بعض دول الثورات العربية أعادت إنتاج الطغيان بثوب جديد.. هكذا يعتقد المطيري

النهار

خارج التغطية  /  الثورات الكبرى في العالم

ناصر المطيري

 

أكبر أربع ثورات سجلها التاريخ العالمي هي الثورة الاميركية والثورة الفرنسية والثورة الروسية (البلشفية) والحرب الأهلية في انكلترا، هذه الثورات العالمية الكبرى كانت هي النماذج التي استعان فيها المؤلف والمؤرخ الاميركي كرين برينتن ليقدم لنا تشخيصا وتوصيفا لفلسفة الثورات وسيناريوهاتها ومراحلها وذلك في الكتاب الذي ألفه بعنوان «تشريح الثورة». 
 ويرى المؤلف كرين برينتن أن الطبقة المتوسطة هي من تشعل فتيل الثورة من خلال تصاعد السخط والتذمر تحت وطأة الأحوال المعيشية،  فيثور الشعب ذلك وتتـوج ثورته بمعركة.. وينهار الهيكل الحكومـي تحت ضغط الديون المالية والانتفاضة الشعبية . ثم يشكل المعتدلون او الوسط السياسي حكومة جديـدة، غير ان الحكومة المعتدلة الجديدة تظهر انها غير قادرة على الصمود فـي وجه مشاكل ادارة الدولة والازمـة الاقتصادية ووضع دستور جديد وغير ذلـك.
وفي سرده لمسار الثورات في العالم يقول المؤلف : الازمةـ تبلغ الثورة الذروة عندما يصبح المعتدلون عاجزين عن اداء مهمة حكم البلاد ويطيح بهم المتطرفون او اليسار السياسي بالقوة، ويبدأ حكم الارهاب حيث يشرع المسرفون في التطرف بالتخلص من المعارضة باستخدام العنف، كمـا تتورط الحكومة الجديدة عادة في حرب خارجية في محاولتها نشر مبادىء الثورة، كمـا تبدأ الثورة بفقد زخمها ولا يعد الشعب يساندها الا خوفاً من التطهير.
ويمضي المؤلف في تشريح الثورة ويقول: ومع تزايد ضعف الثورة تدخل البلاد فترة الانتعـاش، ويتولى السلطة حاكم مركزي قوي في الحكومة الجديـدة ، ويشرع في عملية اعادة الاستقرار الى البلاد. 
ويستبعد او يعدم زعماء الثورة الاكثر عنفاً. كما يُمنح المعتدلون عادة العفو، ويبـدأ الناس في التخلص من أي علامات باقية من علامات الثـورة ويغيرون ملابسهم واسلوب حياتهم في محاولة لنسيان الثورة، ويتخلون فـي تلك العملية عن الكثير من العقائد المتسمة بالتطرف التي يؤمن بها الثوريون.
ويسـتنتج المؤلف في نهاية الكتاب ، ان معظم الثـورات تنتهي عموماً بالعودة الى حيث بدأت وتنشأ بعض الافكار الجديدة ويتحول هيكل القوة قليلاً وتطبق بعض الاصلاحات  ويمحى اسوأ ما في النظام القديم . غير ان الوضع القائم يصبح مشابهاً للوضع فـي فترة ما قبل الثورة وتشرع الطبقة الحاكمة مرة اخرى بمسك القوة. 
وهكذا يبدو من خلال كتاب المؤرخ الاميركي كرين برينتن أن مسلسل الثورات العربية لم يخرج عن هذا الاطار حيث اندلعت الثورات وما لبثت أن خمدت وأُخمدت، بل أعادت بعض دول الثورات انتاج الطغيان بثوب جديد.