خصخصة الدعوة الدينية!.. بقلم أحمد الصراف
زاوية الكتابكتب فبراير 8, 2014, 2:12 ص 564 مشاهدات 0
القبس
الفكر الديني.. والملكية الفكرية
أحمد الصراف
قام قبل فترة داعية سعودي مشهور، وله في الرياض قصور، بسرقة أدبية فاحشة، تمثلت في نقل كامل محتويات كتاب مؤلفة سعودية ونسبته الكتاب لنفسه. وقد قامت المتضررة في حينه برفع دعوى عليه، وصدر حكم تعويض لمصلحتها وسحب كتاب الداعية، الذي ساهم في إرسال آلاف الشباب للموت في مهمات «جهاد»، ولكن بعد أن حقق الملايين من وراء بيع كتابه المسروق، وسبق أن كتبنا عن هذه السرقة في حينه.
ويبدو أن المسألة قد راقت لرجل الدين «العالم!»، حيث قام قبل فترة قصيرة بالتعدي على حقوق ملكية فكرية ثانية، تمثلت في نقل نصوص كاملة، حرفيا، من كتاب «صور من حياة الصحابة»، ونسبتها الى نفسه، وقراءة تلك النصوص، وكأنها له، من خلال برنامج تلفزيوني من إعداد وتقديم «عالم حرامي»! وبسبب جهل العامة بأفعال هذا الشيخ فقد لقي برنامجه نجاحا وحقق مكاسب كبيرة له، من خلال ما يبث من خلاله من إعلانات عن معاجين أسنان وبامبرز... محرمة!
وقد تساءل الزميل السعودي فهد الحربي عن سبب لجوء هؤلاء «الدعاة» الى سرقة إنتاج غيرهم ونسبته الى أنفسهم، وهم اصلا في غير حاجة الى مال أكثر مما لديهم، كما أن السرقات مكشوفة جدا. وقال ان السبب، في نظره، يعود إلى أن هذا العالم المدعي لا يرى في النقل الأدبي أي مشكلة، فهو من مدرسة تعودت على النقل الحرفي، ولا تشترط الفهم والاستنتاج والإضافة. كما أنه يمثل تيار خصخصة الدعوة الذي يعتمد على نجومية الشيخ أكثر من علمه الغزير، فالناس يقبلون على الاسم اللامع أكثر من المحتوى، هذا غير أن الخصخصة تعتمد دائما على تنويع المنتجات للمستهلكين بغرض زيادة الأرباح، لذلك تحول الشيخ إلى ماكينة هادرة تنتج البرامج التلفزيونية والإذاعية والكتب والندوات والمحاضرات، وكل هذا الجهد الجبار يصعب أن يقوم به رجل واحد، لذلك لا بد من الاستعانة بفريق من المساعدين لزيادة خطوط الإنتاج! ولأن الوقت من ذهب، بل من ملايين الريالات، فإن المكائن تعمل بأقصى طاقتها، فلا يصبح هناك فرصة للتمويه من خلال إضافة سطر أو سطرين، بل يتم النقل حرفيا من دون أدنى حاجة الى ذكر المصدر، وهكذا غرق العلم والفكر في بحر السوق الاستهلاكية!
وهكذا نرى أن غالبية إنتاج هؤلاء الدعاة لا يخرج عن نقل ما ورد ذكره على لسان أو كتب غيرهم، واجترار المواضيع والقضايا والقصص نفسها سنة بعد أخرى، وقرناً بعد آخر. فالمهم الربح المادي الدنيوي، وليس من اين تم النقل، خاصة أن الفكر الديني لا يؤمن، أو حتى يعرف معنى الملكية الفكرية، وليس لها عقاب في كتبهم.
تعليقات