هل حقاً توجد ضرورة للاتفاقية الأمنية؟!.. سؤال يطرحه ويجيب عنه النيباري
زاوية الكتابكتب فبراير 12, 2014, 12:14 ص 571 مشاهدات 0
القبس
الاتفاقية الأمنية لا ضرورة لها
عبد الله النيباري
يُثير مشروع الاتفاقية الأمنية لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية سؤالاً أساسياً هو: هل فعلاً هناك حاجة أو ضرورة لمثل هذه الاتفاقية؟
في العقود الأخيرة حدثت تطوُّرات على جانب كبير من الأهمية على المستوى الدولي، وأهمها المواثيق المتعلقة بحقوق الإنسان، وضرورة تطوير التشريعات الوطنية في كل دولة عضو في الأمم المتحدة، لمزيد من حريات التعبير بجميع أشكالها، بما فيها حق الاحتجاج السلمي، بجميع الوسائل، بل زاد الاهتمام الدولي، ليس فقط بالحقوق والحريات الأساسية، ليشمل توفير المزيد من الضمانات الاجتماعية.
وشهد العقد الأخير من القرن الحالي والنصف الأخير من القرن الماضي تميزاً بالحركات الشعبية في جميع المجتمعات ضد التسلُّط والقهر وتركز السلطات في أيدي الحُكام. فإذا كانت المجتمعات البشرية تنهج على طريق المزيد من الحريات والضمانات لحقوق المواطنين وإصدار المواثيق الدولية التي تتناول الحقوق الاجتماعية للعمال والنساء والأطفال وذوي الاحتياجات الخاصة، ومكافحة الفقر ومحاربة الفساد والمحافظة على البيئة ومحاربة التلوث من جميع مصادره. ودول مجلس التعاون، بصفتها أعضاء في الأمم المتحدة، وشاركت في إعداد الكثير من هذه المواثيق ووافقت على معظمها، إن لم يكن مجملها، فلماذا تسير باتجاه معاكس لتيار تقدُّم البشرية؟ ولماذا هذا الحنين للعيش في ظل قيود موروثة من عصر بائد تجاوزته البشرية؟
الاتفاقية الأمنية المقترحة، ما هي إلا مزيد من إجراءات ملاحقة المواطنين، إذا ما ارتكبوا جريمة إبداء رأي، أو اتخاذ موقف لا يُعجب السلطة، أو رفعوا عقيرتهم بالمطالبة، ولو بجزء يسير من إبداء الرأي في شؤون بلدهم. والاتفاقية تطلق إجراءات ملاحقتهم داخل بلدهم، أو في دول مجلس التعاون الأخرى، بل الأكثر من ذلك، فالمادة الثالثة من الاتفاقية تجرّم أي مواطن أو مقيم في أي من دول المجلس إذا تدخل في شؤون أي من الدول الأطراف، والمقصود هنا طبعاً إبداء رأي ما يمس أي دولة عضو في المجلس، وهو أمر قد يُعد جريمة وفق قوانين الدولة الشاكية، وتعريف الجريمة مطاط، قد يمتد ليغطي أي تصرُّف أو موقف لا يعجب تلك الدولة.
ثم إن الملاحقة والتزام الدول بتسليم وإعادة مَن صدرت بحقهم أحكام قضائية قد يكون مقبولاً، ولكن أن يمتد ذلك إلى مَن وجهت إليهم تهم، حتى من دون إثباتها أمام القضاء وصدور أحكام، فهو مرفوض رفضاً قاطعاً. منذ قيام مجلس التعاون وحتى الآن لم تحدث في دول مجلس التعاون أعمال أو تصرُّفات أو مواقف أدَّت إلى اهتزار الأنظمة السياسية لدولها. فهل حقاً توجد ضرورة لهذه الاتفاقية؟!
لقد استطاعت دول المجلس، بقوانينها وأنظمتها الصارمة وإجراءاتها القهرية، ضبط وكبت أنفاس المواطنين بالعصا، إن لم تنفع أدوات ووسائل التدجين، من منح مالية وهبات وظيفية.. وما إلى ذلك، فما هي الحاجة لمزيد من الضبط والملاحقة والتكبيل الذي توفره هذه الاتفاقية؟
المنظمات العالمية والدول، ومنها الحليفة، كالولايات المتحدة الأميركية، ترصد وتصدر تقارير سنوية عما تتمتع به الشعوب من حقوق وحريات أساسية وفاعلية المؤسسات في كل دولة، لضمان ذلك، بل ومدى فاعلية مؤسسات المجتمع المدني في كل دولة، لتمكين مواطنيها، رجالاً ونساءً، من ممارسة حقوقهم الأساسية.
هذا ما توصل إليه المجتمع البشري.. فلماذا تصرُّ دول مجلس التعاون في الاستمرار والإمعان في التجديف ضد التيار؟
تعليقات