
زاوية الكتابكتب فبراير 22, 2014, 12:57 ص 1316 مشاهدات 0
السياسة
حوارات / الغرب لا يتصنع الفضائل الأخلاقية
د. خالد عايد الجنفاوي
“يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ” (المائدة 8). أعتقد أن أي مجتمع يحافظ على كرامة الإنسان ,ويكرس التعامل الرحيم معه, هو مجتمع أخلاقي. فالأخلاق لا تعكسها الشعارات الأخلاقية البراقة, بل الأخلاق ممارسات وسلوكيات وتصرفات ملموسة. فلا صحة ولا منطقية لما يطلقه البعض في مبالغاتهم عن التهتك الأخلاقي في المجتمعات الغربية, فلو كان هذا الانطباع السلبي حول أخلاق الغرب صحيحاً كما يصفه الكارهون للتحضر والتسامح, لما أصبح الغرب ديمقراطياً وإنسانياً وأخلاقياً. لا ينفع تصنع المثل والمبادئ, والفضائل الأخلاقية بينما ينافيها ما يحصل فعلاً على أرض الواقع. الغرب عموما لا يتصنع أخلاقياته الاجتماعية, أو فضائله الاخلاقية, فهي نتجت من خبرات تاريخية, وسياسية, وأدبية, وعلمية كرست التعامل الإنساني الرحيم والحفاظ على كرامة الإنسان مهما كان لونه, وعرقه, ودينه, وميوله النفسية. الغرب أخلاقي لأنه يحافظ على كرامة الإنسان من الإهانة والتعدي ويوفر له خيارات متعددة لعيش حياة إنسانية مثمرة, أما في بعض المجتمعات الرجعية التي لا تزال تجتر ما تظن أنه ماضيها المجيد, فيندر أن توائم الشعارات والعبارات الأخلاقية الرنانة مع ما يحدث على أرض الواقع. في الغرب فقط يستطيع الإنسان مهما كان لون جلده ومهما كانت ديانته ومهما كانت ميوله الشخصية ان يعيش حياة إنسانية كريمة قولاً وفعلاً, أما في بعض الدول والمجتمعات المتخلفة, فأكثر ما تتميز به هو سعيها المستميت الى وأد حرية الإنسان أو تجييرها للمكاسب السياسية الضيقة: الغرب أخلاقي وسيستمر كذلك لأنه يرتكز في قوانينه, وإجراءاته, وسلوكياته العامة على احترام آدمية الإنسان وتمكينه من ربط آماله وتطلعاته بما يمكن أن يحققه من إنجازات ونجاحات مشروعة. الإنسانية والرحمة والتعاطف الآدمي تتأكد يوميا في غالبية المجتمعات الغربية, بينما تتدهور مجتمعات أخرى ويتنافس بعض أعضائها على قهر الإنسان فقط لأنه مختلف. الغرب إنساني وأخلاقي لأنه يكره التطرف في كل شيء, ولأنه بنى حضارته الرائعة على الاعتدال, وعلى التفكير العملي, وعلى حقوق الإنسان, ولا أعتقد أنني أبالغ هنا إذا أكدت أن المجتمع الغربي سيستمر متميزاً أخلاقياً ما دام يحافظ على تكريس مبادئ العدالة الاجتماعية, والمساواة في المواطنة, ويكافح التمييز العنصري, والطبقي, ويستمر يسعى الى الحفاظ على كرامة الإنسان.
تعليقات