صالح الشايجي يكتب عن فساد الضمائر

زاوية الكتاب

كتب 518 مشاهدات 0


صالح الشايجي عرفنا في الدول الشمولية الديكتاتورية ذات الحزب الواحد وحدة الخطاب، فالناس والصحف والمنتديات واجهزة الاعلام والمسؤولون يرددون الخطاب ذاته ويلوكون الكلام نفسه، تتوحد ألسنتهم وخطاباتهم، ليبدوا وكأنهم لسان واحد وفكر واحد. هناك آلة اعلامية حزبية واحدة، تضخ مثل ذلك الخطاب، حتى تدفع الناس الى الاجماع عليه والتحلق حوله والتحدث به، لانها لا تسمع غيره وليس متاحا لها سماع غيره. في بلادنا يحدث شيء قريب من ذلك، وان لم يكن لدينا حزب واحد وشمولي، فالحكومة جاءت لمحاربة «الفساد» ومجلس الامة سيحارب «الفساد» وكل كاتب يكتب لابد ان يدخل من بوابة «الفساد» ليدلي برأيه في مكافحة هذا «الفساد» المسكين الذي ظلم على ايدينا، وصرنا اشد عليه مما هو علينا. لقد ألهانا الحديث عن «الفساد» عن «الفساد الحقيقي» في الضمائر والقرارات والقوانين والتدني في الأداء العام سواء للحكومة او الافراد او المسؤولين عن تنمية المجتمع في الجهات كافة، لان الحديث عن «الفساد» ينحصر في الاموال والفلوس والعطايا والهبات! كلام او اتهام لا نقول انه ليس صحيحا، ولكن صحته توجب علينا او على محاربي «الفساد» السعي لاصلاح النفوس - اولا - قبل اصلاح افرازاتها. ان الانسان المقهور، لابد ان يكون ما يفرزه فاسدا سواء في عقله او عمله، ونحن عبارة عن مجموعات انسانية مقهورة، نرى كيف تستلب بلادنا وتتراجع وكيف يتم القضاء على مكاسبها وعلى مصادر التنوير والاشعاع فيها، ولا نملك ازاء ما يحدث شيئا، لا نستطيع ردع اولئك «الفاسدين» الحقيقيين، ولا نقدر على لَيّ ذراعهم او ايقافهم. والعجيب ان اولئك المفسدين الذين جعلونا كشعب وجعلوا بلادنا في مؤخرة الصفوف، هم الذين يتصدون لمحاربة «الفساد»! وهم كمثل القاضي الذي يولى على جريمة هو مرتكبها. ان «الفساد» الحقيقي هو في النفوس وفي العقول، وهو في القهر والاستهانة بالناس، اما الفساد المادي، فأمره هين اذا ما أصلحت النفوس والعقول!
الأنباء

تعليقات

اكتب تعليقك