تونس وفرحة إنجاز الدستور المدني!.. بقلم وليد الرجيب

زاوية الكتاب

كتب 1208 مشاهدات 0


الراي

أصبوحة  /  تونس جمهورية مدنية

وليد الرجيب

 

صوّت أعضاء المجلس التأسيسي في تونس على الدستور الجديد، الذي وُصف بأنه أول خطوة على طريق بناء الدولة الديموقراطية المدنية الحديثة في تونس، وسادت بعده أجواء احتفالية لأعضاء المجلس التأسيسي الذين قالوا «نعم» بغالبية ساحقة، فقد صوت 200 عضو بـ«نعم» للدستور في حين صوت 12 نائباً ضده وامتنع 4 أعضاء عن التصويت أو أعلنوا تحفظهم.

وبهذا الدستور الجديد عبرت تونس مرحلة انتقالية صعبة، سيطرت خلالها حركة النهضة الاسلامية على الوزارات والمؤسسات والبرلمان التونسي في خطوة شبيهة بما حدث في مصر، وسادتها أعمال عنف واغتيالات لشخصيات وطنية مثل القائد التقدمي البارز محمد البراهمي، ونشطت خلالها الجماعات الارهابية وخاصة جماعة «أنصار الشريعة» التي يقودها «أبو عياض»، وصُنفت منظمة ارهابية أرادت تحويل تونس من مدنية الى دولة اسلامية، وتصدى لها الجيش التونسي وقتل قائدها المتشدد.

ومنذ قيام أول ثورة في ما سمي بـ«الربيع العربي» قبل ثلاث سنوات في تونس، وأطياف الشعب وأحزابه وجبهاته السياسية تتصدى للجماعات الاسلامية التي حاولت خطف الثورة وتحويلها عن مسارها بعد اسقاط الديكتاتور زين العابدين بن علي، ومنعها من السيطرة والتحكم بمفاصل الدولة، التي بدأت بالفعل على يد حركة النهضة الاسلامية، وهي جماعة الإخوان المسلمين في تونس.

ورغم أن زعيم حركة النهضة راشد الغنوشي قد حظي بمنصب رفيع في التنظيم الدولي للاخوان في الاجتماع الذي عقد في تركيا العام الماضي، على اثر أزمة إخوان مصر بعد اسقاط الشعب لهم، الا أنه استفاد من أخطاء إخوان مصر خاصة وأن الشعب التونسي وجيشه تصديا لتحويل تونس وسيرها على خطا إخوان مصر، والإصرار على تحقيق أهداف ثورة الشعب التونسي.

وتتميز تونس بأحزاب وطنية وديموقراطية وتقدمية قوية، كما تتميز بحركة نقابية عمالية ذات تأثير وفعل على الساحة السياسية، وتتميز أيضاً بإرث مدني وسعت هذه القوى السياسية الى بناء تحالفات قوية من أجل الحفاظ على الثورة وتحقيق أهدافها المدنية الديموقراطية والتأكيد على الحريات السياسية والمطالب الاجتماعية.

والدستور التونسي الجديد الذي وُصف بأنه توافقي، نص في احدى مواده أن تونس جمهورية مدنية، ولكنه جاء متوازناً للمرحلة الجديدة حول ضرورة أن يكون رئيس الجمهورية مسلماً، كما أنه فتح آفاق العمل السياسي للأحزاب دون قيود أو تعقيدات، كما أنه جرّم التكفير والأعمال الارهابية.

وفي الوقت الذي احتفلت به تونس بكون الدستور نقلها الى الجمهورية الثانية، وصف هذا الدستور الذي احتوى على 149 فصلاً أو مادة على أنه دستور ليبرالي والأكثر تقدمية، حيث تنازل الاسلاميون عن اعتماد الشريعة الاسلامية كمصدر أساسي للتشريع، وتضمن على حرية الضمير والمعتقد وتجريم التكفير وحماية المقدسات.

وبينما عبر أعضاء المجلس التأسيسي عن فرحتهم لنتيجة التصويت ورفعوا أعلام تونس وأنشدوا النشيد الوطني ورددوا تحت أجواء من التأثر شعارات مثل «أوفياء أوفياء لدماء الشهداء»، في اشارة الى شهداء الثورة، أعلن رئيس الوزراء الجديد مهدي جمعة تشكيل حكومة مستقلة ستقود البلاد الى انتخابات هذا العام، وستحل بديلاً عن حكومة حركة النهضة بقيادة علي العريض.

نبارك للشعب التونسي في الذكرى الثالثة لقيام ثورته المجيدة، ونبارك له انجازه لهذا الدستور المدني، ونتمنى أن يتمكن الشعب ومؤسساته التشريعية من بناء دولة ديموقراطية مستقرة، تسير على طريق التقدم والعدالة وتقضي على الأزمات التي كان يعانيها الشعب أيام حكم بن علي والحكومة الانتقالية.

الراي

تعليقات

اكتب تعليقك