سر حنين الشعوب العربية إلى عهد الملكية!.. بقلم فاطمة البكر

زاوية الكتاب

كتب 759 مشاهدات 0


القبس

وهج الأفكار  /  الحنين إلى الماضي الجميل!

فاطمة عثمان البكر

 

• الشعوب العربية اليوم تطالب بالأمن والاستقرار قبل ثورات الخبز.

تسترعي الانتباه اليوم - في عالمنا العربي والاقليمي والدولي - موجة عارمة عاصفة عاطفية إنسانية اجتماعية سياسية من حنين للماضي، وذلك الماضي الذي بدأ يحيا من جديد في الذاكرة، لم يعد ذلك الماضي بقايا أطلال ولا حكاية من حكايات الأولين.

الماضي الذي يحيا من جديد دليل على جدب الحاضر والواقع ومرارته، ودليل على إنجازات رغم بساطتها، ولأنها كانت صادقة ظلت باقية، سواء أكانت من الناحية المادية أو المعنوية أو حتى السياسية، ففي عالم السياسة حنين إلى عودة «الملكية»، فالملكية أصبحت اليوم رمزاً للنبل والسمو وحياة النبلاء واستقراراً وعدلاً للفقراء لم يسبقه عهد إلا في الدول التي ما زالت بحمد الله تعيش بأمن واستقرار وسلام، وإن جارت الأيام في العصر الحالي من تغييرات بدأت في النفوس وضربت بالمبادئ، وجعلت تلك الشعوب تسقط من حفرة إلى حفرة، وجعلت من شوارعها وميادينها مسارح للنزال والقتال وشلالات الدم المسفوك على أرصفة تعيسة تتطاير أحجارها في كل اتجاه، كانت في عهد الملكية أرصفة للفكر والمفكرين، للثقافة والمثقفين، فكان عصراً ذهبياًَ سطعت فيه كل المواهب، الفقراء كانوا نجوماً في مبادئهم، في تعاملهم، اتجهوا إلى «العلم» ونهلوا من العلوم ومن الثقافة من منابعها، ثم لم يلبثوا بما توافر لهم «في عهد الملكية» من أمن واستقرار، فكانوا هم النبلاء وهم المثقفون وهم القادة في شتى المجالات.

الديموقراطية؟ الحرية؟ لم تشك منها الشعوب العربية في كل مكان، أُفرغت من مضامينها ومن تطبيقاتها على أرض الواقع، بل والأدهى والأمرّ أنها تحوّلت إلى دكتاتورية لم تشهدها أعتى الدول الدكتاتورية في العالم.

من نظرة واقعية إلى أحوال الشعوب العربية اليوم الهائجة في مدن الحزن تطلب وتطالب وتتسول الأمن والاستقرار قبل «ثورات الخبز»، سترون كيف أصبح اليوم ليس الخبز، فليس بالخبز وحده اليوم يحيا الإنسان، بل المحافظة على حياته ووجوده في ظل فقدان الأمن والاستقرار والاستمرار في الحياة ليس إلا!.

وفي مواجهة ومواكبة الثورة التكنولوجية السريعة المذهلة، وقف من وقف حائراً، فلا هو يستطيع مجاراة تلك الثورة الحديثة، ولا هو يعيش في ذلك الماضي، فلقد تغيّرت الأساليب وغزت تلك الثورة كل العالم بأسره، فكان هذا الاضطراب وهذا الذعر ردة فعل تلقائية هي اليوم بالعودة إلى إحياء ذلك المجد التليد اتخذ أشكالاً وأساليب متعددة من مناسبات ومعارض، وحتى في العالم المتقدم انظروا كيف أنهم اليوم يفخرون بذلك الماضي الذي بقي كمتاحف يفخرون بها، وبماضيهم الذي تمثل في الكنائس القديمة والمتاحف وحتى الشوارع ويمتد إلى القصور ومنازل الشعراء والأدباء والعلماء.

الماضي لا يعود، ولكنه يبقى في الذاكرة والوجدان، يحكى اليوم في عالمنا حقبة من الزمان شيد بالصدق والأمانة والعدل ولم تتوافر للشعوب العربية، وهي تدخل من ثورة إلى ثورة أوصلتها إلى ما أوصلتها.. من تدهور مستمر من سيئ إلى أسوأ، فهل تدركون اليوم لم الحنين إلى عهد الملكية.. عهود الاستقرار والأمن والأمان وانظروا حولكم اليوم لتدركوا تلك الحقيقة؟!

القبس

تعليقات

اكتب تعليقك