الأرض عطشى .. لخط ثالث بقلم عبدالله زمان

زاوية الكتاب

كتب 2078 مشاهدات 0

عبدالله زمان

تعتبر المعارضة بالحياة السياسية ركيزة مهمة لتطوير الأداء وناتج المصلحة العامة. وتأتي هذه الأهمية من منظور تعريف المعارضة في الفكر السياسي الذي ذهب بإختصار لمذهبين. فالمعارضة وفق المذهب الأقرب للماركسية المبنية على وحدة المجتمع بتقرير المصير وإلغاء التعددية الفكرية لأن الشخص المعارض بالضرورة يرى نفسه مثلاً للمجتمع بكل ما فيه، وبالتالي ما يقوله ينسحب بالقبول القسري على كل المجتمع. والمذهب المعارض الآخر وهو المبني على الفكر الليبرالي الذي يؤمن بالتعددية الفكرية لكل فرد، لأن بالحرية الفردية تُصان الحرية الجمعية للمجتمع وبحق إعتراض كل فرد ينسحب أيضاً على مجموع إعتراضات المجتمع كمحصلة.

بعد هذه المقدمة، نستطيع تشخيص الواقع الكويتي بشكل دقيق ونتساءل، هل لدينا معارضة حقيقية بالوقت الحاضر؟ هل المعارضين اليساريين موجودين لدينا أم اليمينيين؟ أم لا هذا ولا ذاك؟ والحقيقة أن بالآونة الأخيرة ارتفع صوت المال وبسط نفوذه بكل أروقة السياسة، ليرهب العقول ويخلق الضوضاء في قبال صوت الحق ويُحيّد كل من تربطه علاقة أسرية بالمتمصلحين. فلم نعد نسمع صيحات اليساريين السابقة في وجه جشع الرأس ماليين، ولم نسمع بنكران ذات الرأسماليين بهدف تحقيق المصلحة العامة. وسبب ذلك ببساطة أن الكل يريد أن يأخذ حصّته من الكعكات المليارية. أمّا ما يخص المعارضين الواقعين بين هذين المذهبين فحدّث عن ترّهاتهم ولا حرج، إذ تجده معارضاً اليوم لقضية معينة وحين يكون المسئول عن ذات القضية ابن عمه، أصبح موالياً.

أفهم تماماً بأن لا رفض مطلق ولا موالاة مطلقة بالسياسة لكن بشرط واحد، أن تكون تلك المواقف مبنية على تحقيق المصالح العامة للناس والدولة، أمّا هو حاصل لدينا وتحديداً الموالاة فهي تُبنى على كمية الإيرادات النفعية العائدة بجيب صاحب الموقف إن كانت مالاً أو خدمات لا يهم أو حتى مناصب.

في ظل هذا الواقع المرير، أعتقد أننا بحاجة لخط ثالث يحمل صفة المعارضة الواقعية والرزينة، لا تشوبها شوائب المصالح اللحظية أو منافع بعيدة المدى. فلا يمكن بأي حال من الأحوال أن تستقيم الديمقراطية دون نهج معارض رصين وبفكر إصلاحي غير نفعي.

تلك الحاجة الماسة بهذه الأيام تجعلنا نسترقي السمع لأي صوت حق وتشخص الأبصار على أي بريق أمل يُبشّر بالخير والإصلاح بين زحمة الإحباطات الراسخة بوجدان أغلب المواطنين. فمن يحمل اليوم قبس النور وينير درب التفاؤل من جديد حتماً سيجد خلقه أفواج من المواطنين المؤمنين بأن وجودهم من وجود هذا الوطن الذي لا يملكون غيره، هؤلاء المواطنون وهم الشريحة الأكبر الذين لا يملكون المال الكافي للعيش الدائم خارج البلاد، ولا وكالات تجارية تعيلهم في المحن، ولا يملكون أرصدة مالية ضخمة نمت لديهم بفضل قهر الطبقة الوسطى.

الحتمية المنطقية المؤكدة بعد هذا كله، بأننا سنكون على موعد قريب جداً مع جبهة معارضة حقيقية تحمل هم المواطن البسيط، وتحاكي تخوفات المخلصين على هذا البلد.

عبدالله زمان

الآن - رأي: عبدالله زمان

تعليقات

اكتب تعليقك