الزيد يكتب عن ادانة ٢٠ متهماً بتزوير دعم العمالة

زاوية الكتاب

السجن من ٧ إلى ١٠ سنوات لمن اختلس مئات الدنانير ومن يسرق مئات الملايين لا يحاسب

كتب 4206 مشاهدات 0

صورة تعبيرية

الخلاصة
سرقات الكبار

قال رسول الله - عليه أفضل الصلاة والسلام -: «إنما أهلك الذين قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد، وأيم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها». وقصة هذا الحديث الشريف أن امرأة رفيعة النسب من بني مخزوم سرقت، فاجتمع عدد من كبراء قريش لشأن هذه المرأة يريدون إنقاذها من إقامة الحد عليها، فقالوا: من يكلم فيها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال بعضهم: ومن يجترئ عليه إلا أسامة بن زيد حب رسول الله، فكلمه أسامة شافعا لها من إقامة الحد عليها، فغضب الرسول الكريم، وقال: أتشفع في حد من حدود الله تعالى؟ ثم قام الرسول الكريم فخطب بالناس، فقال الحديث الذي بدأنا به المقال.

تذكرت هذا الحديث الشريف وقصته المعبرة حينما قرأت عن حكم بسجن عشرين متهماً في القضية التي اشتهرت باسم «تزوير دعم العمالة» وتراوحت أحكام سجنهم بين 7 و10 سنوات، وقصة هؤلاء أنهم استولوا على أموال عامة من خلال التزوير في البيانات التي قدموها لجهاز دعم العمالة، وهي جريمة ولاشك، والقضاء ينظر الدعاوى المعروضة عليه من واقع ما يقدم إليه من أدلة وبراهين ويستمع حجج أطراف الدعاوى، ولا يمكن لنا أو لأي شخص أن يلوم القضاء في إصدار مثل هذا الحكم فالاستيلاء على الأموال العامة من أخطر الجرائم وأكبرها أثراً في المجتمع.

لكن اللوم يقع على الحكومة بشكل عام، وعلى بعض الوزارات والأجهزة التابعة لها، فنحن رأينا سرقات كبرى تعرض لها المال العام بشكل ساخر، ولم تقدم دعاوى بشأنها إلا بعد ضغوط نيابية أو شعبية والمصيبة أن الحكومة بوزاراتها وأجهزتها تقدم ملفات هزيلة إزاء تلك الجرائم، وتخفي في كثير من الأحيان الأدلة الصريحة على تلك الاعتداءات التي جرت على المال العام، فتكون النتيجة البراءة للمتهمين أو حفظ القضية في الأساس!

فمثلا في قضية «تزوير دعم العمالة» وجدت - حينما عدت لأرشيف القضية - أن هناك خمسة متهمين من بين العشرين متهماً ومتهمة تتراوح المبالغ المالية المطالبين بردها بين (712 - 734 دينارا فقط)، ووجدت أن أكبر مبلغ مطالب برده اثنان من المتهمين كان (2514 ديناراً) ومن مفارقات القدر أن احدى المتهمات قد توفاها الله قبل صدور الحكم فسقطت عنها القضية. ويجب أن نشكر جهاز دعم العمالة على القيام بدوره في الحفاظ على المال العام لأنه أعد ملفات الجريمة بشكل جيد، لكن ماذا عن الوزارات والهيئات والإدارات الحكومية التي تشهد سرقات يومية على المال العام وتسكت عنها، وإذا أثيرت يقومون بتقديم بلاغات ضعيفة وهزيلة ومهلهلة سعياً لتبرئة السرّاق وليس من أجل إدانتهم على الرغم من كبر حجم تلك السرقات التي تبلغ عشرات ومئات الملايين بل وصلت إحداها إلى المليارات كقضية غرامة «داو كيمكالز» التي تجاوزت الملياري دولار! ما أريد أن أقوله إننا كشعب ودولة سنهلك جميعاً - مصداقاً للحديث الشريف - لأننا نسجن الصغار ونترك الكبار، وأظنني لا أحتاج إلى تأكيد ما هو مؤكد بأن السرقة هي سرقة سواء كانت صغيرة أم كبيرة، ويجب محاسبة السراق جميعاً كبارهم وصغارهم لكننا أمام عمل ممنهج يكرس محاسبة بعض «الحرامية الصغار» ويترك كبارهم، وفي هذا المنهج يكمن هلاكنا.

النهار- كتب: زايد الزيد

تعليقات

اكتب تعليقك