لا يوجد شيء موزون في واقعنا.. هذا ما يراه جعفر رجب

زاوية الكتاب

كتب 1322 مشاهدات 0


الراي

تحت الحزام  /  لصوصنا يصفدون بالبشوت

جعفر رجب

 

منذ أن دخلت «الراي» حاملا أوراقي ورسوماتي قبل الف سنة وهناك دائما اعمال وعمال يحفرون امامها، يضعون «بايبات» كبيرة ويدفنونها، ثم يحفرون ويدفنون، لا احد يعرف سر علاقة الاشغال بـ «الراي»، ولكني اكتشفت لاحقا انهم يزرعون اجهزة تنصت لمراقبة اتصالاتي وتحركاتي واخباري وافكاري وافطاري الصباحي!

ومنذ ان خلقت الجابرية قبل خمسمئة سنة، وهناك دائما حفارات تعمل، وشاحنات تتحرك، وجرافات تحفر شوارعها وتحتل أرصفتها، لا احد يعرف سر علاقة الاشغال بهذه المنطقة بالذات، فلا دفن قارون في الجابرية حتى يبحثوا عن كنزه، ولا خاتم سليمان ضاع تحت شوارعها، ولا اموال التنمية مدفونة تحت زفتها... ولكني اكتشفت ان القضية هي قضية حب بين مهندس في الاشغال واحدى سيدات الجابرية ما يجعله يحفر دائما هناك مرددا قول الشاعر «وما حفر الشوارع شغف قلبي ولكن حب من سكن الجابرية» اعرف ان الشعر غير موزون، ولكن ما هو الشيء الموزون في واقعنا حتى نستغرب من شعر بلا وزن ولا قافية والعافية.

ومنذ ان خلقت من طين، وكنت طفلا ثم حدثا ثم شابا ومازلت شابا، وانا اتساءل عن سر الدائري الاول الذي لا يمكن ان يستقر على حال، وكل وزير يمر على الاشغال لا يفكر الا بتجميل هذه القبيحة التي لا تترقع، والتي اصبحت هدفا مغريا لاطباء التجميل حيث يمارسون تشوهاتهم من اجل نهب اموالها، في آخر مراحل تجميلها، بنو انفاقا، وجسورا، وشارات مرور، وخلقوا للناس فوضى جديدة، وكان شعار الحكومة في تعديلات الشاعر هو «فيك خير اوصل»، فالشارع الآن دائما يوصلك الى المكان الذي لا ترغب به، ومن عبقرية التخطيط انك تشاهد الموقع الذي تريد الوصول اليه امامك ولا تستطيع الوصول إليه لا بشق الانفس ولا بشق ملابسك، ويبدو ان مهندس الشارع بناها مستلهما حالة الحكومة التي قررت السباحة في التنمية فغرقت، وقررت البناء فهدمت، وقررت السير فضاعت، وقررت ان تكون مركزا ماليا فصارت مركزا للفوضى والفاسدين، وقررت محاسبة سرقة الداو فحاكمت وعاقبت ظلها، وقرر اعتقال اللصوص فصفدتهم بالبشوت المذهبة!

في روما، وانت تسير في شوارعها، ينبهك الدليل السياحي «هذا الشارع بني قبل الفي عام، ومازال في مكانه لم يتغير منه حجر»، وفي الكويت وانت تسير في شوارعها، ينبهك الدليل السياحي، هذا الشارع استفاد منه ألفا حرامي ولص... في نهاية الاسبوع يتحدثون عن الامانة وحب الوطن ومحاربة الفساد والهدر والعجز الاكتواري والشعب البطران الحسود!

أتوقف عن الكتابة حاليا، فأنا مشغول، وامامي علامة في نهاية الدائري الاول مكتوب عليها «قبلة»، وحاليا واقف تحت الاشارة بانتظار «القبلة»... وكم قبلت الحكومات هذا الشعب قبلات كقبلة يهوذا للمسيح!!

الراي

تعليقات

اكتب تعليقك