الديمقراطية تعددية وليست حزبية.. هكذا تعتقد فاطمة الشايجي

زاوية الكتاب

كتب 622 مشاهدات 0


الشاهد

حبر على ورق

د. فاطمة الشايجي

 

يمكن لنا أن نهنئ تونس إذا تحول الحبر الذي على ورق إلى جني الثمر من العرق ، وهو تحوّل يحتاج إلى تعاون الجميع لنقل الدولة الفاضلة من الورق إلى أرض الواقع، وذلك عندما يتم تفعيل مواد الدستور ليحدث التغيير الفعلي، وإذا كنت سأتقدم بالتهنئة لشعب تونس فلن يكون ذلك بسبب كتابة الدستور واعتماده ، فنحن لا نستطيع أن نجزم أن تكون تونس هي الدولة العربية التي ستمارس الديمقراطية بمجرد تصديقها على الدستور، وأكبر دليل على ذلك الكويت لديها دستور أكثر من خمسين عاما وهو قريب لفصول الدستور التونسي الجديد مع بعض الاختلافات مثل: طبيعة الحكم بالكويت، وقانون الأحزاب..وغيرها، ومع ذلك نجد أن هناك إخفاقات أصابت مسيرة الديمقراطية والسبب ليس في نصوص الدستور وإنما في النفوس التي تتعامل مع مواد الدستور، فهي نفوس لا تقرأ الدستور من أجل إصلاح أو تنمية وإنما هي تبحث وتتعامل مع مواد تدّعم من فكرها، وتعزز من وجودها لتكون لها الغلبة على باقي الشعب.

اعتقد أن الفئة التي هنأت الشعب التونسي وجدت فصولا «مواد» تتناسب مع أهدافها ليس إلا. بل إنني اجزم أنها تتخذ من مقولة أرسطو الشهيرة «إن الدستور هو ترتيب مناصب الحكم في دولة ما» . لذلك نجد هذه الفئة تسعى جاهدة لتغيير الدستور أو لبعض من مواده سعيا للمناصب وليس سعيا للتنمية.

إن فرحة الشعب التونسي بالنتيجة التي توصلوا إليها وهي تحويل الدولة البوليسية إلى دولة مدنية ، فرحة أتت بعد نضال دام ثلاثة أعوام لكتابة نص دستوري ولا يعني هذا نهاية المطاف، بل تونس الآن أمام تحديات أكثر بكثير من ذي قبل ، وإذا كان التنظير أخذ من الجهد ما أخذ، فالتطبيق يحتاج إلى جهد أكبر وروح تعاونية أقوى لتنعكس مبادئ الدستور الفاضل على الدولة لتتحول إلى مدنية.

وإذا كان لزاما علينا أن نهنئ الشعب التونسي فيجب علينا أن نوضح أن التهنئة الحقيقية موجة إلى الشعب بحصوله على ممثلين لديهم من الروح الوطنية ما تكفي للاتفاق على منهج ساعدهم على اجتياز كل المصاعب التي واجهتهم وساهم على تجاذب جميع الأقطاب السياسية، للوصول إلى هذه المرحلة بما فيهم التيار الإسلامي الذي استوعب أن الكثرة لا تعطي الحق بالتسلط أو الوصاية على الشعب، وإنما هو تيار يمثل جزءا من الشعب التونسي وليس الشعب بأكمله، كما نتمنى أن يلتزم التيار الإسلامي بمبادئ الدستور الذي وافق عليه لتبدأ تونس مسيرتها الديمقراطية.

وما أعجبني في فصول الدستور التونسي الفصل 145 الذي يؤكد أن توطئة هذا الدستور جزء لا يتجزأ منه.. ولكم أن تتمعنوا في قراءة هذا الجزء المهم في هذه التوطئة حيث ذُكر فيها الآتي وتأسيسا لنظام جمهوري ديمقراطي تشاركي، في إطار دولة مدنية السيادة فيها للشعب عبر التداول السلمي على الحكم بواسطة الانتخابات الحرة وعلى مبدأ الفصل بين السلطات والتوازن بينها، ويكون فيه حقُّ التنظّمِ القائمِ على التعددية، وحيادُ الإدارة، والحكمُ الرشيد هي أساسَ التنافس السياسي. وسبب إعجابي هو أنني أؤمن أن الديمقراطية تعددية وليست حزبية، ولقد جسدت هذا الإيمان ببحث علمي نلت عليه درجة الدكتوراه. وها أنا أحاول أن أشارك المجتمع بالنظر في هذه الفكرة عله يقتنع قبل فوات الأوان.

الشاهد

تعليقات

اكتب تعليقك