عبداللطيف الدعيج يعترض على تركيب كاميرات لمراقبة الطلبة فى المدارس ويعتبر ذلك تجسسا وليس مراقبة
زاوية الكتابكتب يوليو 23, 2008, منتصف الليل 533 مشاهدات 0
تجسس أم مراقبة؟
بقلم: عبداللطيف الدعيج
أمر كان لافتا للنظر بشكل غريب جدا، وهو اتفاق تقريبا مجمل من تم استطلاع آرائهم في عدة صحف هنا حول عزم وزارة التربية تركيب كاميرات مراقبة في مدارسها، اتفاقهم على الترحيب بذلك، بل ابداؤهم حماسا غير عادي له.
ليس لدي اعتراض معين على تعميم كاميرات المراقبة على مدارس التربية، ولكن لدي اعتراض او في الواقع استغراب ان يتحمس الجميع بلا حدود لأمر بهذه الخطورة والمضاعفات. لا اطالب برفض القرار او الاعتراض عليه، لكن كان سيثلج الصدر ان نسمع تحذيرا هنا في عدم المبالغة، او استذكارا هناك للتعقيدات التي قد يخلفها مثل هذا القرار.
ان قرار مراقبة الطالب في المدرسة التي يقضي فيها معظم بدايات حياته لا شك سيكون له تأثير في تركيب وتشكيل شخصية هذا الطالب. سيكون هناك حد من حرية الحركة، وسيكون هناك هاجس في تقلص او حتى انعدام الحرية الشخصية. هذه تأثيرات فردية تعتمد بالدرجة الاساسية على مستوى المراقبة ومراكز الكاميرات التي نعتقد أنها لن تقتصر على الساحات العامة كما اشيع لان هذه الساحات ليست بحاجة الى المراقبة، لكونها ساحات عامة، ولكون ما يجري فيها اصلا مقبولا ومعروفا من الطلبة والمدرسين.
الاخطر من كل هذا ان هذا الطالب سيكون مسؤولا في الغد، نائبا او حاكما بهذا الشكل او ذاك. يشرع وينفذ ويخطط لبقية المواطنين، ويحدد للغير كيف يتصرف وحدود تصرفه وسلوكه. فهل فكر المتحمسون في تأثير نشأة هذا الطالب مع كاميرات المراقبة او التجسس وتأثيرها مستقبلا على سلوكه وطريقة تعامله مع الآخرين؟
كما ذكرت في البداية، ليس هذا اعتراضا على القرار، ولكن على الترحيب والحماس الذي قوبل به، والذي يبدو انه ناتج عن موروثنا الاجتماعي والسياسي الذي لا يقيم وزنا للحرية او شأنا للحقوق الشخصية. لهذا كانت تعليقات وتصريحات النواب والمواطنين على طريقة «سيروا ونحن من ورائكم» او على طريقة «ليش تأخرتوا» دون ان يكلف احد نفسه عناء استشفاف رأي المختصين والمعنيين بالسلوك الاجتماعي والنفسي ومعرفة الحدود التي يجب ان تلتزم بها وزارة التربية عند تطبيق المراقبة المباركة.
لقد نسب الى وزيرة التربية تشديدها على مراعاة طبيعة مجتمعنا (اتمنى ان يكون القصد نظامنا) والحفاظ على خصوصية الافراد عند تركيب الكاميرات. رغم ان هذا يبشر بالخير، ويؤكد سلامة المراقبة، فإن التهليل والترحيب العارم الذي قوبل به القرار يضع الف علامة استفهام عن امكانية انحراف المراقبة عند التنفيذ.
تعليقات