التحرر من الشخصانية ليس مستحيلاً.. بنظر خالد الجنفاوي

زاوية الكتاب

كتب 1005 مشاهدات 0


السياسة

حوارات  /  التحرر من الشخصانية

د. خالد عايد الجنفاوي

 

توجد سمة سلوكية نمطية سلبية تؤدي عادة إلى إثارة النزاعات والمماحكات الجدلية في المجتمع وهي 'شخصنة' القضايا المحلية بسبب تكلف النرجسية الفردية, وعدم قدرة البعض على النظر إلى الأمور من ناحية عقلانية أو منطقية أو مهنية, فعندما يُقيم أحدهم الافكار والانتقادات الموضوعية وينسبها الى شخص معين, بدلاً من النظر إلى مضامينها الأصلية فهو 'يشخصن' الأمور ولا يرغب في الاستماع الى وجهة النظر الأخرى. اذ يصعب على شخص تعود على التفكير النرجسي أن ينظر الى كل ما هو مختلف عنه أو ما يتعارض مع آرائه على أنه نقد بناء أو موضوعي التحرر من الشخصانية وهم في بعض المجتمعات وحقيقة في مجتمعات أخرى. 
على سبيل المثال, ثمة نوعية من بني البشر متعصبين بالفطرة لآرائهم ووجهات نظرهم الشخصية, ولن تؤثر فيهم الحرية الديمقراطية إيجاباً, ولن تجعلهم أكثر مهنية أو أكثر تسامحاً. فالشخصانية ترجع على ما يبدو الى نوع البصمة الذهنية لدى بعض الأشخاص, وربما ترجع للطبيعة التاريخية والثقافية لبعض المجتمعات, ولكن مع هذا, هناك متسامحون ومرنون بطبيعتهم وآخرون أنانيون ونرجسيون للغاية ينتمون الى المجتمع نفسه! 
العقلية الشخصانية نرجسية ومنفصلة عن الواقع باختيارها, فلا ينصت هذا النوع من الأفراد سوى لصدى أصواتهم ولا يقبلون سوى ما يتوافق مع وجهات نظرهم الضيقة حول العالم الخارجي. فمهما حاول الطرف الآخر استعمال نقاش مهني ومتجرد من المصالح الفردية مع الفرد الشخصاني فلن يترجمه هذا النوع الأناني من بني البشر سوى أنه هجوم شخصي عليهم! 
لم يُعرف عن التفكير بشكل شخصاني أنه ادى إلى تطوير المجتمع, بل على العكس تؤدي شخصنة القضايا والاهتمامات المحلية المشتركة إلى توتير العلاقات الاجتماعية واحتقانها, وذلك بسبب إصرار البعض على نرجسيتهم, فلا شأن للنقد الموضوعي والاقتراحات العملية للمشكلات والتحديات بأصل وفصل والانتماء الاجتماعي للفرد الذي يقدمها للآخرين, فما شأن أصلي وفصلي كفرد وما شأن فئتي الاجتماعية التي أنتمي إليها بما أقدمه من آراء ما دُمت لا أتعدى على حريات الآخرين ولا أزدريهم, وأحاول قدر ما أستطيع أن أساهم بشكل بناء وإيجابي في إيجاد حلول لمشكلات تعيق تطور بيئة العمل الوظيفي, أو المجتمع ككل? 
التحرر من الشخصانية حقيقة يمكن الوصول إليها مع قليل من الصبر والاصرار على تطبيق التفكير العقلاني والعملي, والسعي المتواصل الى فصل ما هو مهني بحت عن ما هو شخصاني بحت. 

السياسة

تعليقات

اكتب تعليقك